آراء

مـــا يجري في ســوريا عمومــاً وكـــردستان خصـوصـاً

مروان سليمان
أجيال متتالية من ضحايا الاضطهاد من مشارب فكرية وسياسية مختلفة طحنتها آلة القمع لكل من يطالب أو يفكر بالحق الكوردي المشروع أو الاستقلال ولعل أهم ما أبرزته تلك الآلة القمعية المتعلقة بالحقبة هذه إلى الآن هو الحكم الوراثي العائلي و وراثة خلفائهم لذات الأساليب القمعية التي كان يستخدمها النظام الأسدي في التعامل مع الشعب السوري عامة والكوردي خاصة ومن بعدهم أدوات النظام الذين أصبحوا يستعملون تلك الأساليب ضد خصومهم السياسيين و تعتبر هذه من أقسى المراحل التي تمر على المناضلين و المعارضين السياسيين لفكرة إدارتهم حتى أصبح التنكيل والتعذيب و الاعتقال والضرب آلة منهجية و مستقرة ليس فقط لقهر الخصوم السياسيين فحسب بل لبث الهلع و الخوف والرهبة في صفوف الناس وفرض انضباط مزاجيتهم بقوة السلاح والقهر والعنف كما حصل في عامودا والقمع في المدن الكردي المختلفة.
وتأتي هذه الأعمال حتى يظهر الوجه المخفي لكانتوناتهم والتعتيم على الخطاب المضلل والمخادع لمجموعة الرعاة الذين برعوا في تجميل أعمالهم بقاموس ديمقراطي وحقوقي وهنا لا يبدوا بأن الاستبداد السياسي والعسكري والاعتقالات والتعذيب والتنكيل بالإعلاميين وحرق سياراتهم وطردهم من بيوتهم ونفيهم خارج حدود الوطن وكسر أصابعهم مجرد تجاوزات أو خروقات فردية وإنما هو سلوك ممنهج منظم تستخدمه هذه المجموعة من أجل كسر شوكة إرادة خصومهم وتحطيمهم معنوياً وهذا يبرز الطبيعة الإستبداية والسلوك العنيف والتسلط لمجموعة ورثت شرور الحكم من النظام العائلي السوري (عائلة الأسد) والإرث البعثي وتكملة ما كان يقوم به ويعتبر هؤلاء ليسوا الإطار المعبر عن إرادة الناس في المنطقة الكوردية أو رعاية شؤونهم العامة بل هي عبارة عن آلة عنف وقهر تستخدمها الفئة المسيطرة على زمام الأمور بدعم المخابرات الإقليمية.
صحيح أن التوازنات السياسية للواقع الكوردي والمحيط الإقليمي لم تنصف الشعب الكوردي للحصول على حقوقه عبر العدالة والإنصاف و هذا يعود أيضاُ إلى أن أذرع النظام تسعى لتشويه نضالات الأبطال وإنكار تضحياتهم أو حتى المظالم التي تعرضوا لها ولكن من المؤكد أن هذه المتغيرات قد أعطت الأطراف الأخرى صوتاً للإفصاح عن الحقيقة والحقوق التي بقيت مغيبة لعقود من الزمن ولكن مازالت تلك الأطراف غير قادرة على حسم أمورهم العملية باستثناء إذا ما تمكنت من إعادة تأسيس التوازن العسكري وهذا يتطلب الاستعداد للمواجهة الميدانية وهنا ينبغي تحديد الأولويات والإعداد لها بشكل جيد ولا ننسى بأن النظام يتربص بالجميع.
نحن نبحث عن العدالة ولكن ليست عدالة الانتقام وإنما عدالة تحقق تحرير العقل وكشف الجناة الذين يلعبون بمصير الشعب الكوردي واعتراف المتخاذلين بجرمهم المنسوب إليهم الذين يزجون أبنائنا في أتون معارك تخدم أعدائنا وتحقق مصالحهم والهدف من العدالة التي نبحث عنها هو مداواة الجرح ورأب الصدع وإغلاق الملفات المظلمة من تاريخهم الماضي بغية النظر إلى المستقبل، لأن الهدف الرئيسي من ثورتنا ( الكوردية) كان من أجل التحرير ولكن أدوات النظام في عموم سوريا هم الذين سحقوا الشعب وكانوا أدوات البطش والفتك الذين فقدوا إنسانيتهم وتحولوا إلى وحوش طامعة بالمال والسبي وفرض الضرائب والإتاوات واعتقال كل من لا يلتزم بفكرهم.
أهم شئ يجب أن نقر به هو معالجة الاضطهاد ومخلفاته وإن ما يجري في المنطقة الكوردية لهو دليل بالغ على أنه رغم العقبات وشدة العواصف التي تعترض طريق الكورد لا يزال الأمر بخير ما دام هناك مناضلون يحرصون على حقوق هذا الشعب ويناضلون من أجله.
أجيال من المناضلين الذين ذاقوا ويلات السجون ومرارة التعذيب أو قضوا نحبهم دون رؤية أحلامهم أو نتائج نضالاتهم أمثال الشهيد تحسين ممو الذين ناضلوا من أجل رؤية سوريا خالية من الاضطهاد والظلم يتمتع الشعب الكوردي فيها بحقوقه القومية ولكن ما زالت أدوات النظام تلاحق المناضلين وتعتقلهم وتقذف بهم خارج الحدود.
ولكن يبقى لدينا بارقة أمل لشعب كوردي حي يطالب بحقوقه رغم القهر والظلم والطحن من قبل النظام و أدواته.
مروان سليمان
مدرس في المدارس المهنية بالمانيا(سالتزغيتر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى