آراء

ترشيح البيشمركة لجائزة نوبل للسلام

ميدي بيداوي
من الصعب أن يجد الناس ما يستطيعون به من تكريم يليق بالبيشمركة، لما يقدمونه من نضال وتضحياتٍ لحماية العالمين من أخطار وتهديدات إحدى أعتى وأخطر المنظمات الإرهابية في هذا العصر. لكن ما اعتاده العالم هو تكريم الذين أنجزوا وساهموا في تَقَدمُ وحماية البشرية بجوائز  تُظهِرُ  وتُعَرِف الناس، على الأقل، بمنجزاتهم. إحدى هذه الجوائز على سبيل المثال هي جائزة نوبل العالمية. إن هذه الجائزة يمكن أن تكون أقل تكريم يعبر  به العالم عن مدى تقديرهم للدور الذي يقوم به البيشمركة في القتال نيابة عنهم ضد هذا التنظيم الذي أصبح منبعا للإرهاب وتهديدا للسلم العالمي.
إن جائزة نوبل التي أوصى بها العالم السويدي ألفرد نوبل في وصيته سنة 1895 هي إحدى الجوائز العالمية التي لها مستوى عال من الاحترام والتقدير بين الناس. حيث تُمنح هذه الجائزة للمتميزين والمبدعين سنوياً في مجالات عدة كالكيمياء، والفيزياء، والطب، والاقتصاد، والأدب، ومن ضمنها أيضاً جائزة نوبل للسلام. أوصى السيد نوبل في وصيته الموثقة من النادي السويدي بتقديم جائزته للسلام لمنظمات أو أشخاص (أحياء) يعملون ويناضلون لتحقيق وحماية حقوق الإنسان، ومساعدة اللاجئين والمحتاجين، وتحقيق السلام واحترام الحريات في العالم. تقرر لجنة، يختارها البرلمان النرويجي، بمنح جائزة نوبل للسلام سنويا لمن تختارهم من بين المرشحين الذين تم تقديم طلبات ترشيحهم  قبل نهاية شهر يناير كانون الثاني في كل عام. لا يستطيع الشخص ترشيح نفسه بل لابد أن يتم تقديم طلب ترشحه من غيره. حسب النظام الأساسي لمؤسسة نوبل، هناك فقط مجموعة معينة من الأفراد يستطيعون تقديم طلبات الترشيح لنيل هذه الجائزة. هؤلاء الأشخاص لا بد أن يندرجوا ضمن فئة من الفئات التالية: أعضاء البرلمان والحكومات (أعضاء مجلس الوزراء/ الوزراء) للدول ذات السيادة، وكذلك رؤساء الدول؛ كل من أعضاء محكمة العدل الدولية والمحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي، وأعضاء معهد القانون الدولي؛ أساتذة الجامعات في مجالات معينة من ضمنها التاريخ والعلوم الاجتماعية والقانون والفلسفة واللاهوت، والدين؛ رؤساء الجامعات وعمداء الكليات؛ مدراء معاهد البحوث في مجال السلام ومعاهد السياسة الخارجية؛ أشخاص حصلوا على جائزة نوبل للسلام من قبل؛ أعضاء مجالس الإدارة للمنظمات والمؤسسات التي تم منحها الجائزة آنفاً؛ الأعضاء الحاليين والسابقين في لجنة نوبل النرويجية؛ وأخيراً المستشارين السابقين للجنة نوبل النرويجية.
إنما من يستحقون هذه الجائزة في كوردستان كثيرون. فإن حكومة الإقليم التي عملت وبذلت جهوداً غير عادية في إيواء أكثر من 1.8 مليون نازح ولاجئ في إقليم كوردستان، تستحق هذه الجائزة بلا شك. أيضاً الكثير من مواطني كوردستان الذين يعملون في المجال الإنساني ومساعدة اللاجئين والنازحين رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بهم أثبتوا استحقاقهم لها؛ بل وهناك الكثير من المثقفين الكوردستانيين ورجال الدين يستحقونها لدورهم وجهودهم في إفشاء ثقافة التعايش والتقبل والإخاء واحترام الاراء والحريات في عموم البلاد. ولكن، الذي يستحق هذه الجائزة  بجدارة هو بدون أي شك البيشمركة. فهناك الكثير من قادة البيشمركة أثبتوا كفاءاتهم  ودورهم الفعال في المعارك ضد هذا التنظيم الذي يهدد أمن العالم، بل ولعله لن تجد، على الأقل في كوردستان، من لا يوافق على أن كل شهيد وفرد من قوات البيشمركة يستحق هذه الجائزة. ولكن، الشخصية التي تجمع وتشمل كل هذه الأدوار والصفات وتمثلها إنما هي شخصية السيد البارزاني. و ذلك لأسباب عدة؛ فمن ناحية تعكس هذه الشخصية في جوهرها هوية البيشمركة. حيث نشأت منذ سنواتها الأولى من العمر على يد قادة بارزين لقوات البيشمركة، مما جعلتها تتشرب هذا الدور حتى باتت من صفاتها وميزاتها الأساسية. كذلك هذا التقرب من قادة البيشمركة الذين كانوا يقومون بأدوار عدة، منها سياسية، وعسكرية وحتى ثقافية، جعلتها تكتسب الثقافة السياسية والعسكرية ليست نظرياً فقط وإنما أيضاً اكتسابها القدرة واللياقة على ممارستها عملياً. نتج عن كل ذلك كله  شخصية  قيادية على المستوى السياسي والعسكري تعبر عن تطلعات الشعب الكوردستاني برؤية واضحة لمستقبل كوردستان من خلال مشروع سياسي مبني على أسس المواطنة. ومع التجربة الطويلة في النضال الوطني، أصبحت هذه الشخصية تعكس القيادة الرمزية للحركة التحررية الكوردستانية لكثير من أبناء الشعب الكوردستاني، ليس فقط في جنوب كوردستان بل وفي كل أجزاءها. أما في ما يتعلق بالسياسة الخارجية فقد استطاع البارزاني بلورة سياسات واقعية  في التعامل مع موازين القوى الاقليمية والدولية، مما ادى الى بناء علاقات دبلوماسية متينة مع الكثير من الدول في العالم وجعل لإقليم  كوردستان دورا سياسيا وعسكريا محوريا ذا وزن في المنطقة. لقد نجح السيد البارزاني بمشاركته الفعلية على الأرض كأحد أفراد قوات البيشمركة أن ينمي الروح المعنوية لقواته وأن يخطط لها ويقودها في الحرب ضد هذا التنظيم الشرس وتصده نيابةً عن العالم ومن ثم هزمته رغم كل المعوقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي كانت تُخلَق في داخل كوردستان وخارجها لإعاقته عن ذلك الدور. فكما هو معروف فإن للقائد الدور الجوهري في التأثير على الناس وتحريكهم وقيادتهم بنجاح نحو الهدف المنشود.
لذلك نقترح على كل الذين لهم الحق في تقديم طلبات الترشيح، القيام بترشيح السيد بارزاني لنيل جائزة نوبل للسلام، التي ستكون بمنحها إياه شرفاً وتقديراً لكل قوات البيشمركة وأيضاً للشهداء وذوهيم، بل ولكل الشعب الكوردستاني. كما ويمكن أن يكون لذلك تداعيات إيجابية وعاملاً قوياً لجذب انتباه العالم لمشروع دولة كوردستان بقيادة السيد البارزاني ودعمه، حتى وإن كان ذلك الدعم معنوياً.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى