آراء

سوريا الحالية: كيف كانت ومن أين يبدأ تاريخ الدولة فيها …..؟

عبد الرحمـــن كـــلو
وسوريا الحالية لم تكن في أي يوم دولة موحدة قبل هذا التاريخ، كما لم تكن لمعظم الكيانات السياسية العربية الحالية وجود سيادي طيلة فترة الدولة العثمانية 1517ـ 1918، بل كانت عبارة عن ولايات تابعة وخاضعة للباب العالي في الأستانة أو استانبول، والتقسيم الاداري العثماني الذي اعتمد عام 1904قسمت منطقة ما أسماها البعض بلاد الشام إلى ثلاثة ألوية :
• ولاية الشام وكانت تضم دمشق وحماة وحوران والكرك في الاردن الحالية.
• ولاية حلب وتضم حلب في سوريا الحالية واورفا في تركيا الحالية ومرعش في تركيا
• ولاية بيروت وتضم بيروت وعكا وطرابلس اللبنانية واللاذقية ونابلس.
والفرنسيون بعد الحقبة العثمانية بعد سايكس بيكو وتحديدا في عام 1920 قاموا بتقسيم سوريا الحالية إلى ست دويلات : : دولة دمشق ، دولة حلب ، دولة العلويين ، دولة الاسكندرونة ، دولة لبنان، دولة جبل الدروز.
وعلى الرغم من توقيع اتفاقية أنقرة لرسم الحدود بين تركيا ومنطقة النفوذ الفرنسي في 20 تشرين الأول عام 1921 إلا أن الحدود الفعلية بين تركيا وبين المناطق الكردية في شمال سوريا الحالية بقيت دون تنفيذ، حيث البند الثالث من الاتفاقية اوصى بانسحاب الجيوش الفرنسية نحو الجنوب والجيوش التركية نحو الشمال ، والمادة 13 من الاتفاقية سمحت للسكان المحليين من الكورد بالتنقل بحرية بين جانبي الخط المرسوم، وذلك في إشارة واضحة على وحدة الجغرافيا البشرية للجانبين، واعتراف صريح بتقسيم هذه الجغرافيا الخاصة بالشعب الكردي، وعليه استغل الجانب التركي هذه المادة بشكل سلبي وتحايل على تنفيذها بما ينسجم مع توجهات دولة العسكر تجاه الكورد حيث اعتمد الحدود المتغيرة والمتحركة، لكن من خلال حدود منيعة متحركة لأهداف أمنية وعسكرية، وبقيت الحدود في حالة تغير دائم حتى خمسينات القرن الماضي، ومع كل تغيير حدودي من جانب دولة العسكر في تركيا كانت تتحرك معها الأسلاك الشائكة والألغام الأرضية التي حصدت آلاف الأرواح البشرية، وعلى المنظمات الحقوقية الدولية أن تطالب بالتحقيق في تلك الجرائم باعتبارها جرائم ضد الانسانية.
و بسبب عدم الاستقرار السائد في دول المنطقة ( دمشق، حلب، دولة العلويين، الاسكندرونة ) وبعد سنة واحدة من عمر هذه الدول في عام 1922أنشأ الفرنسيون الاتحاد السوري وفق فيدرالية شكلية أشبه بالنظام الكونفدرالي بين دول حلب ودمشق والعلويين، ومع استمرار حالة عدم الاستقرار وبعد ثلاث سنوات في عام 1924 تم توحيد دولتي دمشق وحلب في دولة واحدة مع إبقاء دولة العلويين كدولة مستقلة منفصلة عاصمتها اللاذقية، وانتهت الفيدرالية السورية مع انفصال دولة لبنان عام 1936، أي أن تاريخ الدولة السورية ككيان سياسي واحد بدأ من عام 1936 وفقط وفيما عدا ذلك لا دولة اسمها سوريا ومثلها الكثير من الدول العربية الحالية مثل الاردن أو العراق أو الكويت أو الامارات العربية أو لبنان أو السعودية تفتقد إلى المشروعية التاريخية لجيوغرافيتها السياسية .
ربما ومن خلال السرد الموجز لبعض الحقائق التاريخية الموثقة يمكن القول أن الوجود القومي الكردي في كردستان سوريا أو ما تسمى اليوم بشمال سوريا هو وجود تاريخي أصيل وأن هذا الشعب يعيش على أرض وطنه الذي تم تقسيمه بموجب اتفاق استعماري، وأن سايكس ـ بيكو بكل مخرجاتها لا ترتكز على أي سند قانوني، وعلى المجتمع الدولي اعادة النظر في نتائج وتداعيات هذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات التي تسببت في زهق أرواح مئات الآلاف من البشر، وما الحرب الكارثية المدمرة التي تجري في سوريا اليوم إلا الضريبة التي تدفعها شعوب المنطقة لنتائج اتفاق استعماري، تم بموجبه رسم الحدود بعيداً عن ارادات الشعوب والأوطان المنعزلة للكورد والعرب والعلويين والدروز والطوائف المسيحية إذ تم تجميع هذه المكونات ضمن اطار جغرافي سياسي واحد هي دولة سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى