بيانات

بيان .. بمناسبة مرور 40 عاماً على جريمة تنفيذ مشروع الحزام الاستيطاني العربي في محافظة الجزيرة “الحسكة”

في مثل هذا اليوم وبالتحديد في 24 حزيران 1974 صدر القرار العنصري المشؤوم من القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم برقم 521 والقاضي بتوزيع الأرض والحاصل الزراعي المستولى عليها من قبل النظام والتابعة لأصحابها الكرد، في شمال محافظة الجزيرة على مستوطنين عرب، أتت بهم السلطات من محافظتي الرقة وحلب، وقد جاء هذا المشروع العنصري ضمن سلسلة مشاريع شوفينية تستهدف الوجود القومي لشعبنا الكردي العريق، الذي يعيش على أرضه التاريخية كردستان منذ غابر الأزمنة.
تعتبر الجزيرة إحدى أهم المحافظات السورية، كونها المصدر الأوّل للبترول والقطن والقمح والشعير والعدس، وهي تشغل بال القوميين العرب المتعصبين منذ الاستقلال وحتى الآن، لكونها امتداد طبيعي ديمغرافي لكردستان تركيا والعراق ويشكل الكرد غالبية سكانها، ويجري التعامل معها وفق انظمة وقوانين سرية وخاصة جداً. تبلغ مساحتها 23333 كم مربع بنسبة 12.6 % من مساحة سوريا، وتبلغ مساحة الأراضي القابلة للزراعة فيها “1393180” هكتار، وبموجب قوانين الاصلاح الزراعي قررت الدولة توزيع الأراضي على الفلاحين بعد تخفيض سقف الملكية، وتضمن مبدأ افضلية الانتفاع بأراضي الاستيلاء، للفلاحين من أهالي كل قرية، ولكن هذا لم يطبق على الكرد لأسباب عنصرية، ففي محافظة الجزيرة خصصت مساحة 138853 هكتار لمشروع الحزام العربي الذي سمي فيما بعد بمزارع الدولة، ثم سلمت للمستوطنين بحجة أن مياه سد الفرات قد غمرت أراضيهم، علماً بانّ الدولة قامت باستصلاح أرضٍ واسعة في مشروع “مسكنة” غربي الفرات، وكان الأنسب اسكانهم فيه. لكن غاية النظام كانت سياسية وتهدف إلى تغيير ديمغرافية المناطق الكردية وفصل الكرد في الجزيرة عن اخوانهم في كردستان تركيا والعراق، والعمل على تطويقهم وافقارهم وتهجيرهم. لذلك استخدمت السلطات مع المستوطنين اسلوب الترهيب والترغيب لدفعهم للهجرة إلى المناطق الكردية، والجدير بالذكر أنّ المساحات التي خصصتها السلطات لمزارع الدولة في باقي المحافظات السورية بلغت فقط 1081 هكتار؟! لقد صودرت أراضي الكرد واعطيت للمستوطنين في الوقت الذي باتت عشرات ألاف العوائل الكردية محرومة من الأرض.
عندما تعاظم المد القومي العربي الشوفيني في خمسينات القرن الماضي، ترافق ذلك مع ميلاد الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا عام 1957 وبدأت ثورة كردية في كردستان العراق عام 1961، راح غلاة الشوفينيين يحيكون المؤامرات على شعبنا الكردي ويوجهون إليه التهم الباطلة بالعمالة والشعوبية والانفصالية وفي عهد انقلاب حزب البعث 1963 صدر كتاب لرئيس الشعبة السياسية بالحسكة محمد طلب هلال، وهو مليء بالأكاذيب والأضاليل، متجاهلاً تضحيات شعبنا من أجل استقلال سوريا، فهو قد اعتبر أن المشكلة الكردية ورم خبيث في جسم الأمة العربية وليس له علاج سوى بتره، ودعا إلى تنقية محافظة الجزيرة من العناصر الغريبة، واعتبار الكرد أعداء مثل اسرائيل، وطالب بتهجيرهم إلى الداخل السوري وتجهيلهم ونزع الجنسية عنهم وسد باب العمل وانتزاع الأرض منهم، ونزع الصفة الدينية عن مشايخ الكرد واستبدالهم بعرب اقحاح، وضرب الأكراد ببعضهم، وجعل الشريط الشمالي للجزيرة منطقة عسكرية واسكان العرب فيه وتوزيع أراضي املاك الدولة عليهم.
لقد مرت بسوريا بعد الاستقلال عدة مراحل “الوحدة – الانفصال – انقلابات حزب البعث 1963،1966، 1970” وجرى تعديل القوانين والدساتير، لكن مسار القمع والاضطهاد لم يتوقف بحق الشعب الكردي. فقد جاء في توصيات مؤتمر البعث ايلول 1966 “إعادة النظر بملكية الأراضي الواقعة على الحدود السورية التركية وعلى امتداد 350 كم وبعمق 10 – 15كم واعتبارها ملكاً للدولة” كما ورد في نشرة المناضل الخاصة بحزب البعث ك1 1966 “أنّ الأكراد يحاولون تأسيس بلد قومي بمساعدة الامبريالية ومن العاجل جداً أن تتخذ الإجراءات الضرورية لكي ننقذ العرب في المنطقة”. وراح مفكرو ومنظرو البعث يهاجمون الكرد ويشوهون تاريخهم، فالدكتور سهيل زكار ذكر زوراً وبهتاناً انّه “لم يكن في الجزيرة اكراد، ولم يستقر الأكراد في الجزيرة قط… والاكراد لا يشكلون وحدة أثنية أو لغوية ولم ينشؤوا قط حضارة ولا ثقافة”.
لقد مهدت السلطات لتنفيذ الحزام العربي منذ أواخر عام 1966 وأوائل عام 1967 عندما ابلغت مخافر الشرطة جميع القرى الحدودية الكردية، من سيمالكا شرقاً حتى سري كانيه غرباً، بأنّ قراهم أصبحت مستولى عليها وأملاك دولة ولم يعد لهم أي حق فيها وعليهم الاستعداد للرحيل. وقد شمل مشروع الحزام أراضي 335 قرية كردية يسكنها ما يزيد عن 150 ألف نسمة آنذاك، حيث استقدمت السلطات ممثلي عرب الاستيطان في آذار ونيسان من عام 1973 فزاروا المناطق الكردية على شكل مجموعات خلال عام كامل، فاجتاح الجزيرة سخط عارم وقدم الفلاحون عرائض للمسؤولين لوقف الحزام ، وفي 20 آب 1973 وزع الحزب اليساري الكردي منشوراً ” في المناطق الكردية ودمشق وحتى بيروت” أكد فيه أن الكرد سيتصدون للمشروع العنصري الخطير ولن يسمحوا بتنفيذه. فشنت السلطات حملة اعتقالات شملت المرحومين “أحمد حاج سعيد من ريف الدرباسية وحسن محمد يوسف موسى المعروف بـ حسي من ريف عامودا” وسجنوا ثمانية أعوام كما سجن كل من السيد يوسف ديبو والمرحوم عادل يزيدي ثمانية اشهر والمرحوم شكري بطيخة مدة اقل. وقبل ذلك بشهر اصدر الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا “البارتي” بياناً شرح فيه أن مشروع الحزام يهدف إلى حرمان الكرد من أراضيهم ثم تهجيرهم واسكان عرب، وطالب بإيقاف هذه المهزلة – المأساة. فاعتقلت السلطات أربعة قياديين هم: السكرتير حاج دهام ميرو – كنعان عكيد – محمد نذير مصطفى – محمد أمين شيخ كُلين، وثلاثة من اللجنة الاستشارية هم: خالد مشايخ – عبدالله ملا علي – محمد فخري، وبعد أربعة أعوام اعتقل القيادي حميد حاج سينو وبقي الجميع في السجون ثمانية أعوام.
في شتاء 1974 – 1975 بدأت قوافل المستوطنين بالوصول إلى مطار قامشلو، ثم بنيت لهم القرى ونقلوا إليها وكان عضوا القيادة القطرية لحزب البعث جابر بجبوج وعبدالله الأحمد يشرفان على تنفيذ المشروع ميدانياً من قرية هيمو، وخلال عدة شهور استكملت القرى واسكن الجميع تقريباً، وقد حصلت كل عائلة على مساحة ما بين 150 إلى 300 دونم حسب خصوبة الأرض وكمية المطر وبلغ عدد العوائل المستفيدة أكثر من 4000 عائلة موزعة على أربعين مستوطنة، والجدير بالذكر أنّ هناك مستوطنات أخرى انشئت في عهد الوحدة السورية المصرية، منها سبعة في حوض نهر الخابور واثنتان في منطقة ديرك.
بعد تطبيق مشروع الحزام بعدة أعوام وازدياد نفوذ المستوطنين وحصولهم على امتيازات كثيرة دفعهم الطمع إلى طلب المزيد من الأراضي، فادعوا أن مساحاتهم ناقصة، وضغطوا على السلطات للاستيلاء على بيادر القرى الكردية وعلى مساحات صغيرة من الأراضي الصخرية التي استصلحها الفلاحون الكرد بمشقة خلال أكثر من عشر سنوات مما أدى إلى حصول مواجهات كثيرة دافع خلالها الكرد عن كرامتهم وحقوقهم فتعرضوا للضرب والإهانة والاعتقال في القرى الآتية: “جيلكا Cîlika – سرمساخ Sermisax – كيشكه Kêşikê – روبارية Rûbariya – كركوند Gir kund – نجموك Necmok – جطل çetel – كاساني Kasanê – تل جهان Til cihan – كلاوا Kelawa – كَيري Gêrê – كفري دنا Kevrê dena – دلافي كرا Delavê kera – قديريك Qidêrîk– كورتبان Kortepan – حب الهوى Heb elhewa – حليق Helêq – قاسطبان Qastepan – توكل Tokil – كربكيل Gir bikêl – موسى كورا Mûsa Gewra – كيل حسناكي Kêl hesenakê – كركي سيد Girkê seyid .
وقبل ذلك في الخمسينات والستينات حصلت انتفاضات فلاحية كردية في كل من: سيكركا Sêgirka – تل شعير Til şe,îr– كرديم Gir dêm – شدي şidî – كري ميركي Girê mêrgê – كري بري Girê pirê – كرباوي Girbawî – قره تبه Qere tepa – علي فرو Elî fero – نيف Nêf – كرسور Gir sor – تل خاتونكي Til xatûnkê – معشوق Maşoq.
في ذكرى الحزام العربي نؤكد أن حقوق الكرد لن تموت بالتقادم وستعاد الأراضي عاجلاً ام أجلاً بحكم منطق الحق والتاريخ وإننا إذ نسرد هذه الحقائق المرة نؤكد ونحن في عهد الثورة السورية الشاملة أنّ تغييراً جذرياً سيحصل في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يمكن لشعبنا الكردي أن يسكت على جريمة الحزام، فكما أن اقليم كردستان تمكن حالياً من استعادة بقية مناطقه مثل: كركوك ومناطقها ومناطق الموصل، فإن شعبنا لن يهدأ ويستكين حتى إلغاء الحزام الاستيطاني وعودة المستوطنين إلى مناطقهم الأصلية في حوض الفرات وتعاد أراضي الكرد لهم ويحصلوا على التعويض المناسب.
وهذا ما أكده المجلس الوطني الكردي في سوريا عندما أكد على اسقاط النظام الدكتاتوري بكافة مرتكزاته وبناء سوريا فدرالية بنظام ديمقراطي تعددي فدرالي وحل القضية الكردية وفق العهود والمواثيق الدولية وتثبيتها دستورياً وإلغاء كافة السياسات والمشاريع العنصرية وإعادة الأوضاع إلى سابقها مع تعويض المتضررين.
اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا
24/6/2014

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى