صحافة

أبناء أعضاء داعش: حياتنا “كئيبة” وندفع ثمن أخطاء أهلنا

نشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية تقريرا احتوى على بعض القصص المؤثرة لأطفال صغار وجدوا أنفسهم ضحية اختيارات ذويهم بالانضمام لتنظيم داعش قبل أن يجدوا أنفسهم في مراكز أشبه بـ”مخيمات اعتقال”.

ووصف تقرير الصحيفة أحد مراكز تعليم وتنشئة بعض أولئك الأطفال بأنه “سجن فعلي”، حيث يتواجد في مركز الحوري بتل معروف شمالي شرق سوريا 120 طفلا من أكثر من 25 دولة مختلفة، مشيرا إلى أن القاسم المشترك بينهم هو أنهم نشأوا لسنوات في ظل دولة خلافة داعش ليجدوا أنفسهم الآن بعيدين عن عائلاتهم وأوطانهم.
وأحد هؤلاء الأطفال هو صبي يتيم عمره 13 عاما، بريطاني من أصول باكستانية. ويقول الصبي: شاهدت كل أفراد عائلتي يموتون خلال قصف التحالف الدولي لمقار وأماكن تواجد عناصر داعش، ولكني لا أتذكر تفاصيل كثيرة سوى رؤية العديد من الناس وهم يموتون”.

ولا يعرف الصبي وطنا له سوى لندن التي أمضى فيها سنوات طفولته الأولى، قبل أن تقرر والدته في العام 2015 الذهاب إلى مدينة الرقة السورية للانضمام إلى داعش مصطحبة معها كل أطفالها، موضحا: “عقب مقتل كل أفراد عائلتي عشت في خيمة مع صديقة أمي (بمخيم الروج)، لكنها هربت إلى تركيا ولذا أنا الآن في دار الأيتام هذه”.

ويحب الصبي الرسم وكرة القدم الإنكليزية، واصفا روتين حياته:””هنا نجلس فقط مع أصدقائنا لا نفعل شيئًا طوال اليوم. نشاهد الأفلام التلفزيونية ونقوم ببعض الدروس الأساسية، وحتى الملعب لم ينته إنشائه”.

وفي قصة أخرى يشرح صبي روسي يدعى عازر من الشيشان كيف أجبره والده على الانضمام إلى “أشبال الخلافة” وهو في التاسعة من عمره فقط.

ويقول: “أنا هنا منذ فترة طويلة ، فلماذا لا يأخذونني إلى بلادي.. أنا بريء، هذا خطأ والدي”.

وعلى نفس المنوال، يوضح حسن، البالغ من العمر 15 عامًا من ترينيداد وتوباغو، كيف انتحر شقيقه الصغير عقب أن أجبرهما والدهما على الانضمام إليه في الرقة في عام 2015، بعد أن وعدهما بأنهم سينتقلون إلى منزل جديد فيه حمام سباحة.

“أيام كئيبة ومتشابهة”

ويشير حسن إلى أن معظم أفراد عائلته قد لقوا حتفهم في بلدة الباغوز بسوريا، ولكن شقيقه الأكبر حسن نجا من الموت، ويعتقد أنه حاليا في أحد السجون المخصصة لمقاتلي داعش.

ويشدد ذلك المراهق على أنه مكتئب للغاية، ويجد صعوبة في النوم، مضيفا بفتور: “”نذهب إلى المدرسة لكنها ليست جيدة، فنحن نحصل على ساعة دراسية واحدة يوميًا”.
وختم بالقول”كل يوم يشبه سابقه، وليس لدي ما أفعله سوى الجلوس في غرفتي، وكل ما أريده العودة للمنزل. لقد مرت سنوات. من فضلكم ساعدونا كي نعود إلى أوطاننا”.

ورغم كل المساوئ يعتبر مركز الحوري مكانا مثاليا لأولئك الأطفال مقارنة بالذين بقوا في مخيمات الروج والهول المترامية الأطراف، حيث يفتقد الأطفال هناك إلى الكثير من المرافق الضرورية من تعليم ورعاية صحية ومراكز ترفيه ولعب.

ويضم مركز الحوري العديد من الأيتام بعد مقتل عائلاتهم في حرب التحالف بقيادة الولايات المتحدة للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي.

وفقا لإحصاء صادر عن صحيفة إندبندنت، فقد أعادت بريطانيا 7 قاصرين غير مصحوبين بذويهم ولم تعد بعد أي أطفال يعيشون مع والديهم الذين جرى تجريدهم من جنسيتهم.

تحذيرات ومطالبات

كانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، فيونوالا ني أولين، قد أطلقت تحذيرات بشأن المخيمات التي تحتجز هؤلاء الأطفال، قائلة إن “الظروف سيئة للغاية لدرجة أنها قد ترقى في بعض الظروف، إلى حد التعذيب حيث لا يوجد مأوى مناسب، فضلا عن الاكتظاظ وسوء التغذية”، وفقا لكلامها.

وفي المقابل يؤكد مسؤولو الإدارة الذاتية الكردية التي تدير المراكز والمخيمات إنها “تعاني من الإرهاق الكامل وتفتقر إلى الموارد اللازمة لرعاية هذا العدد الكبير من الناس”.

وفي فبراير 2021، قدرت اليونيسف أن هناك أكثر من 22 ألف طفل أجنبي من 60 جنسية على الأقل يقيمون في تلك المخيمات الإضافة إلى عدة آلاف من الأطفال السوريين والعراقيين.

وعلى صعيد متصل، قالت مسؤولة الملف السوري في منظمة “أنقذو الطفولة”، سونيا كوش، إن وكالات الإغاثة تبذل قصارى جهدها ولكننا ببساطة لا نستطيع تلبية أي نوع من المعايير الدولية”، في حين أشار نشطاء آخرون إلى  “إنه بدلا من التركيز على إعادة الأطفال البريطانيين إلى بلادهم، تقدم المملكة المتحدة بملايين الجنيهات الاسترلينية لسجن سوري يحتجز حاليا مئات الأطفال من أعضاء تنظيم داعش”.

ولكن متحدث باسم وزارة الداخلية  البريطانية دافع عن هذا الأمر، معتبرا أن التمويل “جزء من التحالف العالمي ضد تنظيم داعش، كما قدمت المملكة المتحدة المشورة التقنية والأموال لتجديد وتوسيع مرفق احتجاز لمقاتلي التنظيم والشركات التابعة لهم من أجل تحسين ظروف المحتجزين والمعتقلين”.

الحرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى