آراء

أطفال “داعش” و قبور الملاحدة

محمد رمضان
نشرت وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” شريطاً مصوراً يظهر فيه خمسة سجناء بالزي “البرتقالي” كما اعتاد “داعش” عرض الضحايا بها، حيث تم اعتقالهم في وقت سابق في كل من مدينتي “كوباني ومنبج” وهم من القومية الكردية.
وبعد تحرير مدينة منبج من قبضة مقاتلي تنظيم الدولة تم نقلهم إلى مدينة الرقة عاصمة الخلافة الداعشية في شمال شرق سوريا، وظهر من خلفهم أطفالا ينفذون عملية الإعدام رمياً بالرصاص، وهم يطلقون صيحات تكبير الله أكبر الله أكبر، على وقع أغنية تمجد الدولة الخلافة تحت راية الإسلام، وتدعو إلى إبادة الكرد من هولير عاصمة إقليم كردستان العراق حتى مدينة “عفرين” في كردستان سوريا.
وينادي ذاك الطفل في شريط المصور أيها الملاحدة الكرد أحفروا قبوركم بأيدكم وجهزوا أطفالكم بأن الحرب عليكم لم يبدأ بعد ، ويضيف مصيركم مصير هؤلاء الملحدين، ربما الشريط يأتي في سياق أكبر تراجيديا دموية عبثية في تاريخ البشرية منذ الخليقة يضاهي “هوليويد” في اإخراج والتصميم ، ولكن النظام العالمي الجديد كما يبدو يبارك هذه الخطوات المتمثلة بفلسفة نشر الرعب والصدمة عبر مشاهد غاصة بالوحشية والدموية ، وهذه المباركة تتمثل في ظاهرة الصمت حيال ما يجري في المنطقة الممتدة على مساحتي سوريا والعراق ، ف القومية الكردية تتعرض منذ الأزل لأشرس الهجمات البربرية على يد مختلف القوى التي حكمت المنطقة ومن ضمنها داعش كما حصل في مدينة كوباني شمالي سوريا حيث دمرت المدينة عن بكرة أبيها مع 400 قرية من النهب والسلب وتشريد وأصبحوا مشردين في أصقاع العالم.
ولكل إنسان كردي قصة وحكاية مع الاضطهاد الممنهج من قبل الحكومات المتعاقبة في كل من سوريا والعراق وتركيا وإيران بعدما تم تقسيم بلادهم بين الدول أنفة الذكر .والمؤسف نادرا ما نجد إدانة دولية ترقى إلى المستوى السياسي لتلك الممارسات المنتهكة لأبسط مواثيق والصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي يرعاها ويتشدق بها العالم المتحضر (وأما بالنسبة للإسلام السياسي صاحبة المشروع الحداثي بالمنظور الإسلامي تجد التباس واضح في شرح مفهوم الوطنية مثل الجدلية المتعلقة بالحقوق القومية للشعوب المسلمة في الدول الإسلامية، إذ نجد من الفجاجة والتجني أن تصمت الفئة الحداثية حيال قتل إنسان ما بهذه الطريقة على مرىء ومسمع العالم الإسلامي، أين اﻷصوات التي تنادي بالعدل والمساواة والحقوق هؤلاء المدنين وليس عسكريين تم اعتقالهم على رأس عملهم والأنكى من ذلك صرح أحد مشايخ الأزهر ويعتبر المرجع الديني للمسلمين حينما قال بأن تنظيم الدولة من أهل القبلة لا يمكن التشنيع بهم) وهو الدكتور “أحمد الطيب” أما على المستوى الدولي نجد الحملة العسكرية التركية التي تجتاح سوريا تفتقر إلى أدني المسوغات القانونية وانتهاك صارخ للأسف ،العلاقات الدولية والقوانين الدولية الناظمة للصراعات المتعددة الأطراف والفوق القومية كما هو حاصل في سوريا.
فمن التجني بحق البشرية اذا كان العالم المتحضر لا تعي عواقب الاجتياح التركي والجناية أعظم في حال تعي وتصمت حيال ذلك ، تركيا التي فتحت معابرها لحوالي 60 الف مقاتل اجنبي بغية الدخول إلى سوريا اليوم تلاحق هؤلاء من جديد ولكن الغاية منها هذه المرة القضاء على الوجود الكردي في المنطقة أو إنهاك القوى التي قد تحمي القومية الكردية ، ومن العسير الإيمان بمثل هذا الفرضية ، فالشعوب لا تباد ولا تنتهي ولا الوحشية والدموية تأخذ أبعاد جديدة وتترسخ ك مباديء فلسفية ناظمة للمجتمعات وهذا ما يحصل في المنطقة ، ترسيخ العقلية الدموية والتوحش ، ولكن هذه المرة لن نترجى العالم المتحضر لحماية القومية الكردية ولكن نحذرهم بأن الحرب الدائرة في الشرق سوف تكون قريبا على أبوابها.
اورينت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى