“غول” النرويج.. كأس سادسة تكرّس الهيمنة
كرّست سيّدات النرويج سمعتهنّ كـ”غول” لليد الأوروبية ببصمهنّ على اللقب السادس في تاريخهنّ.
تُوّجت سيّدات النرويج بلقب بطولة أمم أوروبا لكرة اليد التي أقيمت بتنظيم مشترك بين كرواتيا والمجر، على حساب نظيرتهنّ الإسبانيات اليوم الأحد بنتيجة (28-25).
في قاعة “باب لازلو” بالعاصمة المجرية بودابست، دخلت النرويجيات التاريخ من بوابة جديدة بتحقيقهنّ اللقب السادس في تاريخ مشاركتهنّ في اليورو، في حين أخفقت فتيات المدرّب خورخي دونياس في النسج على منوال الرجال أبطال العالم في 2013، وحصد اللقب للمرّة الأولى في رصيدهنّ الأوروبي.
ما طفى على سطح نهائي بودابست بوضوح يضاهي وضوح الشمس في هذا الشوط الأوّل خاصة، حوار دخل الحوار الأكبر الذي جمع حارسة المنتخب الإسباني سيليا نافارو ونظيرتها النرويجية سيلي سولبرغ.
نافارو كانت سدّاً منيعاً أمام كلّ تهديد نرويجي قادم وخاصة نجاحها منقطع النظير في إيقاف الماكينة التهديفية لخبيرة الدائرة هايدي لوك، و ما التصدّيات الستة من منطقة 6 أمتار إلا دليل قاطع على نافارو “المتوهّجة”، أمّا سولبرغ فكانت بدورها مؤثّرة خصوصاً مع العجز الهجومي الكبير لرفيقاتها في أوقات عدّة من هذا الشوط، ونجحت في تقديم خمس تصدّيات حرمت “محاربات الماتادور” من قتل التشويق في النهائي.
الدفاع المسطّح كان أحد أبرز الكلمات المفاتيح في هذا الشوط، إذ وفّقت الإسبانيات بنجاعة كبيرة في استثمار هذا المعطى الفنّي بفضل سواعدها القوية، على غرار ألكساندرينا كابرال ونيريا بينيا بالإضافة إلى الانطلاقات السريعة من مارتين كارمن.
أمّا النرويجيات فقد افتقدن الحلول الهجومية في ظلّ دفاع متأخّر على الأمتار السبعة حرمت هايدي لوك من إيجاد الثغرات والتنسيق مع “توأمها” الفني نورا مورك، إضافة إلى فقدان الضاربات القادرات على التسديد من قوس 9 أمتار، زد على ذلك ارتكاب الأخطاء الفنية العديدة في الهجوم والتي وصلت إلى ستة، ما أضعف كثيراً من القدرة الهجومية لفتيات الفايكينغ.
وما يمكن أن نستخلصه في هذا الشوط هو التوظيف المزدوج للدفاع المسطّح، إذ عانت النرويجيات منه كثيراً لا سيما دفاعياً، في حين استثمرت فتيات الماتادور هذا الأسلوب الفنّي على الوجه الأمثل، ما مكنّهنّ من أخذ الأسبقية في هذا الشوط الذي انتهى بنتيجة (12-10) للإسبانيات.
ما مثّل القاسم المشترك في العنوان العريض لهذا الشوط، هو افتقاد المنتخبين لنجاعة نجمتيهما اللتين كانتا تحت الأنظار، باعتبار أنّ الإضافة التي يقدّمانها تحسم في الغالب مصير مباريات منتخبيهما طيلة هذه الدورة.
الحديث هنا عن الإسبانية مارتا مانغه ولاعبة الدائرة الدنماركية هايدي لوك، هذا الثنائي الذي كان خارج الموضوع في الشوط الأوّل وأثّرا سلباً على عطاءات منتخبيهما، فضاربة “لاروخا” عجزت عن تعزيز رصيدها البالغ 929 هدفاً (هدّافة المنتخب الإسباني)، في هذا الشوط بارتكابها 5 أخطاء فنية متتالية ما دفع المدرّب إلى إخراجها “ظرفياً”، في حين أنّ لوك العنصر الخبير في النرويج فشلت في إثبات نفسها في شوط أوّل وجدت فيه حائط صدّ بشرياً اسمه الحارسة نافارو.
على عكس سابقه، دخلت فتيات الأندلس هذا النصف الثاني من الصراع الختامي على زعامة أوروبا، بشكل متراجع رغم أسبقية الهدفين التي نعمت بها في الشوط الأوّل.
تراجع استغلّته النرويجيات على الوجه الأمثل، حيث سرعان ما تداركت الموقف، عبر الثلاثي المتألّق نورا مورك (7 أهداف) وشتاين بريدال أوفتيدال، نجمة فريق إيسي باري الفرنسي، وعلى وجه التحديد كلّ من بيتينا ريغلهورث التي مثّلت علاجاً لعقم التسديد من مسافات بعيدة، وزميلتها كريستل كورن التي وقّعت على نفسها كورقة رابحة حسمت أمر اللقب في هذا الشوط الثاني بتدوينها 10 أهداف كاملة من 10 محاولات أيّ أنّها تمتّعت بنسبة نجاعة مثالية 100%.
على الرغم من تحسّن مستوى “الخبيرة” مانغه في هذا الشوط ومحافظة نيريا بينيتا على مستواها الرائع في الهجوم كأفضل مسجّلة في المنتخب الإسباني (10 أهداف) وصاحبة المركز الثالث كأفضل هدّافة في البطولة (46 هدفاً)، إضافة إلى توظيف القدرات البدنية والفنية الهائلة لكابرال في الدفاع، فإنّ كلّ ما سبق لم يسمح لهنّ من السير على نهج الشوط الأوّل، في ظلّ التحويرات الفنية التي طرأت في صفوف النرويجيات التي كان لها بصمة فارقة في النتيجة النهائية، وقلب المعادلة من الهزيمة في الشوط الأوّل بفارق هدفين إلى فوز في الثاني بفارق 5 أهداف، ما يعكس واقعاً حنكة فتيات المدرّب الأيسلندي ثورير هيرغيرسون.
استحقّ نهائي “لازلو باب” بين إسبانيا والنرويج بكلّ تقلّباته ومزاجيته على المستوى الفنيّ أن يكون الطبق الدسم المعترف به في هذا اليورو، بعد أنّ قدّم المنتخبان دليلاً قاطعاً على أنّهما يستحقّان الوجود في الموعد الختامي بفضل ما قدّماه من عطاءات، وليس تكوّن معظم منتخب أوروبا في هذه البطولة من لاعبات المنتخبين سوى تجسيد لتميّيزهما في هذه المنافسة.
