آراء

بقاء مسعود البارزاني رئيساً إنتصار للأمة الكوردية

صبري حاجي
مسائل لا بد من معالجتها في وقتها ,وأخرى تؤجل لحين تنضج وتستكمل ,لكل قرار عواقبه وتداعياته وتأثيراته الجانبية إيجاباً كان أم سلباً ,حسب الظرف الموضوعي والواقعي الذي يصدر فيه ,والشخص الذي أصدر أو أمر بإصداره .وموقعه في المعادلة السياسية الأقليمية والدولية ,ودرجته ومرتبته الحزبية والسلطوية ,حقيقة الواقع ينتظر حلولاً مناسبة للأزمة التي تعصف الأقليم وتعقيداته الشائكة والإستثنائية الحرجة , أسئلة للطرح , ما الذي يجب على الاحزاب والحركات السياسية في كوردستان فعله ؟ هل نحن بحاجة الى خلافات وتناحرات ؟ أليس التوافق أفضل الحلول للخروج من الأزمة ؟ من يدعم من ومن ضد من ؟ هل مشكلتنا الدستور ورئاسة الاقليم ؟ ألم يكن البرزاني قد نجح بإمتياز في تدويل القضية الكورديية والكوردستانية ؟ أليس بقاءه رئيساً إنتصار للأقليم على الأقل في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ شعبنا ؟ ألا ترون بأن المشاريع التي طرحها ويسير في تنفيذها جديرة بالإهتمام وتصب في خدمة القضية القومية الكوردية بشكل واضح وصريح ؟ أليس أفضل من تلك التي يطرحها الغير وليس فيها ما يشير الى الكورد والأمة الكوردية ومن خيال أفلاطون لمدينته الفاضلة ؟ هل حقاً زمن الدولة القومية قد ولى كما يدعي البعض ؟ ألا نعيش بين دول جميعها قومية المنشأ ؟ لماذا لا يدافع المنافسون له بصراحة عن قوميتهم الكوردية أم أنه خط أحمر لا يجوز لهم ذلك ؟ ما تلك المصالح الحيوية النادرة التي تدفع بالبعض الى القيام بمحاولات تقسيم الوطن المجزأ اصلاً الى أجزاء نحن في غنى عنها ؟ ألا ترون إنتهاكات داعش اليومية بشرفنا وحرماتنا من إغتصاب نسوتنا الإيزيديات وبيعهن وسبيهن كالجواري ؟
أعتقد أن الاقليم له رئيس كفئ ومناسب للقيادة وإدارة المرحلة وتحدياتها الملتوية بما يملكه من الحكمة والحنكة السياسية والدبلوماسية , له أصدقاء كثر في العالم ,اصحاب النفوذ والسلطة ممن لهم دور فعال وريادي في قيادة الكون ,يتحكمون بمراكزالقرار الدولي ,عبرالإختراق الشخصي لا يحمله أياً كان ,إنسان قدير يجمع في شخصه نضال الماضي والحاضر, التجربة أثبتت نجاحه في مشاريع هامة تخدم الكورد وقضيته العادلة ,ومنها استقرار الاقليم وازدهاره وتفوقه العسكري وإصداء صداه وصدى البيشمركة الأبطال الى أرجاء المعمورة ,وأحقية القضية القومية والإنسانية للشعب الكوردي والكوردستاني ,النقطة المهمة والمثيرة إقناع تركيا وعبرأراضيها بإرسال البيشمركة الى كوباني في غرب كوردستان لمساندة المدينة وأهلها منعاً لسقوطها في أيدي قوى الشر والظلام ,والعناصر الارهابية التي تجمعت فيها بفعل بعض القوى الاقليمية والدولية التي تقف بالضد من طموحات شعبنا للإنعتاق نحو الحرية ,الذين تربطهم مصالحهم بالدول التي تتقاسم كوردستان ,وتعمل ليل نهار في سبيل هدم السفينة التي بناه خصيصاً لتحمل هموم وآلام ومآسي الأمة الكوردية والإيصال بها الى بر الأمان ,تركيا التي تحتل الجزء الأكبر من كوردستان ,وافسحت المجال لعبور الارهابيين من وعلى أراضيها للإلتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام حتى تسحب البساط من تحت قدميه .
كان صعباً على تركيا مواجهة الأقليم على الملأ بسبب مكانته الإستراتيجية ووقوعه في قلب الشرق الأوسط في منطقة جداً حيوية تحمل ثلثي احتياطي النفط في العالم بالإضافة للعلاقات الوطيدة التي تربطه بالولايات المتحدة وأوربا بمختلف الصعد ,لذا طعنته من الخاصرة بمؤامرة دنيئة ومشؤومة بمشاركة الحاقدين والطامعين الذين يدفعهم فكرهم العروبي للحد من شعبيته في شنكال والمناطق المحيطة بها ,حيث التواجد الاكثر للطائفة الإيزيدية المناصرين له ,لتقليص دوره ووضع حد للمشاريع التي باشر بها ,أهمها مشروع استقلال كوردستان ,بعد أن خطى خطوات عملية في سبيل ذلك, وكذلك الحيلولة دون تنفيذ المادة مئة واربعين من الدستور العراقي , إن سيطرة داعش على الموصل والأقضية التابعة لها خلقت حالة من الفوضى العارمة ,باتت الحاجة أكثر من أي وقت مضى للتوصل الى تفاهمات حول المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل ,تكللت بزيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي الى الأقليم ,حيث استحكام الطرفين للدستور هو المفصل لإعادة الثقة بينهما بعد أن تدهورت إثناء حكم نوري المالكي .
لايخفى بأن هناك مصالح خارجية أقليمية ودولية وكذلك مصالح بعض القوى والتيارات الداخلية والذين تربطهم الأجندات نفسها من الأقرباء الغرباء ,تعمل جاهداً لخلق الفتنة وتأجيج الخلافات بين الجانبين مستغلين ضعف الإرادة الوطنية ,الدلائل تشير الى أن مآرب هؤلاء ومحاولاتهم باءت بالفشل ,وإن الحوار وأسس الشراكة كفيلان بإزالة العقبات التي تعترض الطريق لإعادة الأمور الى نصابها الصحيح ،ومواصلتها وإستمرارها في هذه المرحلة الحرجة ,والتي تتطلب السياسة الحالية مع قسط من التغيير بما تنسجم وحجم المشاكل التي تجره المرحلة المعقدة ,مما تبررإستمرارية طاقم الرئاسة, للأسف صدر مؤخراً تصريحات من إتجاهات معينة تؤثر سلباً على الأمن القومي والوطني الكوردستاني ,ما يوحي بالإستعداد للحرب ,وأخرى بذهب الى أبعد من ذلك بالدعوة الى تقسيم الأقليم الى إدارتين ,في الوقت الذي اصبح فيه الحلم الذي راودنا ولا زال قريب المنال ,يسعى الأعداء والمتربصين بعد كل محاولاتهم التي باءت بالفشل لنسف التجربة الديمقراطية الفتية لشعب كوردستان ,ووقف عجلة التطور والبناء العمراني ,والسير به باتجاه آخر,بالعصا الغليظة ,من خلال زرع الشقاق والنفاق والفرقة والنعرات الطائفية والمذهبية الدينية وصولاً الى الإقتتال الداخلي الغاية منها هدم كل ما بناه وما توصل إليه بدماء خيرة شاباته وشبابه . ما يستدعي الوقوف في وجه كل من يدس أو يحاول زرع الدسيسة في بقعة بهذا الجمال والإزدهار .
الكل يعلم بأن التحديات التي تواجه الأقليم أكبر بكثير من الخلافات الحزبية الضيقة الهزيلة , تطغى عليها المصالح والسلطة والنفوذ ,وإن المصلحة العليا لشعب كوردستان فوق كل المصالح والإعتبارات ,في وقت تنهش فيها داعش ومثيلاتها من القوى الارهابية ,والارهابيين المدعومين من الأطراف ذاتها أجساد الكورد باختلاف لهجاتهم وأديانهم دون تفريق, منتظرين لجعل الأقليم لقمة سائغة وسهلة الإبتلاع ,لهذا دعوا سيادة الرئيس يكمل مهامه والواجب الملقاة على عاتقه ,وهو يشرف بنفسه على سير المعارك في جبهات القتال ضد الطغاة والهمج بمحور شنكال وزمار كبيشمركة ,ليجعل من الاقليم دولة ذات بنية تحتية قوية صلبة وشامخة ومنبراً لحرية الرأي والتعبير والديمقراطية ,دولة دستورية يحكمها القانون ,بعيداً عن التفرد والتوريث والحكم الشمولي ,يكون فيها السيادة للقانون لا لأي شيء آخر , على أن يعرض مسودة الدستور بعد صياغتها للإستفتاء العام في الوقت المحدد, ويعلن كوردستان دولة مستقلة , يكون نظام الحكم فيها رئاسياً ولدورتين فقط ,ويجعل من كرسي العظمة والدهاء متحركاً بين كل كفئ ومناسب للجلوس عليه من أبناء الشعب الكوردي المضحي والمستحق ,ليكتب التاريخ إسم جنابه وعائلته الكريمة المناضلة بأحرف من ذهب, لذا فأن بقاءه رئيساً ليس إنتصاراً للأقليم فحسب بل إنتصار للأمة الكوردية .
27.04.2015

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى