آراء

بصدد بيشمرکة روزآفا

عدنان بدرالدين
هل بيشمركة روزآفا هي قوة عسكرية تابعة للمجلس الوطني الكردي كما تقول قيادات هذا الأخير، أم أنها قوات تابعة لبيشمركة إقليم كردستان العراق كما يؤكد صالح مسلم؟ وإذا كان الإدعاء الأول صحيحا فكيف يجوز أن يتم بحث مستقبل هذه القوة في غياب الطرف المتبني لها مثلما حدث في إجتماع هولير الذي ضم كل من رئيس إقليم كردستان وصالح مسلم وممثلا رفيع المستوى عن الإدارة الأمريكية حتى دون إعلام المجلس العتيد بإنعقاده أساسا؟ لماذا يتم ربط عودة هذه البيشمركة بمقاتلة داعش، وهي التي تأسست بمبادرة وجهود مشكورة من جانب قيادة إقليم كردستان، قبل ظهور داعش كتنظيم ذو حضور وسطوة في المنطقة؟ يفترض منطقيا أن مقاتلي كردستان الغربية المنضوين في إطار هذه القوة العسكرية قد دربوا وجرى تحضيرهم لحماية أرضهم من المخاطر المحدقة بها، فهل هناك وضع أكثر خطورة من ذلك الذي يتعرض له شعبنا في هذا الجزء من وطننا حاليا من تهجير مبرمج بات يهدد بتصفية القضية الكردية فيه بصورة مبرمة؟
إذا كان هناك من لايزال يعتقد بإسطورة إقناع الحركة الأوجلانية بعودة هذه القوة العسكرية الكبيرة نسبيا إلى كردستان الغربية فهو بالتأكيد واهم. الأوجلانيون، مثلهم مثل البعثيين، يعتقدون أنهم “وصلوا” إلى السلطة بالدم ولن يتخلواعنها إلا بالدم. هم يسمون كل الخراب الذي ينشرونه في ربوع كردستان الغربية “ثورة فريدة” في العالم كله، حتى إنهم لايتوانون عن فرض “فلسفة” قائدهم على الناشئة الكرد، ولهذا فإن المراهنة على أن أنصار أوجلان سيقدمون أي تنازل لقوة كردية، مهما كان حجمها، هو محاولة لخداع النفس إن لم يكن تهربا من المسؤولية.
من الواضح أن صاحب الكلمة الفصل في مسألة عودة بيشمركة روزآفا إلى وطنهم هي قيادة كردستان العراق وتحديدا الرئيس مسعود بارزاني، فالمجلس الوطني الكردي أصبح منذ زمن طويل فعليا خارج المعادلة السياسية في كردستان الغربية وتحول إلى مكتب لإصدار بيانات الشجب والإستنكار وهو بفقد ماتبقى له من شعبية ومصداقية مع مرور كل يوم. ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها القيادة الجديدة ممثلة بالأخ إبراهيم برو الذي كشف عن مؤهلات قيادية بعتد بها، فإن من الصعوبة بمكان تصور أن ذلك، على أهميته، يمكن أن يبث الروح في كيان يعتريه الشلل من كل النواحي وبحاجة إلى إعادة هيكلة جذرية من الصعب حدوثها في ظل الظروف الراهنة.
إن المدخل نحو حل الأزمة الوجودية التي تواجهها كردستان الغربية التي أفرزتها تداعيات سلطة الأمر الواقع الأوجلانية المتحالفة مع نظام الأسد، والأداء الهزيل للمجلس الوطني الكردي، والدور السلبي أو اللامبالي للقوى الكردستانية، يبدأ من عودة بيشمركة روزآفا إلى وطنهم فورا، ودون شروط ، وعلى الخصوص شرط إستئذان مايسمى بالإدارة الذاتية الديمقراطية التي تفتقد إلى أية شرعية إنتخابية كانت هي أو دستورية أوثورية. إن التستر وراء شماعة (حرب إقتتال الأخوة) لم يعد مقبولا على الإطلاق، إذ أن مهمة بيشمركة روزآفا هي حماية كردستان الغربية وشعبها و لهذا يجب أن تكون مستعدة للتعاون مع كل القوى العاملة في هذا الإتجاه بما في ذلك وحدات حماية الشعب والمرأة، لكنها يجب أن تكون مهيئة أيضا للدفاع عن نفسها ضد أية إعتداءات محتملة بغض النظر عن من يقوم بها. فالرصاصة الموجهة إلى صدر مقاتل من بيشمركة روزآفا جاء لكي يبذل دماءه رخيصة من أجل حماية أرضة وأهله هي رصاصة عدوة حتى لو كان من أطلقها كرديا.
من الأهمية بمكان التأكيد على خطورة الزج ببشمركة روزآفا في مخططات إدارة أوباما الفاشلة في سورية فيما يخص مواجهة داعش في مناطق خارج حدود كردستان الغربية دون مقابل، كما تفعل الحركة الأوجلانية في تحالفها المجاني مع “الأمبريالية الأمريكية” التي تلعنها في أدبياتها صباح مساء . إن أية مشاركة كردية محتملة في تحرير جرابلس أو الرقة أوغيرهما من المناطق ذات الغالبية العربية من عصابات داعش يجب أن تكون محدودة وكجزء من تحالف وطني واسع يشارك فيه ممثلوا العرب السنة بقوة ومقابل إعتراف أمريكي رسمي بالحقوق الكردية وتقديم ضمانات واضحة بحماية المناطق الكردية وشعبها من أية إعتداءت قد تتعرض لها في سورية المستقبل، وإلا فإن عواقب مثل هذه المشاركة ستكون لها آثار كارثية على العلاقات الكردية – العربية في سورية لعقود من الزمن.
كلمة السر في مواجهة أزمة كردستان الغربية هي بيشمركة روزآفا، الأمل الوحيد المتبقي لشعبنا في ظل الفشل المدوي لكل الخيارات الأخرى. شعب كردستان الغربية يرنو إلى موقف حازم وتاريخي من قيادة كردستان العراق ينتشله من الهاوية السحيقة التي زجته بها سياسات مغامرة ولامسؤولة، فهل ستلبي هولير النداء؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى