من الصحافة العالمية

كرُدستان من الاستفتاء على الطريق نحو الاستقلال

بقلم الدكتور إيدي كوهين

الترجمة من الانكليزية نور الدين عثمان

في 25 أيلول / سبتمبر، سيجرى استفتاء حول مستقبل إقليم كوردستان العراق. وسوف يقرر التصويت ما اذا كان يتعين على كوردستان الانفصال عن العراق وأن تصبح دولة مستقلة أو تبقى داخل الدولة العراقية. وسيكون الاستفتاء الخطوة الأولى التي يقوم بها الكورد العراقيون نحو تحقيق حلم دولة كوردية مستقلة منذ أكثر من قرن.
بعد الحرب العالمية الأولى، وعدت القوى المنتصرة باستقلال الكورد. لكن الوعد لم يتحقق، ويرجع ذلك أساسا إلى معارضة مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.
ومنذ ذلك الحين، عانى الكورد من الاضطهاد في البلدان التي اُلحقت اجزاء من كوردستان بها، و هي: العراق وإيران وسوريا وتركيا. ويشكل الكورد الآن أكبر مجموعة قومية في العالم دون أن تكون لهم دولة دولة خاصة بهم.
ومنذ سقوط صدام حسين في عام 2003، تمتع الكورد بحكم ذاتي واسع أعاد تطلعهم إلى الاستقلال. وقد اكتسب هذا الطموح زخما كبيرا بسبب المساعدة الكبيرة التي قدمتها قوات البيشمركة الكوردية، في الحرب ضد داعش، والتي بدونها لم يكن الجيش العراقي لينجح في تحرير منطقة الموصل من التنظيم الإرهابي الإسلامي. ولكن المشاكل التي كانت قائمة بين بغداد و اربيل لا تزال عالقة، خاصة عند إثارة موضوع حق كوردستان في الاستقلال.
وفي هذا الموضوع، يبدو أنه لم يحدث أي تغيير في موقف الحكومة العراقية الحالية فيما يتعلق بموقف سابقاتها. ووفقا للحكومة المركزية والشخصيات العامة العراقية التي تعارض الاستقلال الكردي، وهي ترى أن  الكورد مثل الآشوريين والايزيديين والتركمان جزء لا يتجزأ من المجتمع العراقي الذي يجب ألا ينفصل عن الوطن الأم العراق.
وعلاوة على ذلك، توجد نزاعات قاسية بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة العراقية بشأن ملكية النفط في كوردستان وتسديد الأموال التي تطلبها الحكومة لبيع هذا النفط. وقد تلقت كوردستان دعماً غير متوقعاً من المملكة العربية السعودية بشأن هذه المسألة. و بذلك سعت السعودية للانتقام من أنقرة لدعمها قطر.
أما بالنسبة لإسرائيل، في حين أن هناك صمت رسمي حول الموضوع، فلا شك أن القدس ستدعم دولة كوردية مستقلة. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قد أعلن قبل ثلاث سنوات عن دعم اسرائيل إقامة دولة من هذا القبيل في العراق، حينها قال نتانياهو في كلمة ألقاها في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: “يجب أن ندعم تطلعات الأكراد للاستقلال”.
و قد واجهت تصريحات نتانياهو رداً قاسيا من رئيس الوزراء العراقي في ذلك الوقت نوري المالكي، الذي قال مراراً لوسائل الإعلام إن كوردستان ستكون “إسرائيل الثانية”. وعندما وصل الصحفيون الإسرائيليون إلى العراق لتغطية الحرب على داعش، لم يخفي المالكي غضبه. ويتهم العديد من القادة العراقيين الآخرين إلى جانب المالكي رئيس إقليم كوردستان مسعود بارزاني بالتعاون مع إسرائيل، في إشارة إلى المساعدة العسكرية التي قدمتها إسرائيل في الستينيات والسبعينات إلى الكورد تحت قيادة مصطفى برزاني (والد الرئيس مسعود بارزاني) في حربهم ضد الحكومة المركزية.
وهناك عدد قليل من البلدان التي تدعم الاستفتاء والاستقلال للشعب الكوردي في كوردستان. وتتشارك بلاد الكورد، التي تحيط بها الأعداء، حدوداً مع العراق وإيران وسوريا وتركيا. هذه الدول، وخاصة إيران، تعارض بشدة إنشاء دولة كوردية. إنهم يخشون، مثل المالكي، أن كوردستان -التي تمكنت من بناء جزيرة ودية من الهدوء والاستقرار في منطقة محاطة بالأعداء والحرب- ستصبح في الواقع الشيء المروّع، الذي يسمونه “إسرائيل الثانية”. وقد استخدم هذا التعبير على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، وخاصةً عندما تتصدر قضية استقلال كوردستان عناوين الصحف.
من جانبها، لدى إسرائيل مصلحة اقتصادية وأمنية في دعم دولة كوردية. وفي ضوء تفشي الميليشيات الجهادية في سوريا والعراق، يجب أن تشارك القدس في التطورات في كوردستان. وسيكون من مصلحة إسرائيل وجيشها، تدريب وإرشاد جنود البيشمركة في الدولة الكوردية المستقبلية. حتى أنه يمكن للمرء أن يذهب أبعد من ذلك – قد يكون من المعقول بناء قاعدة للقوات الجوية في كوردستان لحماية الدولة الناشئة. وعلاوة على ذلك، فإن الدولة الكوردية المستقلة قد تسمح بإعادة سكانها اليهود وإعادة ممتلكاتهم التي نُهبت منهم، مما يشكل سابقة هامة لاتفاقات سلام عربية-إسرائيلية مقبلة.
وبعيدا عن هذه المصالح الحيوية، فإن شعب إسرائيل يتعاطف كثيرا مع الكفاح العادل للكورد. هناك العديد من القواسم المشتركة بين الشعب الكوردي والشعب اليهودي، وكلاهما عانوا من الاضطهاد المستمر على المدى الطويل وتناثر الشعبان في جميع أنحاء العالم.
إيران، تركيا، والدول العربية لن تدعم أبدا استقلال كوردستان. يجب ألا يُضيّع الكورد أي وقت بعد الاستفتاء في إعلان الاستقلال عن العراق وإقامة دولة كوردستان المستقلة.
وعلى الأرجح، ستكون دولة كوردستان جزيرة استقرار تحترم حقوق الإنسان. ولذلك، فإنه ستختلف كثيرا عن البلدان المحيطة بها. وينبغي أن تدعم إدارة ترامب الاستفتاء واستقلال إقليم كوردستان وفك ارتباطه عن العراق، لأن هذا التطور يهم المنطقة بأسرها.
يجب أن تكون للشعب الكوردي دولة خاصة به، وينبغي للمجتمع الدولي أن يدعم استقلال كوردستان، وليس فقط إقامة دولة فلسطينية. وينبغي أن يكون تقرير المصير والاستقلال من حقوق جميع الشعوب، وليس مبدأ يطبق بصورة انتقائية.
 

الدكتور إيدي كوهين باحث إسرائيلي ومحاضر في جامعة بار إيلان, ومؤلف كتاب المحرقة النازية في عيون محمود عباس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى