أزمة أفغانستان تلقي بظلالها على الدول الأوربية
د محمد جمعان
قرار الانسحاب الأمريكي / التحالف الدولي من افغانستان و انهيار الجيش الأفغاني أمام الزحف الطالباني لا زال يأخذ حيزاً كبيراً من النقاشات في الكثير من الدول الاوروربية، إن كانت على صعيد البرلمانات و الحكومات أو الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني ، منهم مَن يتفهّم الموقف الأمريكي في الانسحاب ، و الذي جاء بعد عشرين عاماً من الخسائر البشرية والمادية الهائلة ،ومنهم معارضٌ لهذا الانسحاب المفاجئ ، و ناقد له في بعض الجوانب. لكنّ أغلبية منظمات المجتمع المدني تدين هذا الانسحاب، كونه يجعل حياة الكثير من الأفغان في خطر التطرف الطالباني القادم ؛ كون العالم له تجارب مؤلمة و سيئة مع هذه المنظمة سابقاً، و الأسوا من هذا وذاك هو استقدام هذه المنظمة المتشدّدة لمنظماتٍ إرهابية عالمية، من أمثال القاعدة و داعش، والتي تمثّل خطراً على أمن و سلامةً العالم بأكمله .
فبريطانيا تريد استقالة وزير خارجيتها لأنه كان في العطلة ولم يعد إلى عمله، حينما سيطر الطالبان على كابول ، أي أنه أهمل القضية.
الكثير من الحكومات تقول إنّ المهمة كانت تقودها أمريكا، وبالتالي تسعون بالمئة من قوات التحالف كانت أمريكية. و يقولون إنّ الرئيس جو بايدن لم يتشاور مع أحدٍ بقرار الانسحاب .
والآن ماذا ستختار أوروبا / هل ترى سيدعم التحالف ُالمعارضة أم سيعترف بالطالبان ؟؟ هذه المواضيع و مواضيع أخرى تدور في فلك تلك المؤسسات ، و في الكثير من الغرف المظلمة .
المشكلة الكبيرة التي يتخوّف منها الأوروبيون هي في أزمة اللاجئين، الآلاف من معارضي طالبان و المتعاونين مع قوات التحالف و المترجمين و عوائلهم هجروا ،و آلاف كثيرة لازالوا يرغبون بالهجرة.
رغم عفو الطالبان عن الكثيرين ، حسب قولهم، لكنّ الشكوك لا زالت كبيرة حول مصداقيتها.
و تركيا وبحكم موقعها الجغرافي فهي إحدى الدول التي تخشى هجرة الأفغان إليها، فإنها تبني جداراً كبيراً وطويلاً بينها و بين ايران للحدّ من الزحف الأفغاني. ولكن لازال موقف تركيا غير واضح حول الموقف من التغييرات في افغانستان و مسألة الهجرة الكبيرة للأفغان؛ لأنّ موقف تركيا هام حول هذه القضية ، أي إمّا قبولهم في تركيا و دون السماح لهم للهجرة إلى أوروبا ،و قد تعقد اتصالات مكثفة قريباً حول هذه المسائل بين تركيا و الدول الأوروبية
دور اليمين المتطرّف يزداد بازدياد أعداد اللاجئين في أوروبا ، وبالأخصّ في بعض الدول ، و من المفارقات في هذا الوضع فإنّ الدعم أو الاعتراف الدولي بالطالبان قد يسهّل معضلة اللاجئين، أما دعمهم للمعارضة فقد يعقّدها أكثر.، و بالرغم من هذا وذاك يظهر أنّ أمريكا قد أمنت الكثير من مصالحها مع الطالبان، و بالتالي يظهر أنهم قد اتفقوا على أمورٍ كثيرة في الحوارات الجارية في قطر
ويبقى أنّ آذان العالم وعيونهم على طالبان و قراراتهم في شكل الحكومة و الحكم، و أنّ الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت…
ولكن يبقى السؤال الأهمّ عند الأوروبيين هو: أين حصل الفشل و لماذا ؟
هل مسؤولية سيطرة الطالبان و الوضع الحالي في أفغانستان سببه فشل سياسة التحالف أم سببه فشل النظام السياسي الأفغاني و سيطرة الفساد و الرشوة و الانقسامات و تجّار الحروب الذي أدّى إلى انهيار العمل والأمل في بناء دولة القانون؟؟؟ و بالتالي فإنّ الانقسامات في ذلك المجتمع سياسياً واجتماعياً و اقتصادياً لعب دوراً فتّاكاً بدون شك الى أن أوصل أفغانستان إلى هذه الصورة القاتمة ، حيث يتشابك به الفقر و الفساد و التطرف و تجّار الحروب و التشدد الديني و العشائري و الخ . و يظهر حسب المعطيات أنّ السبب الثالي هو على الأغلب السبب الرئسي في فشل تجربة التحالف في أفغانستان .
ما أشبه الوضع في أفغانستان المنكوبة بالكثير من دول الشرق الأوسط و العالم الثالث!!! والفروق هي في وقت وزمان و مكان الانفجار الكبير . و ما يخيفنا هنا أن ينزلق الوضع في كُردستان سوريا إلى ما يشبه أفغانستان.