آراء

زيارات القادة العراقيين إنفتاح أم استجداء؟

عبدالغني علي يحيى
الأعتقاد من أن القادة العراقيين يرومون من وراء زياراتهم المكثفة واللافتة إلى الجوار العراقي، تحقيق أنفتاح سياسي، (مسألة فيها نظر) فالدول التي زاروها باستثناء السعودية لها تبادل دبلوماسي مع العراق، لذا بات ضرورياً البحث عن أغراض أخرى توختها الزيارات هذه. فتلك التي نفذت الى الكويت مثلاً، اسفرت عن تأجيل الدفعة الأخيرة من تعويضات الكويت المستحقة على العراق. مع توقيع 45 مذكرة تفاهم بينهما اضافة الى تشكيل لجنة مشتركة لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله وميناء مبارك، فضلاً عن سعيهما إلى (ضرورة التوصل إلى صيغة لأستغلال الحقول النفطية المشتركة). إلا أن ملف ترسيم الحدود بين البلدين والذي يعد من أبرز المسائل العالقة بينهما فقد ظل دون حل الامر الذي يجعل باب الصراع مفتوحاً بينهما في المستقبل البعيد وربما المنظور ايضاً. ومن الأطماع العراقية في الكويت خلية نائمة أو متأهبة.
أما مع السعودية، فيكفي القول أنه بعد فترة على أنتهاء الزيارة إليها، قال مسؤولون عراقيون، انهم يدرسون تشغيل أنبوب النفط المار عبر السعودية إلى موانئها والمتوقف منذ عام 1991 وذلك بعد نيلهم وعداً من الرياض بفتح سفارتها ببغداد، وهنا نسأل: متى كانت العلاقات الدبلوماسية بين الدول أنفتاحاً؟ اذ ان الكثير من دول العالم تشدها علاقات دبلوماسية مع بعضها بعضاً، ومع ذلك فان الخلافات بينها تصل احياناً الى حافة المواجهة المسلحة. فالدول العربية مثلاً تتمتع بعلاقات دبلوماسية مع بعضهما بعضاً، إلا ان الخلافات تكاد تكون على طول الخط قائمة بينها، في حين ان هذه الدول في معظمها لا توجد علاقات دبلوماسية بينها وبين اسرائيل، ومع ذلك فأن خلافاتها مع الأخيرة ضيقة جداً مقارنة بالخلافات العربية – العربية، لهذا ولما تقدم، فأن استعادة العراق لعلاقاته الدبلوماسية مع السعودية،لا يعني نصرا أو مكسبا بالشكل الذي يصوره الجانب العراقي، سيما اذا علمنا ان القطيعة السعودية مع خصومها كما دلت التجاريب ليست مؤذية فالعلاقة معها او انعدامها تكاد تتساوى.
وبخصوص زيارة العبادي إلى الأمارات، قيل ان الهدف من ورائها، توثيق العلاقات التجارية والصناعية والاقتصادية لكن تبين فيما بعد انها لم تكن موفقة ولم تتوج باي اتفاق في تلك المجالات، ناهيكم عن استقبال الامارات للعبادي من موقع جد أدنى، نائب القائد العام للقوات المسلحة! مثلما لم تكن زيارته الى تركيا غير موفقة ايضا واسفرت عن تقديم طلب خجول الى الاخيرة لتزويد العراق بكميات عاجلة من المياه، وهو طلب قديم جديد، يقينا ان العراق سيدخل حرب مياه خاسرة مع تركيا. بقي ان نعلم ان تلك الزيارة كانت اكثر من مهينة، واحيل القارى الكريم الى تعليق ورد أسفل صورة جمعت بين اردوغان والعبادي نشرته صحيفة بابل الالكترونية وهو: (يوم حزين من أيام المهانة العراقية في أنقرة). وفي خضم هذه الزيارات ورد (أن الحكومة العراقية تتجه إلى الاقتراض الخارجي لسد العجز في الموازنة) لذا فمن الأرجح ان يكون العراق قد طلب قروضا من الدول التي زارها مسؤولوه غير انه يبدو ان تلك الدول ردت طلبهم ذاك. وحتى على صعيد الداخل فأن زياراتهم الى كردستان لم تتعد سوى تحقيق هدف اقتصادي واحد تمثل بالاتفاق النفطي، ومن غير التطرق الى المادة 140 التى بدون تنفيذها لا يمكن تصور انفتاح حقيقي بين بغداد واربيل، ولقد اضطر العراق التوقيع على ذلك الاتفاق والذي عبر العبادي عنه في قوله: (أن العراق لن يتمكن من تصدير نفطه بدون الأتفاق مع أقليم كردستان) ما يعني ان الأضطرار كان الدافع لقبول العراق بأشكال المهانات التي واجهها.
ختاما،ان الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التى يمر بها العراق والتي قد تدفعه نحو الهاوية، تقف وراء زيارات القادة العراقيين الى الدول المجاورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى