آراء

* أطفال تحت الأنقاض *

الكاتبة : ايمان محمد عزت / قامشلو *

الأطفال هم نعمة استثنائية لأية أمة، فهم أعظم هديةٍ للبشرية ، وهم لديهم إمكانات غير محدودة كماً وموارد بشرية مفيدة تساهم في تقدم البلاد ، وهم ليسوا مصدراً حيوياً للدولة فحسب ، بل هم العامل الأهم في التغيير المستقبلي ، يلعبون دوراً حيوياً وجهداً في عملية بناء المجتمع وازدهاره الاقتصادي ، ومن ثم توفير الحاضنة السياسية المستقرة داخل المجتمع بما يضمن الحفاظ على كرامتهم ومن ثم مستقبلهم المشرق وقيادة الأمة نحو دولة متقدمة .

فهل يمكن لأية كارثة أن تتجنّب رؤية الأطفال يرقدون بلا حياةٍ أو مصابين ؟ . وتصمّ الاذان من صوت صراخهم وجعاً وسيل من الدموع ينهمر من عيونهم بلا هوادة ؟ .

وكلنا نعلم أيضاً بأنّ الأطفال هم من أكثر الفئات ضعفاً ، لذا فإنّ الحروب والكوارث والأزمات تؤثّر عليهم بشكلٍ مضاعف وبطرائق متعددة، ويواجهون خلالها وبعدها تحدياتٍ كبيرة من نفسية وصحية وتعليمية وبيئية .. الخ ومنها مثلاً : الإنفصال عن الوالدين اللذين يعتمدون عليهما في احتياجاتهم للبقاء على قيد الحياة ، مما يؤدّي إلى عواقب طويلة الأجل فتؤثّر على نموهم الطبيعي سواءً الجسدي منه أو النفسي ؛ لأنّ فقدان الأسرة سواءً الوقتي منه أو الأبدي يشكّل ضغطاً كبيراً على الأطفال ، حيث أنّ العامل الوسيط الأكبر في كيفية تعاملهم مع الكارثة أو الأزمة أو الحرب هو العلاقة الأسرية القوية ، والتي قد توفّر تكافلاً منضبطاً أكثر للتحكم بالظروف الجديدة وصعوباتها كنتاجٍ لفقدان الموارد الأساسية للحياة من مياه وغذاء ومدارس ورعاية صحية ومأوى مناسب .

ولعلّ الظاهرة الأكثر خطورةً هي في مسلكية الوالدين خاصةً حينما يتأثّرون سايكولوجياً بحالة الحروب والكوارث التي بدورها تؤثّر في قدرتهم على رعاية أطفالهم بشكلٍ صحيح؛ مما يؤدّي وبقوةٌ إلى بروز ظاهرة العنف الأسري ، هذا العنف الذي يواكب سنوات نموهم الأساسي وتترسّخ مع الأيام؛ لتصبح كجزءٍ طبيعي من حياتهم ، وبمعنى أوضح حيث يتمّ تطبيع العنف الممارس كوسيلةٍ رئيسية لتأديب أطفالهم أو حتى التعامل مع النزاعات الزوجية مستقبلاً . كما ويظهر عند الأطفال مستوى عالٍ من اضطراب ما بعد الصدمة بسبب الفوضى والذعر الذي يكون قد حدث أو يحدث ، وكمثالٍ : حينما يرون أحبّاءهم يموتون أو إلحاق الضرر بمنازلهم وفقدان ممتلكاتهم … الخ ، والأطفال غير قادرين على التعامل مع ضغوطات ما بعد الصدمة فتظهر عليهم أعراضٌ منها : فقدان الشهية ، الهدوء ، البكاء المستمر ، فقدان النوم ، القلق ، الاكتئاب ، رؤية الكوابيس ، العزلة ، الرغبة المتكررة في التحدث عن الحدث ، تجنب الحديث ، صعوبة التركيز … ومن خلال واقعنا المرير نرى بأنّ الأطفال هم ممن يدفعون الثمن الأكبر للأزمة الإنسانية ، وهنا يتطلّب منا جميعاً مناشدة الحكومات والمنظمات الإغاثية ،ومنها اليونيسف، الرائدة في حماية الأطفال في حالات الطوارئ والمناطق المنكوبة، لمنع إلحاق الأذى بالأطفال والتركيز علي توفير القيادة والتنسيق لجميع الجهات المعنية بحماية الطفل ، وتعزيز أنظمة حماية الطفل للوقاية والاستجابة لسوء المعاملة والاستغلال في الحالات الإنسانية ، كما ورصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال والإبلاغ عنها وتوثيقها والتحقق منها . والتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال إتاحة خدمات شاملة وعالية الجودة لجميع الناجين . وتعزيز الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي من خلال توفير الخدمات التي يقودها المجتمع ، حماية الأطفال من الاستغلال والانتهاك الجنسيين .. وتوفير قنوات الإبلاغ الآمنة .

وفي الختام ومما للنزاعات المسلحة والحروب والكوارث من تأثيرٍ نفسي خطير على الأطفال فهم يعانون من العنف المستمر إما كضحية أو كشاهد.. كلّ هذه المواقف تجعل الأطفال غير آمنين مما يؤدّي إلى تطور أنواع الرهاب لديهم ؛ لذا يمكن للتعليم أن يقلّل بشكلٍ ملحوظ من التأثير النفسي الاجتماعي للصدمة والنزوح ، وحيث أنّ التعليم هو المحرك الرئيسي في تشكيل عقول الأطفال ، لذا يجب التركيز على ثقافة السلام وتعليمهم كيفية التعايش مع الأشخاص الذين يختلفون عنهم في الجنس أو العرق أو اللغة أو الدين أو الثقافة .. من خلال الأفكار القائلة: بأننا متساوون ويجب ترسيخ مبدأ احترام بعضهم البعض .

والأهم هنا ما يفترض بنا التركيز عليه مجدداً هو حالة النزاعات المسلحة والحروب وما للكوارث من تأثيرٍ نفسي خطير على الأطفال فهم يعانون من العنف المستمرّ إما كضحية أو كشاهد.. كلّ هذه المواقف تجعل الأطفال غير آمنين مما يؤدّي إلى تطور أنواع الرهاب لديهم لذا يمكن للتعليم أن يقلّل بشكلٍ ملحوظ من التأثير النفسي الاجتماعي للصدمة والنزوح ، لأنّ التعليم هو المحرك الرئيسي في تشكيل عقول الأطفال، ويجب التركيز على ثقافة السلام وتعليمهم كيفية التعايش مع الأشخاص الذين يختلفون عنهم في الجنس أو العرق أو اللغة أو الدين أو الثقافة .. من خلال الأفكار القائلة: باننا متساوون ووجوبأان يكون الاحترام متبادلاً .
…..

* الكاتبة ايمان محمد عزت خريجة جامعة دمشق كلية الآداب قسم علم الاجتماع .. عملت في مجال الدعم النفسي الاجتماعي لجميع المراحل العمرية ( كباراً وصغار )

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد 305

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى