أثر الصراع المسلح على اقتصاد كُردستان سوريا
اعداد :جوان فداء الدين حمو
عضو جمعية الاقتصاديين الكُرد– سوريا
عانى الاقتصاد السوري منذ بدء الازمة السورية في شهر آذار عام 2011 وإلى الآن تراجعات حادة في جميع قطاعاتها وسجلت بعض قطاعاتها مستويات صفرية، وكان النصيب الأكبر من التراجع الاقتصادي على حساب اقتصاد كُردستان سوريا الذي يعاني إلى الآن من حصار اقتصادياً وعدم الاستقرار الأمني والهجرة الجماعية.
حيثُ تفاقم الركود الاقتصادي في كُردستان سوريا في مختلف القطاعات، الأمر الذي جعل من اتجاه النمو الاقتصادي اتجاهاً سالباً، نتيجة لتراجع الإنتاج واختلال معادلة العرض والطلب في أغلب السلع الاستراتيجية والوسيطة والمتعددة الاستخدام، هذا عدا عن تدهور الخدمات الاجتماعية.
وقد ترتب على الصراع الدائر في سوريا بين مختلف الجهات المتحاربة جملة من الآثار الخطيرة جداً على اقتصاد كُردستان سوريا نذكر من أهمها ما يلي:
1- تراجع الانفاق الاستهلاكي على السلع الغذائية وعلى التعليم والمواصلات واحتياجات السكن لدى 80% من المواطنين في كُردستان سوريا.
2- تراجع الاستثمار الخاص بنسبة 80% وخاصة بعد أحجام الكثير من المستثمرين عن بناء المشاريع الاستثمارية في كُردستان سوريا وذلك لعدة مبررات (صعوبة تأمين الآلات، وصعوبة تصدير البضاعة إلى الخارج، وعدم وجود قوانين اقتصادية ضامنة لحقوق استماراتهم، وعدم الاستقرار السياسي… الخ).
3- أصبح ما يقارب ثلاثة أرباع مواطني كُردستان سوريا واقعين تحت خط الفقر وخاصة في ظل عدم مواكبة اجورهم مع الارتفاع المتواصل في الأسعار وتراجع قيمة الليرة السورية بشكلٍ حاد.
4- تراجع قطاع النقل إلى حد بعيد بسبب تراجع نقل البضائع والأشخاص وتراجع الأسواق بشكل عام نتيجة الانكماش الاقتصادي.
5- انخفاض قيمة العملة المتداولة محلياً في كُردستان سوريا (الليرة السورية) حيث أرتفع سعر صرف الدولار الأمريكي بدلالة الليرة السورية من 47 ليرة سورية إلى أكثر من200 ليرة سورية في منتصف شهر أيلول عام 2014.
6- ازداد معدلات التضخم الاقتصادي بشكل كبير ليصل إلى 210% في نهاية الربع الأول من عام 2014 ويشكل بذلك ما يسمى بــ: (التضخم الجامح). بالإضافة إلى عدم تناسب الاجور مع المعيشة، فبعدما كان المواطن سابقاً يتدبر أمره رغم ضيق الحال، اختلف الأمر الآن بعد تقلص الموارد ولجوء المواطنين إلى إنفاق مدخراتهم. ونشطت السوق السوداء ولجأ التجار إلى احتكار البضائع الرئيسية ليصار إلى بيعها بأضعاف أثمانها.
7- أرتفع معدل البطالة في كُردستان سوريا من 19.3% عام 2011 إلى أكثر من 70% في عام 2014 وكانت أكبر نسبة للبطالة في المنطقة الشرقية (منطقة الحسكة)، في حين بقيت معدلات البطالة ثابتة في مناطق أخرى في سوريا كاللاذقية وطرطوس.
8- دفع الاقتصاد السوري الحربوي اقتصاد كُردستان سوريا باتجاه الشكل الأزموي معرّضاً لجميع الصدمات الاقتصادية الكلية.
9- تدهور الإنتاج الزراعي في كُردستان سوريا في أهم المحاصيل الزراعية ومن بينها القمح والشعير والقطن، حيثُ تعرضت المحاصيل الزراعية إلى آفات وأمراض خطيرة فأكثر الأمراض التي يعانيه محصول القمح مثلاً في كُردستان سوريا هو مرض النيماتودا ومرض الصدأ، ومحصول الشعير مرض الإصابة بحشرة البق الرقيقي (الجذري والورقي)، ومحصول العدس مرض ذبول العدس، ومحصول القطن مرض الإصابة بديدان جوز القطن (الشوكية واللوزية). مما أثر سلباً على نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي الكُردي.
10- اصاب القطاع الصناعي في كُردستان سوريا بتراجع حاد في انتاجيته بالرغم من محدودية قدرته وذلك نتيجة عدمقدرةالمنشآتالصناعية القائمةمنالتعاملمعالمتغيراتالفنيةوالتكنولوجيةالعالمية، وضعفهيكليةالمنشآتالصناعيةالقائمة، وصعوبة تأمين المواد الأولية … الخ. مما انعكس سلباً على نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي الكُردي.
11- أصاب قطاع التجارة الخارجية في كُردستان سوريا بالشلل وذلك في ظل عدم وجود معابر تجارية فاعلة في العملية الاقتصادية ما عدا معبر سيمالكا الذي لا يزال خاضعاً للاعتبارات السياسية أكثر من الاعتبارات الاقتصادية.
12- لم يساهم القطاع السياحي في كُردستان سوريا في دعم الاقتصاد وتحسين مستوى دخل الأفراد حتى الآن وذلك لسببين، الأول هو لم أنَّه يكن هناك الاهتمام بالقطاع السياحي من قبل الحكومات المتعاقبة على كُردستان سوريا، والثاني هو عدم الاستقرار الأمني في المنطقة بسبب حالة الصراع المستمر.
13- تدهور مؤشر التنمية البشرية في كُردستان سوريا بشكل كبير جداً حيث بات المؤشر خاضعاً للكثير من الاعتبارات السلبية أهمها (ترك الوظائف الحكومية أو الفصل منها لاعتبارات سياسية، وعدم قدرة الكثير من الطلاب متابعة التحصيل الجامعي في الجامعات السورية، وعدم استكمال الكثير من الطلاب لمراحل الدراسة الإعدادية والثانوية بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، ونزوح الكثير من العائلات إلى المخيمات، وهجرة الكثيرين إلى الدول الغربية). حيث ساهمت هذه السلبيات في أن تحل كُردستان سوريا في المرتبة 215 في سلم التنمية الشاملة.
إذا توقف الصراع في سوريا فأنَّ كُردستان سوريا سيحتاج إلى فترة طويلة الاجل ليحقق نمواً اقتصادياً يعادل النمو الذي حققه في عام 2010 وعليه أن يحقق مستوى نمو لا يقل عن 5% سنوياً.
نشر في الجريدة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا، العدد (207)، أيلول 2014.