آراء

الخيار الروسي وسباق المفاوضات

محمد رمضان
بات الصمت الأمريكي المؤقت حيال الأحداث المتسارعة على الساحة الإقليمية وبصورةٍ خاصةٍ ما يجري على أرض سوريا بعد سقوط مدينة ’’ حلب ’’ ثاني أكبر المدن السورية بعد العاصمة ’’ دمشق ’’ بيد النظام السوري وحلفائه من المليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني بما فيه الحرس الثوري الإيراني وذلك بإشراف مباشر من قبل الجنرال ’’ قاسم سلمياني ’’ وتغطية جوية من السلاح الجوي الروسي.
فسقوط مدينة ’’ حلب ’’ فتح الباب على مصراعيه أمام أطراف المشاركة في تدمير البنية التحتية للمدن والبلدات السورية على مدار خمس السنوات الماضية من عمر الثورة السورية وكان أخرها مدينة حلب التي رافقتها سيناريوهات عدّة حول خروج المدنيين والعسكريين من أحياء حلب الشرقية عنوة وبشروط روسية وأيرانية دون علم مسبق من النظام السوري وتظاهرت كل من روسيا وأيران انتصاراً في حلب.
وسارعت تلك الدول إلى عقد اجتماع ثلاثي على أنقاض مدينة حلب في العاصمة الروسية ’’ موسكو ’’ للاتّفاق حول صيغة مشتركة لوقف عملية إطلاق النار في سوريا باستثناء بعض الجماعات الإسلامية الراديكالية لاسيّما جبهة فتح الشام” النصرة سابقاً” وأحرار الشام وغيرها من الجماعات الإسلامية الأخرى وكلّ دولةٍ من الدول الثلاث لها مشاريع خاصة تحاول تمريرها عبر أجنداتها على الأرض كما دعت هذه الدول ذاتها إلى عقد مشاورات بين الأطراف المتنازعة في العاصمة الكازخستانية ’’ أستانا ’’.
يبدو أنّ سباقاً مع الزمن قد بدأ بالفعل بين كلّ من تركيا وروسيا وأيران وكلّ واحدٍ منهم يحاول بسط السيطرة على رقعة جغرافية معينّة من سوريا فأيران جلبت المليشيات الشيعية إلى محافظة الحسكة شمال شرق البلاد لترسيخ مشروع الهلال الشيعي لفتح كريدور يربط بين العراق و لبنان لتطويق المملكة العربية السعودية أخر سدٍ من سدود السنية في المنطقة العربية في وجه الامتداد الأيراني وتركيا أيضا تحاول التوسّع في الشمال السوري مابين مدينة الباب وبلدة جرابلس الحدودية , أمّا روسيا فلها أطماع أخرى تختلف تماماً عن أيران وتركيا وهي أطماع طويلة الأمد في منطقة الشرق الأوسط تودّ ترسيخها قبل مجئ الإدارة الأمريكية الجديدة.
وهنا دعت روسيا من خلال قاعدة حميميم العسكرية حركة المجتمع الديمقراطي ’’ تف دم ’’ بما فيها الأحزاب المشاركة في الإدارة الذاتية المعلنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا ومعها الأحزاب المنضوية تحت راية التحالف الديمقراطي الكردي بينما رفض المجلس الوطني الكردي الدعوة الروسية جملةً وتفصيلاً.
والخلاصة إنّ الأخبار الواردة من هنا وهناك حول الأزمة السورية تدخل في نفق أخر أكثر تعقيداً من أيّ وقتٍ قد مضى يطرح تساؤلاتٍ عدة حول ذلك أولها إسقاط بعض المصطلحات في أروقة الإدارة الذاتية المعلنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي في المناطق الكردية ’’ كردستان سوريا ’’ قد تكون أحد الإشارات الواردة من قاعدة حميميم كبداية لعودتها إلى حضن النظام السوري. بما فيها الوصول إلى اتفاق بين الأطراف المتخاصمة بوقف لإطلاق النار وشملت الفصائل المدرجة على قائمة الإرهاب والسؤال الأبرز : لماذا روسيا وتركيا تستعجلان في الأمر للوصول إلى صيغة مشتركة ؟
يبدو أنّ الولايات المتحدة الأمريكية خرجت من صمتها المؤقت من خلال طرد 35 دبلوماسياً روسياً وتمهلهم 72 ساعة لمغادرة أراضيها وستغلق مجمّعين روسيين في ميرلاند ونيويورك استخدما في نشاطات استخبارتية.
ونترك الصورة الضبابية للمشهد السوري والمنطقة حتى قدوم الرئيس الأمريكي ’’ ترامب ’’ في السابع عشر من كانون الثاني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى