آراء

الكورد و الحصص الضائعة

الكورد او ما ينعتوا به من مسميات عدة مثل أبناء الجن و اتراك الجبال و احفاد النار و غيره من الالقاب و قد تكون دونية تهدف للتقليل من شأن هذا الشعب الاصيل الذي يعيش على هذه البقعة التاريخية و التي تسمى كوردستان و قد تكون ملحمة الشجون و المأسي و التمرد الكردي على مدار السنين و الذي صمد بوجه الانظمة الغاصبة له و اصبح انتصارته محطات للتذكير و عملة نادرة تتدرجت في صفحات الجرائد الرسمية العالمية و المحلية .
في القديم الكردي و حديثه حلقة مشتركة و اصبحت هذه الحلقة معروفة للقاصي و الداني و للجاهل و السياسي و كتبوا لنتائجها الكتباء و حذروا منها الشعراء و حتى غنت الامهات لاطفالهن في الليالي السهر و بقت هذه الظاهرة مزمنة و تتجدد مع كل انطلاقة كردية تتقرب نحو استحقاق تاريخي و الذي اشير اليها هي اعتماد ابناء الجن على الانظمة الغاصبة لكردستان و الشروع بزعزة مبادئ المشروع القومي الكردي و الوقوف بالاتجاه المعاكس في كل مرحلة تاريخية له و ما يؤسفني تلك الدماء الغالية التي سكبت بالاتجاه المذكور .
و التجربة تتكرر حاليا و من يشاهد المشهد الكردي من تشرذم و انقسام بسبب الخوف من المستقبل و رغم التضحيات الجسام التي تقدم لدحر الارهاب و الذود عن الوجود الكردي و خاصة المنطقة تعيش انعطافا تاريخيا قد يزيل ذهنية اتفاقيات سايكس بيكو الجغرافية و السياسية و ارى انه يقتضي الواجب و الحرص و لتفادي آثار الماضي الذي تطبع في مخيلتنا فشل و سقوط الثورات و الانتفاضات و الجمهوريات الكردية السابقة انه يتوجب اليوم ان يتم اندماج الكرد فكريا و تاريخيا على قاعدة الاولوية لبناء وطن قومي ليغدو سيلا قويا يجرف ذاك القمقم و الذي يسمى (الخيانة ) حيث طغى منذ امد بعيد على قلوب شعبنا سواء السياسيين منهم او العفويين .
الكورد لم يبقوا ابدا اتراك الجبال او كما يقول شيخ الحقوقيين السوريين هيثم المالح انهم ابناء بعض العشائر العربية و لن يرجع عجلة التاريخ للخلف و يكرر نفسه و يتم تزوير و طمس ثقافة الكورد و تاريخهم و ينسبون تارة للنار و اخرى للشيطان .
و الكورد في هذه المرحلة الحساسة و متغيراتها و ما يجري في الشرق الاوسط من ولادة جديدة و ذلك بعد فشل الانظمة الشمولية و الديكتاتورية من تحقيق حلم شعبها في الحرية و الكرامة و العيش الرغيد هم اي الكورد امام خيار وحيد لا ثاني له و هو التفاهم و التعاون و لا يقتصر هذا المطلب فقط على الحركة السياسية الكردية و انما يتطلب توحيد جهود كافة فئات الشعب و شرائحه و خاصة الأكاديمين و الخبراء منهم و لن يبقوا موقف المتفرجين و يقتصر اراءهم فقط في النقد و ليتمكن البيت الكردي من لملمة ما تبقى له من اساليب الحنكة السياسية و الدبلوماسية و ليصل الى مراكز القرار العالمي ليكون من جزء المصلحة السياسية و ليست العسكرية فقط و حينئذ يكون قد أدى واجبه القومي و سيبعد هاجس الخوف عن ابناء الجن الذين ما زالو يريقون الدماء الطاهرة ليصبحوا ابناء آدم و حواء .
مزكين شوقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى