آراء

مزاعم الحفاظ على هيكلية الدولة السورية ومؤسساتها

قهرمان مرعان آغا
في مسعى حثيث ، تتالت الاجتماعات في كل من قطر ، وطهران وموسكو والرياض ، والزيارات السرية إلى جدة والعلنية إلى مسقط …الخ ، تبادلَ فيه الأطراف الدوليه والإقليميه وموفدي النظام الاسدي وجهات النظر ، حول ايجاد حل سياسي للقضية السورية مع مَخْرَج للنظام، في الوقت الذي يَنكمش فيه سلطتة وأعوانه لحساب تنظيم داعش الإرهابي ، وكذلك المعارضةالسورية المسلحة ، حيث يتمحور الآراء حول ضرورة الحفاظ على الدولة السورية بمؤسساتها المختلفة الحالية ، ( الاعلام ، الجيش ، التربية والتعليم ، الاقتصاد والمالية ، القضاء ،،الخ )، كحل ضامِن للخروج من الأزمة ، بدون شخص بشار الاسد ، مع الإشارة احياناً ، الى مرجعية جنيف واحد ، او التغاضي عن ذكر ذلك احايناً اخرى .
فيما انضم إئتلاف قوى الثورة والمعارضة ايضاً الى ذاك التوجه ، في إنتظار زيارة وفده المُرتَقَبَة الى موسكو ، لمناقشة تفاهمات اجتماع الدوحة والمبادرة الايرانية المعدَّلة ، والتي تتضمن ، وقف اطلاق النار ، وإجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية ، وتعديل الدستور بما يضمن حقوق الأقليات ، خلال مرحلة إنتقالية ، بإشراف حكومة وحدة وطنية ؟ ،، الخ
في الوقت الذي يتوسع ، دائرة التحالف المناهض لداعش ، دون النظام الأسدي المجرم ، وفق الاتفاق التركي الامريكي ، على استخدام الاراضي التركية من قبل الحلف ، للانطلاق الى أهدافها في كل من العراق وسوريا .
في حين أُرجِئ الإعلان عن الاجتياح التركي ، للأراضي السورية لفرض منطقة آمنة ، بناء على طلب الحليف القطري ، وفق اجتماع الدوحة في3/8/2015 ولبلورة موقف امريكي وأممي في هذا الإتجاه ، فيما انصبت الأولوية التركية في شن الهجمات الجوية على معاقل حزب العمال الكوردستاني ، كتغطية لعلاقاته مع داعش ، بحجة محاربة الإرهاب .
فيما اصبح اختلاف الفرقاء قابلاً للنقاش والمداولة ، روسيا ، ايران ، النظام الاسدي وأعوانه من جهة ، وكذلك التوجه السعودي ، المصري ، الإماراتي ، وكذلك التحالف القطري التركي ،من جهة أخرى ، مع بقاء الخلاف بين الفرقاء حول مصير بشار الاسد ، والإعتقاد السائد ، هناك في المنظور (سورياً)وعلى الارض (يمنياً)مقايضة روسية – سعودية ، بينما الاستراتيجية الامريكية في المنطقة لا تتعدى مبدأ التَكيُّف مع الأوضاع والمستجدات ، كما السابق ، دون وضوح ، بإستثناء الإيحاء بالحرب الطويلة مع داعش ، ؟.
الجهود الدبلوماسية ، لا تعني نهاية الحرب الدائرة ، ولا تعني ايجاد حل سحري للقضية السورية ، كل هذا يحدث بمعزل عن القوى التي تسيطر على الأرض ، وفق الخارطة الميدانية للمعارك ، على أساس عائدية وتبعية تلك القوى للأطراف الاقليمية ذاتها . يأتي كل هذا بزعم الحفاظ على هيكلية الدولة ..!.
في هذا السياق ، هل تناسى الأطراف جميعاً ، أنَّ مؤسسات الدولة المزعومة ( الجمهورية العربية السورية ) هي نفسها مؤسسات النظام المجرم ، التي جردها من طابعها الوطني وكرَّس في أوصالها الطائفية المقيتة والعقائدية ( البعثية) العنصرية .
مؤسسة الجيش المسمى بالجيش العربي السوري ، أُعيدَ دَورة تأسيسه وتدوير هيكلِّيته ، منذ إنقلاب البعث وما تلاه من إنقلاب حافظ اسد على عقيدة قومية مُعلَنة ، وطائفية مُستَتَرة ، أندفع في قمع التظاهرات بالقتل والترويع منذ اليوم الأول للثورة السورية ، وشارك بمختلف صنوفه في حربه ضد الشعب ،استخدم كامل جهوزيته، بما فيه الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً ، ولم يراعي اساليب واخلاقيات القتال ، حتى التي تمارس مع الاعداء ، بل تمادا في الإجرام بالاستهداف العشوائي ، دون تمييز و لم يزل يستهدف تجمعات المدنيين في المدن والارياف بالبراميل المتفجرة والصواريخ ، لإحداث أكبر قدر من التدمير والقتل بحق الشعب المسالم ، ولا يستشف من مزاعم الحفاظ على مؤسسة الجيش سوى الإستعداد والتحضير ، فيما بعد ، لإنقلاب عسكري ، طبعاً بعد عودة السلم والأمن الى سوريا مستقبلاً ، كما فعلها السيسي في مصر ،او حفتر في ليبيا ، هذا على أبعد تقدير ويلحق بهاالمؤسسة الامنية ( دولة المخابرات) .
يعلم الشعب السوري ، بمعظم مكوناته ، أكثر من غيره بأن مؤسسات الدولة من أعلاها الى أدناها ، كانت تدار بإيعاز من الأمن والمخابرات ، حتى التربية والتعليم كانت تكرس لتأليه الأموات والأحياء في الجمهوية العربية السو-وراثية .
أما المالية والاقتصاد ، فالنهب والفساد مستشريان ، وكانت الموازنة العامة للدولة تبَّوبْ بمعظم ايراداتها بما يجاوز ٨٠٪ و تُرصَدْ للجيش والامن ، ناهيك عن القضاء العادي الفاسد ، والعسكري الاستثنائي الفاشي، المشكلين من الرفاق والمحسوبين في عهد حافظ اسد خلافاً للدستور ( بعثنة القضاء) ، تصوروا ، شعار نقابة المحامين في سوريا الاسد ( الحق والعروبة )..؟ وخير دليل على ذلك ، استشهاد عشرات الآلاف من المناضلين الثوار ومن مختلف الفئات في غياهب السجون والمعتقلات ،( هذا ما قبل الثورة وما بعدها،؟!) .
فلو عددنا من أصغر مؤسسة للدولة في القاع ، الى مؤسسة الرئاسة والسيادة في أعلى الهرم ، فهي ليست بحاجة الى تقويم بل الى هدم ، والبناء من جديد ، لقلب صفحة من اسوء انواع الحكم في تاريخ البشرية ، تغول ليس فقط بتأميم مؤسسات الدولة لصالح فئة معينة ، بل لتشريع وتنظيم عهد الرق والعبودية والولاء الأعمى لغالبية السوريين منذ أربعة عقود ، ختمها بالقتل والتدمير الممنهجين ضد معارضيه ، لتغيير ديموغرافية المكان ، من خلال دعم روسيا وايران وحزب الله والميليشيات الطائفية وساهم مساهمة أصلية في ايجاد الارهاب المنظم العابر للحدود ، وجعل سوريا البيئة الأكثر جاذِبة لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية خلال عمر الثورة السورية المنتصرة ، وبهذا فَقَدَ حق السيادة على هيكلية الدولة في المناطق التي تحت سيطرته ، لانها اصبحت تدار من قبل الغير ، ناهيك عن مناطق سيطرة داعش ومؤسساته كتنظيم ارهابي لشكل الدولة ، مع الفارق الشرعي للمؤسسات في مناطق سيطرة المعارضة المسلحة .
اذاً نحن أمام ثلاثة هياكل لثلاث جهات على الأقل ، لا تقبل الدمج ،مع أخذنا في الاعتبار مؤسسات الإدارة الذاتية في الكانتونات الثلاث ، العائدة لحركة المجتمع الديمقراطي ، بمشاركة النظام وأعوانه في كوردستان سوريا .
دوتشى لاند في 2015/8/13

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى