آراء

الازدواجية في المشهد التركي

محمد رمضان
ما يجري في المدن ذات الأغلبية الكردية ’’ ديار بكر ونصيبين و سلوبي ’’ وغيرها من المدن الكردية الأخرى بالجنوب شرقي تركيا تدخل في نطاق ازدواجية المعايير بين حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكم في البلاد وحزب العمال الكردستاني الذي يقود التمرد على الدولة التركية منذ قرابة خمسة وثلاثون عاماً الفترة التي فقد خلالها أربعين ألف شخص لحياتهم في العمليات العسكرية فضلا عن حرق المئات من القرى الكردية في مناطق الصراع الدائر واليوم نجد سيناريو الثمانينات من القرن الماضي يتكرر من خلال ما تقوم به حكومة أنقرة بحشد قواتها العسكرية المدججة بالسلاح والعتاد إلى المناطق أنفة الذكر وبالتالي أن حزب العدالة وحزب العمال اللذان يقودان تركيا إلى حرباً لا يحمل سوى الخراب والدمار والتشرد ولا يحصد نتائجه ألا المواطن ,عبر تصريحات تهديديه من قادة الطرفين لتأجيج الوضع الراهن وكذلك الاتهامات المتبادلة بينهما . ونرى أن الرئيس التركي ’’رجب طيب أردوغان ’’ يتحرك وفق منطق أسلافه من السلاطين العثماني، كتدخله في العراق وسوريا واحتلاله مناطق الحدودية ,وتدخله إلى عمق الأراضي السورية في منطقة كوباني ’’ عين العرب ’’ الشمالي سوريا حجة نقل رفات السلطان سليم أول إلى قرية أشمه داخل الأراضي السورية أيضا دون أذن واعتبار لقانون الدولي وانتهاكه لسيادة الدولة المجاورة. واليوم تم دخول قوات التركية إلى قرية ’’سرمساخ و لطيفية’’ الكرديتان بمنطقة ديرك في الشمال شرقي سوريا حيث تعرض الحياة المدنيين العزل لمخاطر , و يضطر بعضهم للنزوح من القرى الحدودية وهي لا تأبه كما السابق لسيادة الدولة الجارة وبالتأكيد سوف تبرر ممارساتها بالبند حماية الأمن القومي التركي والحرب ضد مقاتلي حزب العمال لتقوم بالسيطرة وحماية حدودها الجنوبية مع جاره سوريا وهي أشارة بان مشروع السلام مع زعيم حزب العمال الكردستاني ’’عبد الله أوجلان ’’ المعتقل في السجون تركية منذ شباط 1999مؤجل حالياً وهذا يقع على عاتق قادة الحزب العمال في ’’جبال قنديل’’ شمالي العراق فهمه أيضاً ولعل التصعيد العسكري في المدن الكردية استمرار لذلك.. مرة أخرى حزب العمال الكردستاني في الواجهة عليه قراءة اللحظة وان التوافق والتنسيق القوى الكردستانية ضروري ويخدم المصلحة الكردية أولا و لا بديل عن ذلك، أما المضي في نفس النهج وتكرار التجربة السابقة فهو سير أشبه بالانتحار.. رغم نواقص مشروع السلام ألا انه يبقى خيارا الأفضل لجميع الأطراف أذا اخترنا الطريق السياسي أو حتى غيره لأنه في النهاية سيكون نهاية المطاف الحوار هو الحل كل الدلائل تشير بأن حالة الحرب الدائرة بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني تتجه نحو التصعيد في ظل ظروف دولية معقدة.. وكأن هذه الحرب تدار من قبل طرفين بعيدين كل البعد عن مصالح الشعبين التركي و الكردي.. وهناك إشارات واضحة أن أطراف الصراع ومساحاته ستتوسع مع تدخل الأجندة الدولية و الإقليمية وزيارة ’’صلاح الدين دمرتاش ’’ زعيم الحزب الشعوب الديمقراطي الذي يقال بأنة الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني إلى روسيا في ظل توتر بين البلدين على خلفية إسقاط الطائرة الروسية في أجواء تركية منذ فترة وجيزة وماهية زيارة ’’ دمرتاش ’’ تضعنا أمام أشارات استفهام في هذه الأوقات بالذات وهنا سؤال يطرح نفسه هل باتت القضية الكردية في تركيا ورق ضغط بيد روسيا لرد ثأر وفرض شروطها على الدولة التركية أم أن تركيا لها خيار أخر وتوجه البوصلة نحو الشيشان و تركمانستان وفي المحصلة نجد كلا الطرفين يشعران بالخطر الحقيقي بعد نشاطات الملحوظة من جمعيات المجتمع المدني والثقافي وتنامي الشعور القومي لدى الكرد تركيا وكذلك بروز الأحزاب الكردية الأخرى مثل حزب أزادي الكردستاني ذو توجه الكردي القومي اللذان كانتا تقمع من كلا الطرفين في سنوات الماضية لذلك جلب حزب العمال الكردستاني الحرب الدائرة إلى داخل المدن والبلدات الكردية وحفر خنادق و وضع الحواجز داخل الأحياء الشعبية وبرجوع إلى فترة ثمانينات من أجل تفرد بالقرار الكردي ونجد أن الحزب العدالة وحزب العمال كلاهما لهم وجهان في تمرير المشاريع الخاصة بهم الحزب العدالة بدوره يقوم بتمرير غاياتها تحت عباءة الإسلام السياسي وحزب العمال من خلال أهداف لا أساس لها في الواقع و باختصار وجهان لعملة واحدة في المشهد التركي العام والكرة في الملعب الأحزاب المعارضة للإنقاذ البلاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى