آراء

بوكتشين، أوجلان وجدلية الديمقراطية* 3/3

جانيت بيل
ترجمة: عدنان بدرالدين
تمتاز سرديات بوكتشين وأوجلان عن الحضارة بالعديد من نقاط التداخل والإختلاف التي ستكون مثيرة للدهشة في حال إستكشافها. ولكنني، حرصا على الإيجاز، سأكتفي بإيراد إحدى نقاط الإختلاف.
إعتبر أوجلان، كما تم الإشارة إليه سابقا، أن ميزوبوتاميا هي المكان الذي بدأت منه الحضارة. بوكتشين وافقه في راأيه هذا، منوها إلى أن الكتابة نشأت هناك، وأن أصول الكتابة المسمارية يمكن تتبعها في السجلات الفائقة الدقة الموروثة عن كتبة المعبد التي تقدم وصفا للمنتجات الواردة إليه، ولتلك التي تم توزيعها. في وقت لاحق، أصبحت هذه العلامات، شكلا للكتابة السردية، الأمر الذي شكل نقلة إلى الأمام. (17). بوكتشين تقبل أيضا فكرة أن الهرمية الإجتماعية، والكهنوت، والدول، ظهرت لأول مرة في سومر، على الرغم من أنه كان يعتقد أن الجغرافية المعنية خضعت لتطور مواز. ولكن، على مايبدو، كان إستبيان آثار المقاومة هو أكثر ماكان يؤرقه. ف (المدن – الدول) الأولى في سومر القديمة، كانت تدار من جانب مجالس للمواطنين المتساويين، وكانت تتمتع ب”حرية واسعة إلى درجة غير مألوفة.” (18). ومع مجئ الملكية، “تظهر أدلة على حدوث إنتفاضات شعبية، ربما من أجل إستعادة النظام القديم، وربما للحد من سلطة الملك (Bala). وكان” الحاكم (Ensi)، والقادة العسكريون، غالبا مايخضعون للمساءلة من جانب المجالس الشعبية.” (19). وقد إفتتن بوكتشين بواقع أن كلمة (amargi) أي الحرية ظهرت، لأول مرة في سومر، مثلما يتضح من التاريخ المدون، وأيضا بحقيقة أن الألواح المسمارية السومرية، تقدم وصفا لإنتفاضة شعبية ناجحة ضد ملكية ،ستبدة.
بعد قراءته لبكوكتشين، دون (بتشديد الواو) أوجلان لديه كلمة (amargi)، لكنه لم يتناولها بتعمق، مستعيضا عن ذلك بتتبع ميزات المجتمع الكردي إلى العصر الحجري الحديث. “العديد من خصائص وصفات المجتمع الكردي”، كتب أوجلان، خاصة فيما يتعلق ب”العقلية والأساس المادي…تحمل صفات مشابهة لتلك التي ميزت المجتمع الحجري الحديث” (21)، حتى أن المجتمع الكردي في أيامنا هذه يتميز بالتعاونية التي هي صفة المجتمع العضوي. “طوال تاريخهم لجأ الكرد إلى الإنتظام في منظومات عشائرية، وإتحادات قبلية، لكي يخوضوا النضال ضد الحكومات المركزية” (22). ولهذا، فهم مؤهلون محتملون لحمل راية الحرية، يؤكد أوجلان. كان بوكتشين وأوجلان كماركسيين قد تعلما أن العمليات التاريخية، من المنظور المادي الديالكتيكي، صارمة، تعمل كقوانين، وتؤدي إلى نتائج حتمية لايمكن تفاديها، مثل نشوء الدول القومية والرأسمالية. لكن بوكتشين، الماركسي السابق، في كتابه آيكولوجيا الحرية، بذل قصارى جهده لتفنيد “مثل هذه النظريات المتعلقة بالقانون الإجتماعي والتفسيرات المستندة على التمنيات لا على الوقائع”، ليس لكونها إستخدمت “من أجل التوصل إلى الإخضاع التام للفرد لقوى خارقة، خارجة عن سيطرة البشر، كما في مثال الستالينية”، بل لأنها أيضا “أنكرت على الإنسان قابلية الإرادة الحرة والإختيار في صياغة مسار الأحداث الإجتماعية” (23)، وهي لذلك تحولنا أسرى للإعتقاد ب”الحتمية الإقتصادية والتقنية”. حتى أنه شكك في حتمية الهرمية ذاتها، فهو يجادل بأنه، إذا وضعنا جانبا واقع أنها حدثت بالفعل، ربما كان في مقدورنا “إمتلاك رؤية لتغيير تصورنا عن المستقبل المتأسس على الحرية”. (24). نعم، لقد عشنا ذات يوم في كومونات مشاعية، ونسطيع فعل الشيئ ذاته مرة أخرى. إن الذاكرة المدفونة للمجتمع العضوي، تعمل بدون وعي، بتعهد ضمني نحو الحرية”. هنا تكمن، برأيي، الرؤية التحررية ل”آيكولوجيا الحرية”.
أثناء قراءتي لكتاب أوجلان “في الدفاع عن الشعب” راودني شعور بالإبتهاج ذكرني بذلك الذي عشته عند قراءتي ل “آيكولوجيا الحرية” في عام 1985، إبتهاج يتأتي من التبصر بأن البشر عاشوا ذات مرة في تضامن مشاعي، وأن هذا الإحتمال مازال واردا. إن نحن قبلنا تغيير مفاهيمنا الإجتماعية، فإن مفهوم الحد الأدنى الغير قابل للإختزال بات يعرف تحت مسميات أخرى، مثل الإشتراكية، على سبيل المثال. “آيكولوجيا الحرية” تقدم للقارئ ما إعتاد موراي أن يسميه “مبدأ الأمل” الأمر الذي لابد كان له، مغزى ما، عند أوجلان السجين.
“إنتصار الرأسمالية لم يكن قدرا”، كتب أوجلان في عام 2004، “كانت هناك إمكانية أن يأخذ التطور منحى مغايرا”. إعتبار الرأسمالية والدولة القومية حتميات تاريخية “يترك التاريخ للمتسلطين”. لكن الواقع أنه “إذا كانت هناك دوما طريقة محددة لحدوث الأشياء….فإن هناك أيضا إمكانية لإختيار الحرية”.
جوانب “المجتمع الطبيعي” الكومومونالية، أكد أوجلان، لاتزال قائمة في المجموعات العرقية، والحركات الطبقية، والمجموعات الدينية والفلسفية التي تناضل من أجل الحرية. و”المجتمع الطبيعي لم يكف يوما عن الوجود”، على حد قوله.
إستمر الصراع الجدلي بين الحرية والهيمنة على مر التاريخ الغربي، على شكل “معركة متواصلة بين العناصر المنحازة إلى الهيكليات الكومونالية وبين أولئك الذين يتخذون من القوة والحرب أداواتا لهم”، وذلك لأن “المجتمع الكومونالي كان الدوام في صراع مع المجتمع الهرمي”. (27).
في نهاية المطاف، إعتنق أوجلان الآيكولوجية الإجتماعية. “قضية الآيكولوجيا الإجتماعية تبدأ مع ظهور الحضارة”، أعلن أوجلان في عام 2004، وذلك لأن “جذور الحضارة موجودة” حيثما نجد ” بدايات تدمير البيئة الطبيعية”، فقد كان المجتمع الطبيعي في جوهره مجتمعا آيكولوجيا. إن القوى التي تدمر المجتمع من الداخل هي ذات القوى التي تتسبب في قطع الصلة ذات المغزى مع الطبيعة. الرأسمالية، يقول مستطردا، معادية للبيئة، ونحن بحاجة إلى ثورة أخلاقية مميزة ضدها…نحن بحاجة إلى بذل “جهد أخلاقي واع، إلى أخلاقيات إجتماعية جديدة تكون في وئام مع القيم التقليدية.” وقد إعتبر تحرير المرأة أمرا أساسيا. كما دعا إلى إقامة “مجتمع ديمقراطي آيكولوجي” قاصدا بذلك “منظومة تتأسس على الأخلاق تنطوي على علاقات جدلية مستدامة مع الطبيعة…حيث يتم تحقيق الرفاه العام عن طريق الديمقراطية المباشرة.” (28).
كيف يمكن تطبيق هذا كله على المسألة الكردية؟ مرة أخرى يقول أوجلان أن تحقيق حرية الكرد يعني الحرية للجميع. “أي حل يجب أن يشمل خيارات صالحة ليس فقط للشعب الكردي، بل للجميع”. وهكذا، فأنا أتصدى لهذه القضايا من منطلق أن البشرية واحدة، وأن النزعة الإنسانية واحدة حيثما وجدت، وأن الطبيعة واحدة والكون واحد، ولكن ليس من خلال بناء الجمهورية الديمقراطية كما كنت أدعو إليه في السابق، وإنما عن طريق ديمقراطية المجالس.
“مهمتنا الأولى هي الضغط بإتجاه الدمقرطة، ومن أجل بناء هياكل خارج هيكلية الدولة، وإقامة منظمات كومونالية” بدل بذل الجهود فقط من أجل تغيير الدستور التركي. وقد دعا الكرد إلى إنشاء منظمات على الصعيد المحلي: مجالس محلية للبلدات، وإدارات بلدية وصولا إلى التجمعات الحضرية الكبيرة والقرى. ينبغي تشكيل أحزاب سياسية محلية، أكد أوجلان،، وتعاونيات إقتصادية، ومنظمات للمجتمع المدني، وأخرى معنية بحقوق المرأة، وحقوق الطفل، وحقوق الحيوان، كما يجب إيلاء الإهتمام بسائرالقضايا الأخرى.
هناك، برأيه، حاجة لبناء “إتحادات إقليمية للإدارات البلدية” بشكل تنسج فيه هذه المنظمات والمؤسسات المحلية شبكة في المستويات العليا بما يكفل تمثيلها في “المؤتمر الشعبي العام” الذي سيتناول قضايا”السياسة، والدفاع الذاتي، والإقتصاد والعلوم والفنون والرفاه عبر المؤسسات والقوانين وآليات الرقابة”.
تدريجيا، ومع إنتشار المؤسسات الديمقراطية، ستخضع تركيا كلها إلى عملية تحول ديمقراطي تتمدد عبر الحدود الوطنية محفزة بزوغ الحضارة الديمقراطية في المنطقة برمتها بما يكفل ليس الحرية للكرد وحسب، بل التجديد الجيوسياسي والثقافي إيضا. في نهاية المطاف، سيشمل إتحاد كونفدرالي ديمقراطي منطقة الشرق الأوسط كلها. وقد أطلق أوجلان على هذه النسخة الكردية من الكومونالية التحررية تسمية “الكونفدرالية الديمقراطية’.
في آذار- مارس- من عام 2005 أصدر أوجلان “إعلان الكونفدرالية الديمقراطية في كردستان” داعيا إلى ما أطلق عليه تسمية “ديمقراطية الجماهير…المتأسسة على الهيكلية الكومونالية الديمقراطية للمجتمع الطبيعي”. بموجب ذلك “سيتم إنشاء مجالس للقرى والمدن يتمتع مندوبوها بصلاحية إتخاذ القرارات، وهو ما يعني في الواقع أن القرار سيتخذ من جانب الشعب والمجتمع”. كونفدرالية أوجلان الديمقراطية تتميز بخطوته الرائعة ربط تحرر الكرد بتحرر البشرية. إنها تؤكد على الحقوق الفردية وعلى حرية التعبير للجميع، بغض النظر عن الإختلافات الدينية والعرقية والطبقية. كما أنها “تشجع النموذج الآيكولوجي للمجتمع” وتدعم حقوق المرأة محاولا تطبيق هذا البرنامج على شعبه. “أدعوا جميع قطاعات الشعب وخاصة النساء والشباب لبناء منظماتاتهم الديمقراطية الخاصة بهم، وحكم أنفسهم بأنفسهم”. أثناء زيارتي ل – آمد – في عام 2011 ، إكتشفت أن الكرد في جنوب شرق الأناضول كانوا قد باشروا بالفعل وضع هذا البرنامج قيد التنفيذ. (30).
بحلول 2004-2005 ، صرف أوجلان النظر عن مسألة إصلاح الدولة عبر دمقرطتها من الأعلى إلى الأسفل. “فكرة دمقرطة الدولة”، أعلن في 2005، هي فكرة “عقيمة”. وكان بذلك قد خلص إلى أن الدولة هي جهاز لممارسة القمع بإعتبارها “شكلا لتنظيم الطبقة الحالكمة”، وهي لذلك تعد إحدى “أخطر الظواهر في التاريخ”. إنها تسمم المشروع الديمقراطي، وهي بمثابة مرض. وطالما ظلت الدولة موجودة ف”لن يكون في وسعنا بناء نظام ديقراطي”، ولهذا فالأولى بالكرد وحلفاءهم “أن لا يركزوا جهودهم على الدولة”، أوعلى أن يصبحوا دولة، لأن ذلك سيعني خسارة الديمقراطية، والتحول إلى لعبة في “أيدي النظام الرأسمالي”. (31).
هذا يتواءم بوضوح، لا لبس فيه، مع مشروع بوكتشين الثوري. لقد إفترض بوكتشين، أنه وبمجرد إنشاء مجالس المواطنين ودمجها في كونفدرالية، ستصبح إزدواجية السلطة أمرا واقعا، وبما يكفي من القوة لكي تواجه الدولة القومية وتدحرها وتحل محلها. وقد أكد مرارا على إزدواجية السلطة، مقتفيا أثر تروتسكي الذي كتب في تاريخه عن الثورة الروسية بأنه، بعد شباط – فبراير- من عام 1917، عندما كانت الدولة تدار من جانب مجموعة من الحكومات الليبرالية المؤقتة، شكل ممثلوا العمال والجنود في سوفيتتات بيتروغراد سلطة مزدوجة جابهت هذه الحكومات، وأصبحت لاحقا القوة المحركة لثورة أوكتوبر. وعلى هذا فإن الكونفدرالية الكومونالية يمكن أن تتحول إلى قوة مضادة وإلى سلطة مزدوجة في الحالة الثورية المشخصة.
لكن أوجلان، وفي العام ذاته، أرسل في كتابه “في الدفاع عن الشعب” رسالة متناقضة عن الدولة: “ليس أمرا صحيحا، في رأيي، تفكيك الدولة وإستبدالها بشيئ آخر”، إذ أن “تحقيق الديمقراطية عن طريق تحطيم الدولة هو مجرد وهم”. بدلا من ذلك، يمكن للدولة ويجب عليها أن تصبح أصغر حجما وأكثر محدودية. بعض وظائف الدولة لايمكن الإستغناء عنها مثل مسائل الأمن العام، والأمن الإجتماعي، والدفاع الوطني.على المؤتمرات الديمقراطية الكونفدرالية أن تتفرغ لحل المشاكل التي لاتستطيع الدولة “حلها بمفردها”. يمكن للدولة المحدودة أن تتعايش “جنبا إلى جنب” مع الديمقراطية. (32).
ويبدو أن هذا التناقض شوش أوجلان ذاته. فهو يعترف، بسخط ظاهر، أن “الدولة هي ظاهرة تشبه ظاهرة وجه جانوس**”. يراودني الشعور بأن القضية لاتزال غامضة له، وهذا أمر يمكن تفهمه. لكنه يلاحظ بتبصر أن “وقتنا الحاضر هو عصر الإنتقال من الدولة إلى الديمقراطية. وفي مثل هذه الفترات الإنتقالية، يعيش القديم، في كثير من الأحيان، مع الجديد الوافد”. (33)
في أيار-مايو- من عام 2004 ، أرسل بوكتشين الرسالة التالية إلى أوجلان: “آمل أن يتمكن الشعب الكردي، ذات يوم، من إقامة مجتمع حر وعقلاني من شأنه أن يعيد لهذا الشعب تألقه وإزدهاره. الكرد بالفعل محظوظون لأنهم يمتلكون زعيما بموهبة السيد أوجلان.” (34). لاحقا، علمنا أن هذه الرسالة ألقيت ككلمة أمام المؤتمر الثاني لمؤتمر الشعب الكردستاني الذي إنعقد في الجبال في 2004.
عندما توفي بوكتشين في تموز- يوليو- عام 2006، قدمت اللجنة القيادية في حزب العمال الكردستاني التحية إلى “أحد أعظم علماء الإجتماع في القرن العشرين”، مضيفة أنه “قدم لنا أفكار الآيكولوجيا الإجتماعية”، و”ساعد في تطوير النظرية الإشتراكية على أسس أكثر صلابة”، مبينا في الوقت ذاته كيفية تحويل النظام الديمقراطي الجديد إلى واقع معاش. “وقد إقترح نظام الكونفدرالية الذي نعتقد أنه خلاق وقابل للتطبيق.”. وإستطردت اللجنة القيادية القول بأن “إطروحات بوكتشين عن الدولة والسلطة والهرمية الإجتماعية ستتحقق بفعل نضالنا…وسنحول هذا الوعد إلى واقع كأول مجتمع يؤسس لكونفدرالية ديمقراطية ملموسة.”
ماكان لتحية أخرى أن تجعله أكثر سعادة. كم أتمنى لو أنها سمعها بأذنيه، فلربما كان سيرد عليها بأول كلمة عن الحرية سجلت في سومر: “Amargi”.
[17] Bookchin, Ecology of Freedom, p. 144.
[18] Ibid., p. 129. He is drawing on the work of Henri Frankfort and Samuel Noah Kramer.
[19] Ibid., p. 95.
[20] Ibid., p. 168.
[21] Öcalan, PKK and Kurdish Question, p. 22
[22] Öcalan, “The Declaration of Democratic Confederalism,” February 4, 2005, online at http://www.kurdmedia.com/article.aspx?id=10174.
[23] Bookchin, Ecology of Freedom, pp. 23-24.
[24] Ibid., p. 67.
[25] Ibid., p. 143.
[26] Öcalan, Defense of People, p. 41.
[27] Ibid., pp. 51, 65, 60.
[28] Ibid., chap. III.4.
[29] Ibid., p. 52.
[30] “Kurdish Communalism,” interview with Ercan Ayboga by author, New Compass (Sept. 2011), http://new-compass.net/http%3A//new-compass.net/article/kurdish-communalism.
[31] Ocalan, Defense of People, pp. 177, 24, 104, 177.
[32] Ibid., pp. 24, 106, 111, 106,
[33] Ibid., pp. 27, 178.
[34] Copy in author’s possession.
* أهمية بحث السيدة بيل تكمن في أنها تكشف أن الأوجلانية ليست “فتحا باهرا في عوالم السياسة والفلسفة”، بل هي فعليا، صيغة غير متقنة لإطروحات وأفكار مجترة ومستهلكة، رفضتها النخب السياسية والثقافية في بيئاتها الحاضنة في أمريكا وأوربا منذ أمد بعيد.
نختلف بشدة مع أفكار الكاتبة وتقييماتها لفكر بوكتشين، وإن كنا نتفق معها على تأثيرها الكبيرعلى الزعيم الكردي لدرجة يصح معها إعتبار الأوجلانية في نسختها الحديثة مجرد “بوكتشينية محرفة”. كما لانقبل، تحت أي طائل، محاولاتها غير الموفقة، إيجاد تبريرات لتناقضات أوجلان الجلية فيما يخص موقفه من الدولة، التي يعتبر أمر رفضها جوهر الطرح البوكتشيني. ولايهم، بالطبع، أن تكون بيل في ذلك مدفوعة بإعتبارات أيديولوجية، أو أن يكون الأمر نتيجة لجهل بواقع الأمور. كل هذه المسائل وغيرها سنعالجها في بحث منفصل بعنوان “على هامش مقالة جانيت بيل: بوكتشين، أوجلان وجدلية الديمقراطية”، سنقدمه للقارئ الكريم في أقرب فرصة ممكنة (المترجم).
** جانوس هو إله البدايات والتحولات في الميثولوجيا الرومانية. وقد صور على هيئة إنسان ذو وجهين ينظران في إتجاهين متعارضين، ومنه إشتق إسم شهر كانون الثاني – January-. (المترجم).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى