آراء

إيمانويل ماكرون ” القادم من برزخ الفكر الأوروبي .!

عنايت ديكو

* كان لفوز ” ايمانويل ماكرون ” بالرئاسة الفرنسية وقعٌ كبير على شتى مناحي وجوانب الحياة الاجتماعية والنفسية والسياسية والاقتصادية في فرنسا وأوروبا. لقد رأينا إثر فوزه ارتياحاً كبيراً بين أغلب الطبقات المجتمعية والتيارات والأحزاب الأوروبية الكلاسيكية منها والتجديدية، فمعظم الأحزاب الأوروبية مثلاً رحَّبَت بفوز ” ماكرون ” على تيار ” لوپين ” المتطرف. وحتى رأينا ترحيباً خجولاً بهذا الفوز من قبل بعض أجنحة الأحزاب اليمينية الأوروبية أيضاً، لأنها أي هذه الأحزاب، أدركت أخيراً خطورة صعود هذه التيارات القومية المتطرفة والعنصرية المقيتة وتأثيرها المباشر وغير المباشر على أوروبا والعالم.

نعم … لقد أظهر هذا الفوز بأن الفلسفة الأوروبية وطريقة منهجية التفكير الأوروبي في قيادة المجتمعات، تختلف عن صديقاتها في العالم الشرقي والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها. فمثلما كانت لأوروبا عاملاً ودوراً ريادياً في نشر الوسطية والعدالة الاجتماعية في العالم خلال القرن الماضي، فها هي تؤكد مرّة أخرىٰ بأنها قادرة وبفضلِ وحدتها الاقتصادية والسياسية والجغرافية والفكرية على قيادة شعوبها ثانيةً ومتسلحة بالفكر الأوروبي الحرّ والليبرالي وإيصالها الى الشواطئ الأكثر أمناً وهدوءً ، بالرغم من تعالي الأمواج الهائجة والانهيارات والتحالفات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية في العالم.
لقد أثبت هذا الفكر الأوروبي الليبرالي الجديد بأنه يملك كموناً كثيفاً ودينامياتٍ كبيرة ومتفاعلة يستطيع من خلالها استشفاف المستقبل وقيادته بكل أريحية، وأثبت أيضاً بأنه قادر على تجاوز الخلافات والصعاب والأزمات التي تقف وتتراكم أمام تطورهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري.
فإن نجاح ” مانويل ماكرون ” والقادم من برزخ اليسار واليمين الأوروبي، يعكس تلك الحالة النوعية والفريدة التي يتصف ويتمتع بها الفكر السياسي الأوروبي، فيرى هذا الفكر الأوروبي الجديد والمتجدد، بأن مصلحة الشعوب والبلدان والمجتمعات، هي أكبر وأعلى من مصالح الأشخاص والشركات والأحزاب والتيارات السياسية، يمينيةً منها كانت… أمْ يسارية.
وفي الختام أقول: … نستطيع أن نضيف هنا بأن فوز ” ماكرون ” هو ترجمة لحالة التوازن السياسي والاقتصادي الأوروبي الشامل، وهو أيضاً دفاعٌ عن مصالح البلدان الأوروبية في العالم والمتمثلة بالـ ” يورور ” وعَلَمِهِ الأزرق، وهو أيضاً نجاحٌ وانتصار للمنهج الأوروبي في التفكير والقيمية الفكرية والانسانية والاجتماعية.

جميع المقالات المنشورة تعبر عـــن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عــن رأي Yekiti Media

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى