آراء

أهمية الأسرة والتعليم في حياة الفرد والمجتمع

كلستان مرعي

* يقال إذا أردت أن تهدم حضارة أمة ،فعليك باثنتان: الأسرة والتعليم.

– الأسرة من أهم المؤسسات الاجتماعية التي أقامها الانسان , إنها الوحدة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل ,

وتتميّز العلاقات الأسرية بالتلقائية بين أفرادها , وخاصةً بالنسبة للأطفال ,وهذه التلقائية تعطي للطفل فرصة إصدار ألوان متعددة من السلوك الذي تتناوله الأسرة بالتشكيل و التعديل .

يتعلّم الطفل منها : اللغة ,والدين ,والتعبير . وطريقة الكلام , والعادات , والأخلاق والقيم , تبعاً لما يسود في الأسرة.

فالأسرة إذاً هي التي ترسّخ المبادئ الأولية في ذهنية الفرد وتنشئته تنشئة صحيحة، و هي الخلية الأساسية في بناء المجتمع فإذا كانت الأسرة صالحة يكون المجتمع صالحاً, _وتأتي بعدها المدرسة و المؤسسات الاجتماعية الأخرى .

فالأسرة هذه المؤسسة الهامة نراها في هذه الظروف الراهنة العصيبة من حروب و خوف و دمار و قتل و تشرد و بؤس ومعاناة لا تنتهي ، تفكّكت و تشتّتت و تبعثر أفراد الأسرة الواحدة في أصقاع الأرض ، يبحثون عن الأمان والسلام، فمنهم مَن وصل إلى ميناء السلام بسلام و منهم مَن غرق في البحار والمحيطات ، و منهم مَن ضاع في الغابات والفلوات الموحشة أو مات برداً أو جوعاً أو نهباً وقتلاً .

أما الذين وصلوا إلى بر الأمان و الجنة الموعودة و رغيد العيش كما يدّعون، سوف ينصهرون في تلك المجتمعات التي هاجروا إليها.. إذا كان الجيل الأول أو حتى الجيل الثاني، من المهاجرين يعرف هويته ولغته وبعض عادته و تقاليده التي لا يستطيع الحفاظ عليها ، فالجيل الثالث من أبناء المهاجرين سينصهر ،لا محالة، و سيذوب في ذلك المجتمع المهاجر إليه ، وسيبقى بلا أرض بلا عنوان بلا هوية….

أما التعليم عندنا، و اأسفاه على التعليم ، فقد بات منحطاً والمدارس أصبحت خاوية على عروشها، فالمقاعد تئنّ حنيناً إلى التلاميذ ، والسبورة شاكية فلا أحد يكتب أو يرسم عليها، الباحة حزينة باكية على ضحكات وضوضاء التلاميذ الذين غادروها من سنين، فلا معلمين ولا مدرسين ولا تلاميذ إلا ماقد ندر ، وذلك بسبب الهجرة الجنونية . وهجرة الكوادرالتعليمية في ظل هذه الظروف الضبابية المظلمة حيث أصبح بصيص النور خافتاً وضعيفاً..

فبتفكك الأسرة وتردي التعليم يصبح المجتمع متخلفاً جاهلاً ضعيفاً… وينتشر الظلم

والفساد والنفاق..وتصبح العدالة الاجتماعية في قحط وتفقد الإنسانية معانيها….كم هي أليمة مشاعرنا نحن البشر في ظل هذه الظروف وانهيار المجتمع و تفككه وضياعه

فحافظواعلى الأسرة وتماسكها إذا بقيت هناك أسرة، تلك المؤسسة الهامة في المجتمع

وأنتم أيتها الكوادرالتعليمية الباقية على أرض الوطن يا مشاعل النور و بناة الأجيال والأوطان حافظوا على التعليم ما استطعتم إليه سبيلاً ، فأنتم جنود الوطن، فعلمكم وأقلامكم هما سلاحكم الذي به تبنون الإنسان والأوطان .

وصدق معروف الرصافي حين قال : ابنوا المدارس واستقصوا بها الأملا

حتى نطاول في بنيانها زحلا

إن كان للجهل في أحوالنا علل”

فالعلم كالّطب يشفي تلكم العللا..

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “316”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى