آراء

الإطار السياسي الموحّد ترتيب البيت أم شرعنة التشرذم المجلس الوطني الكردي – نموذجاً

عبدالله كدو
في ربيع عام 2004 بعيد انتفاضة آذار الكردية بدأت غالبية أطراف الحركة السياسية الكردية تزعم بأنها تسعى جدياً و بوتيرة عالية لتأسيس إطار قومي جامع يتخذ منه مرجعية سياسية للحركة ، تحدد ماهية القضية الكردية في سوريا و علاقة الحركة الكردية مع القوى السياسية في البلاد ، على أن يعمل – الإطار – على تضافر جهود مختلف الأحزاب المنضوية فيه لتصب في صالح تنظيم و تعبئة جميع شرائح المجتمع الكردي للمساهمة في إحداث التغيير المنشود في البلاد بما يضمن مصلحة الشعب الكردي خاصة و السوري عامة.
موجبات إنشاء الإطار السياسي :
يُفهم من الإطار السياسي الجامع بأنه ثمة أطراف متمايزة سياسياً أو فكرياً على الساحة ويستوجب إنجاح العملية النضالية تأطيرها على قاعدة برنامج الحد الأدنى، فهل بلغت ساحتنا الكردية هذه الحالة من التمايز ؟
أعتقد أن التنظيمات الكردية في أغلبها إنما هي مجموعات صغيرة نسبة إلى عدد الكرد في سوريا ، تجمع أعضاؤها علاقات مناطقية أو عائلية أو غيرها أكثر مما يجمعها برنامج قومي سياسي ، حيث أن برامج معظم الأحزاب الكردية تكاد أن تكون متطابقة ، دعك عن مستوى حضورها السياسي الذي لا يبعث على التفاؤل وسط الشباب الكرد – على الأقل – الذين يعتبرون هذا الإفراط في عدد التنظيمات وعلى هذه السوية الضعيفة من الأداء السياسي لسمعة الكرد وتفريط بمصالحهم القومية .
إذا كانت الغاية الحقيقية من الإطار الجامع هي لم شمل القوى الفاعلة قي في المجتمع الكردي وفي مقدمتها الأحزاب السياسية فيحق للجيل الناشئ وهم عنفوان المجتمع أن يؤثِر مشروع الاتحاد التنظيمي أو الاتحاد السياسي على الأقل بين الأحزاب المتقاربة سياسيا لتؤول الأحزاب الكردية إلى حزبين أو ثلاثة ، تختلف في جهة ومستوى علاقاتها و الموقف – الحقيقي – من الثورة السورية وترجمته على أرض الواقع ، لتضمها بعدئذ إطار جامع مثل المجلس الوطني الكردي في سوريا ، أما وقد أنجز الإطار ( المجلس الوطني الكردي ) قبل الإتحاد فيخشى من أن يتم تجيير المجلس لتهدئة الكثير من القواعد الحزبية واحتواء أصواتها الاحتجاجية الداعية إلى دمج الأحزاب التي لم تعد تعني في هذه المرحلة العصيبة إلا حزب للحزب ، وكذلك شرعنة التشرذم الذي يوفر للراقصين على الأنغام القديمة ، للاستئثار بالزعامة فصلا آخر وذلك بعد تحويلها – الأحزاب – إلى عشائر صغيرة تُمكّن الزعيم من زيارة جميع أفرادها ، وإجراء جرد سريع لهم في جولة واحدة ، لا بل التعرف على ذويهم ، وحضور أفراحهم وأتراحهم ، فيستحيلوا أصدقاء و أصحاب تجمعهم علاقات اجتماعية تنتج العصبية الحزبية ، لا رفاق تجمعهم السياسة والفكر فتستوعبهم البرامج و المؤسسات .
أسس قبول الأحزاب في الإطار:
إذا كان و لابد من إنجاز الإطار قبل الاتحاد نزولا عند رغبة أو إصرار هذه الجهة أو تلك، فعلى أي أساس يتم قبول هذا الطرف و رفض الآخر ، أم أنه تم إقفال باب القبول عملا بالقول العامي ( الذي ضربَ ضرب والذي هربَ هرب ) والحزب الفلاني كان خاتم الأحزاب ، أم أنه سيتم قبول ( كلّ من هبّ ودب ) و أطلق على نفسه اسم حزب ليظل تعريف الحزب الكردي بأنه جهاز كومبيوتر و بضعة أعضاء .
أعتقد أنه من ناقل القول بأن نجاح أي مؤسسة اجتماعية أو سياسية مرهون بشروط القبول وتحديد مقاييس عامة لاعتمادها في قبول أي عضو جديد فيها، وتحديد حجم تمثيله في إدارتها ، كما كان عليه الأمر في منظمة التحرير الفلسطينية و الجبهة الكردستانية في العراق ،و على الأحزاب الكردية الكف عن التذرع باستثنائية الحالة الكردية التي تخفي وراءها ركاما تنظيميا تتشبث بالخلود ، حفاظا على النوع الذي تدعيه وسط كل هذه التحولات الدراماتيكية المصيرية وليكن أول مقاييس القبول و درجة التمثيل هو عدد أعضاء التنظيم وتقوم بإحصاء هذا العدد لجنة متفق عليها مخولة بذلك .
محددات الاصطفافات الجديدة وترتيب البيت :
إن أحد جسور العبور إلى الاتحاد – السياسي أو التنظيمي – هو الكف عن إطلاق المصطلحات الإقصائية التي قد لا يعرف أصحابها معانيها الحقيقية بدقة ، فقد بلغ الأمر ببعض الساسة الكرد السوريين أن ينهوا مقالاتهم وخطابتهم في المرحلة السابقة بلازمة سياسية تحذيرية متكررة من المصطلحات مثل التطرف و الانعزالية السياسية وذلك في استطراد إنشائي ، علما أن الساحة الكردية السورية بعيدة عن هذه المصطلحات ، فالحركة الكردية تطرح شعار الأخوة العربية الكردية منذ بداياتها فأين الانعزالية وتطالب بأقل مما يحق للكرد وفق الشرعية الدولية فأين التطرف ؟ .
وعلى الأحزاب الكردية أن تكف أيضا عن الازدواجية السياسية فإن نشر توضيح هنا لا يبطل مفاعيل التواقيع التصفوية المسرفة هناك ، ولنا مع الازدواجية هذه فصول قديمة ، فقد كان ولا يزال بعض أطراف الجبهة الوطنية التقدمية يتشدق في المناطق الكردية بما يسكت عنه في دمشق على طاولة صنع القرار .
إن المشروع الأمثل لترتيب البيت الكردي هو ليس الإطار الجامع ظاهرياً ، الذي ينطوي على المزيد من التنافر، إنما هو الاتحاد بين الأحزاب المتشابهة وعلى الأقل تلك المنتمية إلى أرومة واحدة ،وليكن الموقف من الحراك الثوري القائم و مدى ممارسته محددان رئيسان للاصطفافات الجديدة ،شرط أن تكون الكتل المصطفة المختلفة متنافسة ، و ليست متصارعة ، و أن تكون بينها وثيقة عهد تقضي بنبذ المهاترات و الاحتراب ، و أن يستمر التعاون والحوار بينها وليس الخصام والقطيعة .
28- 10 -2015

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى