«المؤتمر القومي الكردستاني وسياسة العصا والجزرة»

سليمان أوسو

كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول ضرورة عقد مؤتمرٍ قومي كردستاني لكافة الأحزاب الكردستانية في الأجزاء الأربعة، و جاءت الدعوة في البداية على لسان المتحدّث باسم مجلس العلاقات الخارجية لحزب العمال الكردستاني PKK و تبنّاه KNK المقرَّب من PKK من خلال تجوالهم بين الأحزاب الكردستانية وتبليغهم الدعوة .
من المفيد ذكره بأنّ المبادرة جاءت في وقتٍ تاريخي حسّاسٍ تمرُّ به الأمة الكردية، حيث تحضيرات الاستفتاء على إعلان استقلال كردستان العراق على قدمٍ و ساقٍ، و العديد من قيادات PKK تطلق تصريحاتٍ نارية بأنّهم سيحاربون إعلان الدولة الكردية لأنّ الدول القومية قد ولّى زمانها حسب قولهم.
إنّ فكرة عقد مؤتمرٍ قوميٍ كردستانيٍ ليست بجديدةٍ علينا، و إنَّ أغلب الأحزاب الكردستانية كانت تتبنّى هذا الشعار وتناضل من أجله، و كان يتصدَّر الصفحات الأولى لصحف الأحزاب الكردستانية، لذلك ليس هناك حزب كردستاني يرفض الفكرة.
ما لفت انتباهي ما كتبه السيد آلدار خليل في صفحته الشخصية على الفيس بوك حول هذا الموضوع بعنوان ( المؤتمر الوطني الكردي ضرورة إستراتيجية )، تضمّن العديد من العبارات الجميلة حول وحدة الصفِّ الكردي وضرورة الحوار و …….مؤكِّداً على ضرورة عقد المؤتمر الوطني الكردستاني لصيانة الأمن القومي الكردي .
من حيث المبدأ، و من باب حسن النية، يمكننا ان نعتبر ما كتبه السيد آلدار خليل بهذا الصدد بداية للتخلّي عن الخطاب التخويني الذي اعتاده في كتاباته عن أحزاب المجلس الوطني الكردي، على عكس خطابنا المعتاد الذي ينتقد الأخطاء ويدين الانتهاكات ويدعو إلى التخلّي عنها والعمل من أجل وحدة الصفِّ الكردي لاستغلال الفرصة التاريخية المتاحة أمام شعبنا في كردستان سوريا.
 
وكما يمكننا ان نعتبر ما قاله بداية للعودة إلى الحاضنة الكردية الوحيدة القادرة على صيانة الأمن القومي الكردي وتحقيق مكاسب للأمة الكردية.
كان عليه أن يرفق موقفه هذا بإجراءات عملية تعزِّز الثقة وتثبت حسن النوايا أذكر منها :
– إطلاق سراح كلِّ رهائن المجلس الوطني الكردي في سجون PYD و في مقدمتهم بشار أمين، أمين حسام، محسن طاهر، ……إلى آخر القائمة .
– الإيعاز للأسايش بالمبادرة بفتح مكاتب المجلس وأحزابه وإصلاح كلِّ ما خرّبه وأحرقه أنصارهم.
– دعوة قيادات المجلس الوطني الكردي المنفية خارج الحدود بالعودة إلى كردستان سوريا والاعتذار منهم والبدء بحوارٍ جديٍ.
– دعوة بشمركة روج للدخول إلى كردستان سوريا والبدء بتشكيل قيادة عسكرية مشتركة مع YPG للدفاع عن أرضنا وحماية مكتسبات شعبنا.
إنّ مثل هذه الخطوات الأولية لو رأت النور كان من شأنها أن تخلق أرضية مناسبة للبدء بحوارٍ جدي لتوحيد الصفِّ الكردي في كردستان سوريا ، إلا أنه سرعان ما تبدّدت هذه الآمال وحسن النوايا التي ذكرناها آنفاً، عندما داهمت الأسايش المنزل الذي عُقِد فيه اللقاء بين KNK و ENKS واعتقال صاحب المنزل بحجّة أنّه لم يحصل على ترخيصٍ من الأسايش بعقد هذا الاجتماع في بيته علماً بأن الاجتماع كان بحمايتهم .
هذه الخطوة تحملنا إلى اعتبار ما كتبه السيد آلدار خليل للدعاية الإعلامية و الاستهلاك المحلّي ، فسياسة العصا و الجزرة ليس بإمكانها أن تعقد مؤتمراً قومياً كردستانياً ولن تجدي نفعاً مع مناضلين كرَّسوا حياتهم لخدمة القضية الكردية لعقودٍ من الزمن.

في تصوّرنا لا يمكن لأيِّ مؤتمرٍ كردستانيٍ أن يرى النور إلّا إذا توحّدت كلَّ الطاقات في كلِّ جزءٍ كردستانيٍ على حده، و نبذت كلَّ خلافاتها، عندها ستكون المهمة سهلة لوضع استراتيجية كردستانية وغير ذلك ستكون بمثابة وضع العربة أمام الحصان.
“سـليمان أوسـو عضـو اللجنة السياسية لحـزب يكيتي الكـردي في سـوريا وعضـو لجنة العلاقات الخارجية للمجلس الوطني الكـردي”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى