واشنطن تعتبر الحرس الثوري رأس الأفعى.. والباقي تفاصيل

Yekiti Media

سعت الإدارة الأميركية خلال الأيام الماضية إلى إيضاح سياسة الرئيس الأميركي دونالد تــرامب من إيران، وسعت “العربية.نت” إلى فهم تفاصيل ووسائل هذه السياسة من خلال شخصيات على اتصال بمجلس الأمن القومي الأميركي واستمعت إلى إيجازات عن مسؤولي الشرق الأوسط في البيت الأبيض شرحوا هذه السياسة.

إدارة لا تحبّ إيران

من الواضح أن الرئيس الأميركي لا يستسيغ النظام الإيراني، ويزيد على ذلك أن الفريق الذي يحيط بالرئيس الأميركي في مركز القرار، ومنهم وزير الدفاع الجنرال ماتيس، ومستشار الأمن القومي الجنرال ماكماستر، ومساعده لشؤون الشرق الأوسط الضابط السابق جو رايبورن، يأخذون مواقف متشددة من إيران، فهم خدموا في العراق منذ إسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وشاهدوا الهجمات التي ساهمت فيها ميليشيات مدعومة من إيران على الجنود الأميركيين، ثم شاهدوا كيف سقط العراق في يد النفوذ الإيراني وداعش بعد انسحاب القوات الأميركية في العام 2011.
يشعر هؤلاء إلى حدّ كبير أن إنجازات الجيش الأميركي ذهبت إلى الإيرانيين مجاناً، ويلومون بشكل أو بآخر تقاعس الإدارة الأميركية السابقة برئاسة باراك أوباما لأنها سمحت للأمور بالوصول إلى هذه النقطة.

إيران هي المشكلة

خلال الأشهر الماضية، قامت الإدارة بـ”مراجعة السياسة الأميركية من إيران” وبحسب مصادر “العربية.نت” وصلت إدارة ترمب إلى قناعة ثابتة تقول “إن إيران وراء كل الاضطرابات في الشرق الأوسط ويجب أن يكون التعامل مع التصرفات الإيرانية في قلب الاستراتيجية الأميركية وباقي الملفات تتبع هذا الملف” .
لاحظ كريستيان جيمس المتحدث باسم وزارة الخارجية أن خطاب الرئيس الأميركي حول مواجهة إيران، سرد تصرفات إيران منذ ثورة الخميني العام 1979 وأن الإدارة الأميركية تقول الآن إنه لا يمكن تجاهل التصرفات الإيرانية بل يجب تركيز الانتباه عليها وأشار إلى أن “استراتيجية الإدارة تقوم على عزل التصرفات الإيرانية العدوانية والتي تتسبب بالاضطرابات” .
تشعر الوزارات الأميركية الآن أن لكل منها دورا تقوم به في مواجهة إيران، فوزارة الخزانة الأميركية لديها صلاحيات واسعة لفرض عقوبات على إيران، وبشكل خاص الحرس الثوري الإيراني، فيما ترى وزارة الخارجية الأميركية أن لديها مهمة مواجهة إيران في الساحة الدولية، ويقول كريستيان جيمس من وزارة الخارجية أن “الوزارات الأميركية المختلفة تشعر أن لديها السلطة للعمل”.

الردع العسكري

عندما سألت “العربية.نت” المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية لشؤون الخليج وإيران عن دور القوات المسلحة، أشار الرائد ادريان رانكين غالووي إلى تصريحات أدلى بها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس عندما قال إن إيران ترتكب خطأ لو دخلت في احتكاك مع القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة.
كانت قوات الحرس الثوري خلال سنوات الرئيس الأميركي باراك أوباما، تتعمّد مشاكسة القوات البحرية الأميركية المنتشرة في المياه الدولية، لكن الملاحظ أن هذه المشاكسات تراجعت بشكل كبير وإن لم تتوقف تماماً، ويعتبر البنتاغون هذه التصرفات الإيرانية عديمة المهنية ولا تتطابق مع الأعراف الدولية.
يبقى أمام الأميركيين تحدّيان كبيران، الأول هو تحدّي الصواريخ البالستية الإيرانية والثاني هو تسريب إيران للأسلحة إلى الميليشيات التابعة لها في اليمن ولبنان بالإضافة إلى العراق وسوريا.
لا تريد مصادر وزارة الدفاع الأميركية الخوض في تفاصيل ما تقوم به الوحدات العسكرية الأميركية لمواجهة تسريب السلاح الإيراني، فالمعلومات حول ذلك مستقاة من أجهزة الاستخبارات وتخضع لعدم النشر، لكن الرائد غالووي المتحدث باسم البنتاغون لشؤون الخليج وإيران أشار إلى أن “الولايات المتحدة تنظر الآن إلى سياساتها الدفاعية والأمنية في المنطقة، بما في ذلك بيع الأسلحة، والعلاقة مع الشركاء الاستراتيجيين، بالإضافة الى انتشار القوات الأميركية في المنطقة للتأكد من الجهوزية الكاملة”.
من المعروف أيضاً أن القوات الأميركية تعمل بشكل حثيث مع القوات العراقية وقوات سوريا الديمقراطية على ضمان السيطرة على مفاصل الطريق السريع بين بغداد ودمشق لضمان عدم تسرّب أسلحة إيرانية في المستقبل عبر هذا الطريق.
ينظر الأميركيون الآن إلى علاقتهم بالعراق من زاوية الحفاظ على الأمن ومنع عودة الإرهاب وأيضاً صدّ النفوذ الإيراني. تدرك إدارة الرئيس الأميركي الحالي عمق النفوذ الذي تحظى به إيران من خلال الحرس الثوري والعلاقة بالميليشيات وبعض الأحزاب العراقية، لكن هذه الإدارة ترى أن عليها بناء علاقات طويلة الأمد وعميقة الأثر مع الجيش العراقي، وهدفها المحافظة على عراق مستقل وقادر على التخلص من النفوذ الإيراني.

صدّ النفوذ الإيراني

ترى إدارة ترمب أن هذا النفوذ خطير، فمن جهة تبقى إيران بعيدة عن المواجهة المباشرة مع الدول العربية لكنها تسببت منذ عقود باستنزاف هذه الدول من خلال الميليشيات التابعة لها، بدءاً من حزب الله في لبنان، مروراً بالميليشيات العراقية وصولاً إلى جماعة الحوثي في اليمن.
أورد الرئيس الأميركي في خطابه حول إيران مواجهة التصرفات الايرانية كبند أوّل في استراتيجيته، وسبقت هذه الإشارة بند الاتفاق النووي الإيراني وخطر الصواريخ البالستية، فدوائر الحكومة الأميركية ترى الآن أن “رأس الأفعى” هو الحرس الثوري الإيراني، والباقي من الميليشيات الشيعية في العالم العربي هو ملحقات.
لذلك توجّه الولايات المتحدة جهدها أولاً إلى ضرب الحرس الثوري، وتريد أن تفرض عليه عقوبات شديدة تمنع حركته داخل إيران وتحرمه من بيئته السياسية والاقتصادية ومن الأموال التي يرسلها إلى الميليشيات في العالم العربي.

دور الشركاء والحلفاء

لكن هذه الميليشيات تبقى لوحدها مشكلة يرى بعض المهتمّين بسياسة ترمب وتفاصيلها أن هناك غياباً للتفاصيل عدا فرض عقوبات جديدة على حزب الله، وهذا الشق من السياسة الأميركية لا يعالج نفوذ إيران في العراق وسوريا، ولا يعني نزع سلاح حزب الله أو تراجع سطوته السياسية على لبنان.
نقلت مصادر “العربية.نت” عن مسؤولين في الإدارة الأميركية والكونغرس قولهم إن واشنطن تعتبر الدول العربية صديقة لها، وعلى هذه الدول والقوى السياسية العربية أن تتقدّم بأفكار وخطط وأن تكون هي أداة المواجهة ضد النفوذ الإيراني.
نفى كل المسؤولين الأميركيين أن تكون لديهم أي رغبة في مواجهة عسكرية مع أي طرف أكان الحرس الثوري أو الميليشيات التابعة له، فيما تحدثت بعض النقاشات عن أن فشل احتواء نفوذ الميليشيات الشيعية، يفتح الباب أمام استمرار النفوذ الإيراني، كما يفتح الباب أمام مواجهات عسكرية مباشرة بين هذه الميليشيات وإسرائيل في جنوب لبنان وجنوب سوريا.

ترمب رئيس آخر

تبدو واشنطن بعد أسبوع من خطاب دونالد ترمب لمواجهة التصرفات الإيرانية وكأنها عاصمة مختلفة عن ما كانت عليه في عهد باراك أوباما، فالولايات المتحدة ركّزت جهودها في عهد الرئيس الديموقراطي على قضية الخطر النووي الإيراني وتركت النفوذ الإيراني يتسلل ويتجذّر في العراق وسوريا ولبنان ووصل إلى اليمن وهدّد البحرين، أما الآن فتعتبر واشنطن أن هذا كان خطأ ويجب مواجهة الخطر الإيراني على كل الأصعدة وبكل الوسائل.
العربية نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى