آراء نخبة من السياسيين.. تركيا وروسيا “اتفاق هدنة أم مراجعة حسابات؟”
Yekiti Media
الأزمة السورية مرّّت بمراحل ومنعطفاتٍ عدة ، فتنوّعت المحطات، وتغيّّرت قواعد ارتكاز اللعبة السياسية، والنتيجة انعكست دماراً وتشريداً وفقدان الأمل لدى السوريين بأيّ حلٍّ سياسي مرتقَبٍ ..
معركة إدلب يطلق عليها بعض المراقبين ( المعركة السياسية الحاسمة )…كيف تنظرون إلى مستقبل إدلب في ظلّ الاتفاق الروسي- التركي الأخير بالعاصمة موسكو وانعكاس ذلك على طبيعة العلاقة بين البلدين وعلى الوضع السوري بصورةٍ عامةٍ ؟
أسئلة وجّهتها يكيتي ميديا إلى نخبةٍ من السياسيين.
الكاتب والسياسي الكُـردي عبد الباسط سيدا أكـّـد أنه لا يمكن فصل الوضع في إدلب عن الوضع السوري العام، ومتغيراته على مدى نحو تسعة أعوامٍٍ ، تفصلنا عن بدايات الثورة السورية. ولكنّ اللافت الذي يستوقف في جميع المباحثات التي كانت حول إدلب ، بهدف وضع حدٍّ للصراعات العسكرية هو إصرار الروس والنظام والإيرانيين على قضم المزيد من المناطق في إدلب ، في حين حاولت تركيا التمسّك بالمناطق التي كانت خاضعة لنفوذها، وذلك بناءً على اتفاقيات وتفاهمات مسار أستانا – سوتشي الذي جمع بين الروس والإيرانيين والأتراك؛ ما يلفت ويستوقف في اللوحة برمّتها هو غياب السوريين عن المشهد سواءً من جانب النظام أم المعارضة، واقتصار دورهم على متابعة التطورات ، والالتزام بأوامر التحرّك والقتال الصادرة روسياً بالنسبة إلى النظام، أو تركياً بالنسبة إلى المعارضة. وما يُسشتف من هذا هو أنّ ما جرى ويجري بين تركيا وروسيا إنما هو خلاف أو تباين في المواقف بين حدود مناطق النفوذ، وكيفية تثبيتها، ومن ثم الانتظار إلى المرحلة اللاحقة، مرحلة المفاوضات الشاملة، حول الملفّ السوري بصورةٍ عامة، ليستخدم كلّ طرفٍ أوراقه التفاوضية، خاصةً مع الجانب الأمريكي الذي ستكون له الكلمة النهائية في رسم ملامح الحلّ القادم في سوريا.
وأضاف: خصوصية إدلب بالنسبة إلى تركيا مقارنةً مع بقية المناطق التي شملتها اتفاقيات خفض التصعيد التي كانت في حقيقة الأمر اتفاقيات حول تسليم المزيد من المناطق إلى النظام سواءً في الجنوب السوري أم في الغوطة، وقبل ذلك في حلب وريف حماة وبقية المناطق، مقابل الدخول التركي إلى مناطق جرابلس وإعزاز والباب وعفرين، هو أنّ إدلب تقع على الحدود التركية، وهي منطقة تقع بين منطقتين من مناطق التواجد التركي على الأرض السورية، ونعني بهما منطقة عفرين ومنطقة الباب – جرابلس. لذلك لن تتخلّى تركيا عن دورها في المنطقة بسهولةٍ ما لم تحصل على ضماناتٍ أكيدة بعدم استخدام المنطقة مستقبلاً لأعمالٍ عدائيةٍ ضدّها .
وبخصوص الموقف الأمريكي قال سيدا: ويبدو أنّ الجانب الأمريكي ، رغم توافقه العام مع الروس حول تقسيم سوريا بين شرقي الفرات حيث النفوذ الأمريكي وغربي الفرات حيث النفوذ الروسي الإيراني مع مراعاة هواجس ومصالح تركيا في الشمال، لا يريد تسليم أوراق محافظة إدلب بالكامل للروس، وذلك لعدم دفع تركيا نهائياً نحو أحضان الروس، والاحتفاظ بالمزيد من الأوراق الضاغطة في أية مفاوضاتٍ مستقبلية حول سوريا مع الروس.
وتابع: وما حصل في مجلس الأمن من جهة المعارضة الأمريكية لإصدار موقف دولي داعمٍ عبر مجلس الأمن للاتفاق الروسي- التركي الأخير حول إدلب، يؤكد ذلك، هذا رغم الترحيب الأمريكي الأوليّ المبدئي الحذر به. ولكن يبدو أنه لا توجد رغبة في تقديم أية مكافأةٍ مجانيةٍ للروس في الوقت الحالي، وهذا ما يؤكّد أنّ الملفّ السوري قد بات مجرّد ملفٍّ من الملفات التي تختلف حولها المقاربات الأمريكية مع المقاربات الروسية، وليس من المستبعد أن يطالب الجانبان بتقديم تنازلات في هذا الملف أوذاك مقابل الحصول على تنازلات مماثلة في ملفات أخرى.
واختتم سيدا بقوله: ما تمّ التوصّل إليه لا يمثّل حلاً، بقدر ما يعتبر هدنة اضطرارية فرضتها الظروف على الطرفين، كلٌّ لاعتباراته الخاصة. كيف سيتمّ التعامل مع ملفّ هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة)؟ ماذا عن مصير نقاط المراقبة التركية؟ ماذا عن آليات التطبيق وحلّ الخلافات؟ كلّ هذه الأسئلة وغيرها تبقى معلَّقة في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة.
وأمّا معركة إدلب فليست كما اعتقدَ المراقبون بأنها المعركة السياسية الحاسمة، بالأصحّ كان لها حسابات كثيرة ومنها وأهمها: أمريكا عندما تتحدّث عن حدود سوتشي هذا لا يعني بأنها تؤمن بقراراته بل همّها أن تعطّل مسار آستانا، والروس تعهّدوا بحسم معركة إدلب وما يزالون يعيشون بفراغٍ.
وأضافت: بوتين والأسد وإيران تحت ضغط العقوبات الدولية ، وحسب مجريات الأحداث، يبدو أنّ هناك تحرّكات لوصول الروس للمدن وليس إيران، لأننا نعرف أنّ روسيا تقصف، وإيران تتقدّم، وشباب سوريا تُقتل وهذا مرفوض من روسيا لذلك تسعى لطرد الوجود الإيراني وهذا يَصْبُّ بمصلحة الشعب السوري.
ولفتت إلى أنّ اللقاء الأخير الذي جمع بين بوتين وأردوغان لم يكن اتفاقية، ولا معاهدة بوثائق، وتابعت: بوتين أراد أن يعطيها صفة رسمية بمجلس الأمن وتمّ إحباط هذا الأمر ، أمّا تركيا فلديها أسرار هيئة تحرير الشام وتعرف كيفية التعامل معهم كما أنهم لا يمتلكون وسائط دفاع حقيقية متطوّرة.
واختتمت بقولها: لذلك الجميع في دوّامة ولكلٍٍّ هدفه ولا نستطيع التنبؤ بكيفية أو طبيعة العلاقات بين هؤلاء، ولكن أعرف جيداً بأنّ جزء كبير من جهدنا ووعي السوريين له أثر كبير في التغيرات السياسية، ليحفظ الله سوريا أرضاً وشعباً وأعاننا على الخلاص من الظلم والإجرام.
بدوره قال عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكُردستاني- سوريا، فؤاد عليكو: نستطيع أن نسمّي ما حصل من تفاهمٍ بين الرئيسين الروسي والتركي ( اتفاق اللا اتفاق ).
وأضاف: حيث بقيت نقاط الخلاف الأساسية دون اتفاقٍ، خاصةً فيما يتعلّق بانسحاب النظام إلى خطوط اتفاقيات سوتشي وآستانة والذي يصرّ عليه الجانب التركي، كما لم يُشار إلى آلية محاربة المنظّمات الإرهابية في محافظة إدلب وتحديداً جبهة تحرير الشام (النصرة) و ملحقاتها، كما لم يتمّ توضيح مَنْ الذي سيدير منطقة 12 كم إدارياً على جانبي الطريق م4 هل ستديرها المعارضة أم النظام؟.وما مصير نقاط المراقبة التركية التي أصبحت ضمن نقاط سيطرة النظام مؤخراً، بالإضافة إلى عدم الوضوح حول كيفية إعادة اللاجئين إلى بيوتهم في مناطق سيطرة النظام مؤخراً.
وتابع عليكو قائلاً: كلّ هذه القضايا بقيت معلّقة، وعلى الأرجح تُرِكت لمفاوضاتٍ أخرى يجريها الجانبان قريباً فيما لو صمدت عملية وقف إطلاق النار الهشّ.
وقال: بالتأكيد سيسعى الجانبان كلٌّ بجهودهما لمنع المزيد من التصدّع في العلاقات بين الطرفين، لأنّ من شأن ذلك زيادة التوتّر والتأثير على كلّ الاتفاقات الاقتصادية الموقّعة بينهما، وقد يؤدّي إلى نوعٍ من المواجهة العسكرية وهذا ما يتحاشاه الطرفان.
الخلاصة نستطيع أن نسمّي المرحلة المقبلة باستراحة المحارب فالكلّ أدرك خطورة التصعيد العسكري بما فيهم أمريكا وأوروبا ، والكلّ سوف يسعون في هذه الاستراحة القصيرة إلى إجراء اتصالات دولية مكثّفة لتثبيت وقف إطلاق النار وديموميته والبحث جدياً عن حلولٍ سياسية للأزمة السورية عبر بوابة جنيف، ومن هذه الزاوية تحديداً أستطيع القول بإيجابية هذه الاتفاقية لأنها حرّكت الأزمة في العمق ولأنها وضعت جميع الأطراف المعنية على المحكّ العملي.
واختتم: أمّا الذهاب للمجهول والمزيد من الحروب و الكوارث إقليمياً ودولياً أو البحث جدياً عن حلٍّ لوضع حدّ لهذه الأزمة التي لم تعد مقبولاً تسميتها بالأزمة السورية. والأيام القليلة القادمة ستكشف المسار.