أخبار - سوريا

تفاصيل دقيقة عن البرنامجين الأميركيين لدعم المعارضة السورية

انطلق برنامج التدريب الأميركي لعناصر المعارضة السورية المعتدلة من تركيا، على أن يستكمل في عدة دول أخرى مؤيدة للمعارضة السورية.
إلا أن المعارضة السورية كشفت عن تحفظات كبيرة على البرنامج تتعلق بالإعداد وطبيعة البرنامج الذي سوف تعتمده هذه الفصائل، مشيرة إلى نقص كبير في هذا البرنامج الذي كشف معارض سوري بارز لـ«الشرق الأوسط»، أنه مشابه بالشكل لبرنامج آخر كانت الولايات المتحدة تشرف عليه.
البرنامج الحالي، هو البرنامج الثاني الذي تديره الولايات المتحدة لتدريب المعارضة السورية التي تصفها واشنطن بـ«المعتدلة». وكان البرنامج الأول بدأ قبل نحو سنة، بإدارة وكالة الاستخبارات المركزية، وهو ما جعل البرنامج الحالي الذي تديره وزارة الدفاع الأميركية موضع أمل للمعارضة، لأن الاستخبارات كانت عاجزة عن تدريب العدد الكافي من المقاتلين، فهي تعمل على تدريب محدود النطاق، خلافا لإمكانيات وزارة الدفاع التي تؤهلها لتدريب وتسليح عشرات الآلاف منهم. وكانت هناك مساعدة أميركية مالية تقدر بمليوني دولار ونصف المليون شهريا توزع على الجبهات القتالية الخمس بمعدل 500 ألف دولار لكل جبهة. وكان البرنامج الأول قد بدأ لتدريب التشكيلات المعتدلة في المعارضة السورية، وكانت كل دورة تضم من 60 إلى 70 مقاتلا، ينتقلون إلى الأردن أو قطر حيث يجري تدريبهم على الأسلحة الفردية، بالإضافة إلى تمارين رياضية لتقوية الأجسام ومحاضرات فكرية تتركز حول «أخلاقيات الحرب» والمواثيق الدولية والمعاهدات التي ترعى العمليات العسكرية. وكانت الدورة تدوم أسبوعين أو 3 أسابيع كحد أقصى يصار بعدها إلى اختيار شخصين أو 3 أشخاص من كل دورة من الذين تميزوا فيها لتدريبهم على الأسلحة المضادة للدروع.
ومن ثم، بعد أن تنتهي الدورة ينتقل المتخرجون إلى سوريا حيث تزودهم الاستخبارات الأميركية بأسلحة فردية لكل مقاتل، وشاحنة نقل كبيرة وسيارات نقل صغيرة مكشوفة من طراز تويوتا تحمل عليها الرشاشات المتوسطة من عياري 14.5 ملليمتر، و23 ملليمترا. كما يزودون بقاذف من نوع «ن 29» أو «ب 9». وتلتحق هذه المجموعات بالقتال بالطريقة التي تراها الفصائل التي تنضوي فيها مناسبة، أو بالجبهات التي ترى ضرورة العمل عليها، ويجري تذخيرها حسب احتياجات المعارك بإشراف الدول الداعمة. ولكن كانت هناك شكاوى مستمرة من النقص بهذا التذخير. وفي وقت لاحق، عندما تم تسليم المعارضة صواريخ «تاو» المضادة للدروع، بدأ التسليم للمقاتلين الذين تلقوا تدريبات في هذا الإطار.
لؤي المقداد، رئيس مركز «مسارات» المهتم بشؤون الثورة السورية والمجموعات المقاتلة، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه التدريبات كانت خفيفة، وتشمل فقط الأساسيات في القتال وكان من الممكن تنفيذها في أي مكان»، مشيرا إلى أن «مجموع ما تم تخريجه من المقاتلين خلال السنة الماضية يقدر بالمئات لا بالآلاف». وأوضح المقداد، الذي شارك في اجتماعات عدة عقدت في عواصم غربية لبحث موضوع التدريب، أن «ما كنا نسمعه في عواصم القرار أنه طالما أن البرنامج بيد الاستخبارات، فسيكون نوعيا لا كميا، أما الإنجاز الحقيقي فهو أن ينتقل هذا البرنامج ليصبح بيد وزارة الدفاع البنتاغون التي تستطيع تسليح جيوش لا مجموعات فقط». ويشير المقداد إلى أن «البرنامج القديم كان يتيح للثوار الزج بمقاتليهم المدربين في مواجهة النظام، ولم يكن هناك من تحفظات على ذلك، بل على العكس. واعترف بأن البرنامج الأول تخللته بعض المشكلات، وسببها خشية الجانب الأميركي أحيانا من انضمام هؤلاء المقاتلين إلى جهات لا يرضى عن سلوكها».
وبعد الهجمات التي نفذتها «جبهة النصرة» ضد تشكيلات الجيش الحر أواخر العام الماضي، سرعت الاستخبارات الأميركية وتيرة عمليات التدريب بحيث بدأت تشمل المئات وصلت مع أحد التشكيلات المقاتلة إلى 400 مقاتل دفعة واحدة، ما خلق نوعا من التفاؤل لدى المقاتلين.
ويستغرب المقداد، الموجود حاليا في الولايات المتحدة، كيفية تعاطي الإدارة الأميركية مع المقاتلين، الذين كانت تشترط في وقت سابق تدريبهم وتثقيفهم لشهور قبل تسليمهم السلاح، لكنها في عين العرب (كوباني) رمت الأسلحة بالمظلات لمقاتلين لم يسبق تدريبهم أو التأكد من توجهاتهم، وأشار إلى أن هذا الواقع خلق نوعا من التشكيك لدى مقاتلي «الحر» الذين يواجهون النظام منذ 4 سنوات لم ترها الاستخبارات كافية للوثوق بهم وتقديم أسلحة نوعية لهم.
وتابع المقداد القول إن «ما تسرب للمعارضة حتى الآن هو أن البرنامج سيشمل نحو 5 آلاف مقاتل سنويا»، كاشفا أن «المعلومات تقول بأن التسليح في المقابل لن يكون أكثر من التسليح الذي كان يؤمنه البرنامج الأول، وبنفس الآلية السابقة». وأردف: «إذا كان الرقم المعلن هو 5 آلاف في العام الحالي و5 آلاف آخرين في العام المقبل، فهذا رقم هزيل جدا لتشكيلات يفترض بها أن تقاتل (داعش)، بينما يتراوح عدد أفراد هذا التنظيم – وفق التقارير الأميركية – بين 20 ألفا إلى 30 ألف مقاتل؛ أي أننا نحتاج إلى 10 سنوات لتدريب ما تدربه (داعش) بسنة واحدة». وأشار إلى أنه لا يفهم الحرص على أن تكون الأرقام قليلة، بما يصب في مصلحة مشروع إطالة أمد الحرب.
أيضا أوضح المقداد أن «ما يتردد في واشنطن الآن هو أن هذه القوى سوف تعمل بعد انتهاء التدريب بالتنسيق مع غارات التحالف، في مهاجمة التنظيمات المتطرفة بمعنى إعطائها غطاء جويا بحيث تزداد فعالية مقاتليها على الأرض مقارنة بمثلهم من الأعداد التي تواجههم من المقاتلين». غير أنه أشار إلى أن «السؤال الأساسي هو من يحمي هؤلاء من غارات النظام الجوية؟». واستطرد أن «مجموعات من (الجيش الحر) كانت في وقت سابق تتجه إلى الرقة لمواجهة (داعش) عندما استهدفها طيران النظام، وهذه الواقعة تعلم بها الدول الأصدقاء للشعب السوري». ورأى المقداد أن هؤلاء المقاتلين الذين يواجهون التنظيمات المتشددة على الأرض السورية «لا يقاتلون نيابة عن الشعب السوري فقط، بل عن كوكب الأرض كله». واعتبر أن «إرسال هؤلاء من دون تأمين غطاء جوي لهم بمثابة انتحار». واقترح إقامة معسكرات تدريب داخل الأراضي السورية بحيث يمكن أن تزداد فاعلية التدريب إلى حد كبير ويرفع عدد المتدربين إلى أعداد كبيرة جدا تكون نواة الجيش السوري الجديد بعد سقوط النظام.
كذلك أشار المقداد إلى أنه «في حالات سابقة، عندما تم تسليم المقاتلين صواريخ «تاو» المضادة للدروع، كان التشكيل الذي يتسلم هذا السلاح مطالبا بتوثيق استخدامه لهذا السلاح، وكان هذا يحدث بكاميرتين أو 3 في بعض الأحيان. وفي حال كانت هناك مشكلة في الصاروخ أدت إلى تعذر إطلاقه كان يتم إعادة الصاروخ المعطل». وأوضح أن «هذا الترتيب أثبت جدواه»، متسائلا: «لماذا لا يعتمد مع المقاتلين عبر تزويدهم بأسلحة مضادة للطائرات وفق الصيغة نفسها، بما يساهم في تحييد طائرات النظام وحماية التشكيلات؟». ثم تابع أن حوادث سابقة أظهرت وجود تشكيلات من «الجيش الحر» في جنوب البلاد «أظهرت انضباطا لافتا في هذا المجال، وحسا عاليا بالمسؤولية، وهي مواقف تعلمها جيدا الدول الحليفة».
وحول ما نسب إلى اللواء سليم إدريس، وزير الدفاع في حكومة الائتلاف السوري، أوضح المقداد أن «كلام إدريس عن 60 ألف مقاتل، ليس مقصودا به من سيتخرج من البرنامج الأميركي، بل هو عبارة عن مشروع أعده إدريس بالتعاون مع رئيس الحكومة المؤقتة أحمد الطعمة، يهدف إلى إعداد قوة مؤلفة من نحو ألفي مقاتل يكونون نواة الجيش المنوي تشكيله لمواجهة النظام والفصائل المتحالفة معه، وهذا رقم قابل للتطوير ليصل إلى 60 ألف مقاتل في حال تأمنت المقومات اللازمة». وأضاف أن «وعودا قطعت من قبل الأميركيين بالمساعدة في هذا المجال المنفصل تماما عن مشروع التدريب القائم». وأوضح أن «إدريس عمل على إعادة تنظيم غرف العمليات العسكرية لتواجه القوى المناوئة للثورة سواء النظام أو (داعش)، وفقا لمكان وجودها، وأن العائق الأساسي في هذا المجال هو تأمين الموارد».
الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى