آراء

خفر بوابات أمن النظام

لا شك أن تمادي النظام في إجرامه ومن خلفه روسيا وايران كانت نتيجة حتمية في إستهدافه للثورة السلمية بالسلاح منذ اليوم الأول و جرها إلى الحرب , بدواعي وزرائع كيدية شتى , على يافطة خادعة وكاذبة (المجموعات الإرهابية) , في ظل تخاذل وتهاون المجتمع الدولي , فيما تمكن بعقليته التآمرية من استقطاب أحزاب تحت الطلب وميليشيات طائفية ومجموعات محليه مرتزقة , غير متجانسة من حيث الأهداف والمصالح والإنتماءات ,لكن قاسمها المشترك , التمسك بذات الذرائع التي رسمت لها بإتقان , وفي النتيجة أصبحت بمجملها قرابين لحماية النظام من الإنهيار منذ السنة الثانية من عمر الثورة , حتى وصلت بها الحال أن تخوض المعارك بمفردها وبإشراف وتنسيق ما تبقى من جيشه العربي السوري الباسل , فيما دوائره المتعددة الرؤوس و حواضنه في الساحل والعاصمة والمدن الكبرى , باتت بمعزل من الإستهداف , بسبب الطوق الأمني المفروض لحمايتها , كأنها خارج الزمان والمكان سورياً , فيما باقي المناطق تنزف دماً ودماراً وحصاراً .
في نظرة فاحصة دون تكلُّف زائد , للمشهد في مناطق غرب كوردستان ( كوردستان سوريا ) وبخاصة الجزيرة , يتبين مدى التآمر الذي لحق بالشعب الكوردي , جراء تكليف النظام لأنصار(ب.ك.ك) بحراسته وحماية مصالحه , التي تتعدد بإمتيازاتها وتتنوع بمكاسبها , بمقدار ما يلحق بالشعب الكوردي من قمع وإستبداد وحيف وحرمان .
الوضع في الجزيرة بإختصار , يندرج بمجمله ضمن الأوليات من حيث :
– الحصار : شمالاً جاء كنتيجة حتمية ,لمعادات تركيا لحزب (ب.ك.ك) وأنصاره والحرب الدائرة بينهما منذ عقود , وهذا الأمر أستغله النظام عسكرياً بمجرد سقوط مدينة (سرى كانيه) , و شرقاً حيث إقليم كوردستان العراق للحيلولة من التكامل و قطع التواصل مع نواة المشروع القومي الكوردستاني ولحرمان الحركة السياسية المتمثلة بالمجلس الوطني الكوردي من المناورة سياسياً ولوجستياً لإبقاء مناطق إقليم كوردستان سوريا مستقرة سلمياً ,ضمن دائرة الإهتمام الدولي والجهد الأممي إغاثياً , على أمل إعتبارها منطقة آمنة , خارج نطاق النزاع المسلح في سوريا , وإبقاء كل الخيارات مفتوحة أمام الحركة السياسية الكوردية , في ظل تنامي وعي مبكر لإبقاء الحراك الثوري سلمياً , في خطوة تهدف بالأساس إلى منع لجوء الشعب الكوردي الى ترك مناطق تواجده التاريخية . وجنوباً أستغل الصراع القومي بحمَّالته البعثية المُجتثة في البداية وتمكن وبمساعدة داعميه من إعادة الجاهلية الأولى بعناصرها التاريخية من خلال (داعش ), بحيث أحكم الطوق في مفاصل الجغرافيا حيث الأرض و كذلك من السماء من خلال إبقاء فتحة مطار قامشلو الدولي , كمعبرجوي يعمل بالفلترة والإيتزاز بشرياً وإقتصادياً .
– القيادة و التحكم : حافظ النظام على قوة وجوده من خلال تحكمه بسلطة القرار أولاً , والسيادة ثانياً من حيث بقاء وتعزيز دور مؤسساته الأمنية والعسكرية والسياسية و الإقتصادية والإدارية , ومن ثم إستخدام وكلائه للإنسياق في مشروعه الخادع ( محاربة الإرهاب) بما يتجاوز حدود التعاقد ( الحراسة وتقديم الخدمات و قمع الشعب الكوردي) لهذا نرى يحدث
بين حين وآخر نوع من المصادمات المفتعلة بينهما , يدعي كل طرف بتجاوز الآخر , هذا يأتي كأمر طبيعي من الجانبين لمطالبة كل منهما بتكاليف إضافية بسبب تقديم أعمال إضافية , وما يحدث من تعاون مع التحالف الدولي من مختلف الإتجاهات يقع خارج سياق مصلحة الشعب السوري العام ويهدد مصير الشعب الكوردي بشكل خاص , مادام يتجنب إضعاف النظام وخاصة بعد دخول تركيا إلى غرب نهر الفرات ويدخل في سياق اللعبة الدولية والإقليمية التي ستكون فيها القوى المحلية الضحية الأولى , بإعتبارها الحلقة الأضعف في أتون الصراع , حيث تُترك لمصيرها المجهول بين رحى الإتفاقات الدولية في نهاية المطاف .
-استهداف وجود الشعب الكوردي : نجح النظام في استكمال سياساته في إقصاء الشعب الكوردي من التفاعل السياسي و الإجتماعي بشكل فعَّال و منعه من الإستفادة من ظروف الحرب السورية , من خلال فرض البديل المساوم بقوة السلاح , على قضيته القومية ( منظومة ب.ك.ك) و محاولة إقصاء حركته وقواه الحقيقية , عن الحياة السياسية العامة من خلال التضييق والإعتقال والإبعاد , ودفعه للهجرة وترك وطنه كوردستان وفرض الاصطفاف السلبي عليه , ترهيباً وترغيباً , وخلق حالة أكثر تشرذماً من السابق , يهدف بالأساس إلى بقاء عناصر الإحتراب الداخلي في تجدد , سواء بصبغته العنصرية ( الشوفينية ) أو البينية . وإبقاء تجمعاته البشرية في مرمى الإرهاب المزدوج المتكامل الأركان (النظام-داعش) من خلال التسهيل وأدوات التنفيذ والمسببات (؟) .
– حصانة أمن النظام : كل الطرق بالتأكيد لا تؤدي الى حيث رفع الحصانة الأمنية عنه , سواء بالاستهداف المباشر أو غيره , لأنه لم يعد هناك من يعاديه في بيئته الآمنة في مربعاته ومثلثاته ودوائره ودهاليزه مادام حراس الثغور على أهبة الاستعداد للتضحية بأبناء وبنات الشعب الكوردي , قرابين معمَّدين بالدم على تخوم سلتطه , لم يعد الأمر بحاجة إلى مزيد من التحليل و المكاشفة مادامت حقيقة أمن النظام باتت من المسلمات , فخلال عمر الثورة لم يستطع أحد الإقتراب من أصنامه في مدن الجزيرة الكبرى وبانوراما إنتصاراته بل أصبحت خلفيات لصور ضحايا قيد التنفيذ , فهو لم يعد بحاجة إلى دائرة يدفع رواتب موظفيها أو بناء يمكن التخلي عنه أو شارع مكتظ بمجتمعٍ هائمٍ على وجه لا يعرف وجهته , وقد يعمل في فترة لاحقةى على إفراغ المناطق الكوردية إدارياً و معاشياً (إقتصادياً) لكن نعمة النفط والغاز والحبوب تحول دون ذلك , فهل نحن مقبلين على مفاجآت تُغِّير من حالٍ إلى حال , لأن دوام الحَال من المُحال .
قهرمان مرعان آغا
دويتش لاند 9/10/2016
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى