آراء

الدب الروسي بين دمشق وغروزني

محمد رمضان
ما يجرى في المنطقة العربية من تطورات، تأتي استكمالاً لتمهيد وإعادة هيكلية الحرب الدائرة على أرض سوريا، تستهدف رسوخ الوجود الروسي، لا في سورية فحسب، بل في خطوات التنسيق والتعاون بين إيران والعراق وروسيا وسورية في الوقت بدل الضائع من عمر النظام السوري بعدما فشل النظام الإيراني في مهام موكلة إليه منها إجهاض الجيش السوري الحر والقضاء على إرادة الشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة، إلّا أنها معنت من سقوط نظام بشار الأسد من سدة الحكم خلال الفترة الماضية رغم فقدان قوات النظام السوري السيطرة على ثلث مساحة سوريا بمشاركة حزب الله اللبناني بصبغة طائفية . فكانت خسارة روسيا كبيرة، لاسيما وإن النظام السوري هو حليفه الشبه وحيد في المنطقة العربية، بعدما ألقت بثقلها إلى جانبه سياسياً، وأنقذته من ضغوط القرارات الدولية باستخدام الفيتو في مجلس الأمن أكثر من مرة لحمايته، وكانت تتوقع، كما توقع كثيرون، أن تكون أموال إيران وميليشياتها وأسلحتها، مباشرة في الحرب، كافية لحمايته عسكرياً، إذ عمل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على ترسيخ هذا التحالف المحتمل، وجعله إحدى آليات التنسيق بين الدول المذكورة لإنقاذ الأسد ليس لسواد عيونه كما يقال ! وبالتالي لم يشفع غليل الدول الداعمة لنظام بشار الأسد على قتل الشعب السوري على مر الخمس سنوات من عمر الثورة السورية وما لحقها من تدمير المدن والبلدات على رؤوس النساء والأطفال وكبار السن ، ما أدى إلى فتح باب الهجرة على مصراعيه، وهي تعد من أخطر الهجرات التي عرفتها منطقة الشرق الأوسط عبر التاريخ، بعدما فشلت الإدارة الأمريكية في حربها على تنظيم الدولة الإسلامية ’’داعش’’ في ظل إرباكها في تسليح وتدريب المعارضة السورية المعتدلة، وهنا جاء التدخل العسكري الروسي فرصة سانحة بعد فشل المحاولات الروسية في إقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتصورها لحل الخلاف السياسي بينهما يقوم على رفع العقوبات عنها مقابل تسهيل تنحي الرئيس بشار الأسد، وإطلاق يدها في ترتيب الحل السياسي في سوريا بما يحفظ مصالحها عبر الإبقاء على جوهر النظام القائم . نتذكّر تجارب مريرة للاتحاد السوفياتي لدعم عملائه من الحكام في دول أوروبا الشرقية. وغزو بودابست وغروزني وما ارتكبته الدبابات السوفياتية انذاك ضد «ربيع براغ» وكذلك مشاكلها مع دول أخرى… كما لا تزال في الذاكرة النتائج التي انتهت إليها تلك الغزوات. أما ما يخص ردود الأفعال العربية والدولية لم ترتق بعد إلى المستوى المطلوب من جهة الإدانة والدعوة الحازمة إلى ضرورة التوقف عن التدخل، وإنما تراوحت بين الشجب الخافت، والامتعاض، والدعوة إلى التفاهم، وإمكانية التنسيق بخصوص الإرهاب. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إن النظام الايراني يفرض نفسه في هذه الساحة بطريقه أو أخرى على المنطقة من خلال الغطاء الروسي، إذاُ أين الدور العربي من ذلك خاصة المملكة العربية السعودية في مواجهة المشروع الإيراني الطائفي . في المحصلة نجد أن الدب الروسي تحرك من القطب الشمالي ليس دفاعاٌ عن النظام القائم في دمشق إنما لغاية في نفسها ، خاصة وإنها تعاني من أزمة اقتصادية حادة، ومشاكلها مع أوكرانيا وتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلف الكواليس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى