أيمن عبدالنور: القضية الكُردية هي قضية كرامة وحرية لكلّ السوريين
Yekiti Media
المهندس أيمن عبدالنور الوجه الإعلامي الشاب و البارز تنقّل في مجالاتٍ و مؤسسات إعلامية عديدة بالإضافة إلى موقعه الإلكتروني – كلّنا شركاء – والذي واكب الحدث السوري قبل الثورة ولايزال مستمرّاً وفاعلاً و يترصّد القضايا السورية على مدار الساعة خبراً و تحليلاً ، و إيضاح غالبية من يكتبون حولها ..
الأستاذ أيمن عبدالنور عايشٌ الكُرد والقضية الكُردية في سوريا وتلمّس المظلومية عن قرب كونه قضى جزءاً من حياته في مدينة الحسكة وله أصدقاء كثر فيها، ولعله من الإعلاميين الأوائل الذين سلّطوا الضوء وبشكلٍ مباشر تلفزيونيًا على قضايا مهمة وكمثالٍ من خلال برنامجه – بلد بارك – على قناة أورينت ، وكذلك لايزال موقعه في كلنا شركاء مفتوحاً أمام الكتّاب الكُرد سواءً لطرح رؤاهم او مناقشة قضيتهم .. ونحن هنا و بإسم الهيئة الإعلامية لموقع يكيتي ميديا نشكر الأستاذ ايمن عبد النور على هذا الوقت الذي منحنا إياه لإجراء هذا الحوار ..
يكيتي ميديا :أستاذنا العزيز..انطلقتم في مسيرتكم الدراسية والتخصّصية صوب الهندسة و زملاؤكم يقرّون لكم التفوق دراسياً وعملياً فيها .. الإعلام الذي أبدعت فيه، و بحقٍّ اثبتّ حضوراً أكبر ؟ كيف حدث ذلك ؟
تمّ إصدار قرار عرفي بسجني بسبب انتقادي للفساد في مؤسسات الدولة
أيمن عبدالنور: نعم معك حقٌّ لقد درست الهندسة المدنية بجامعة دمشق وتخرّجت عام 1986 وكنت الاول على الدفعة التي تضمّ 500 مهندس ولكن كنت دائماً أحبّ الإعلام واشرف على مجلّات الحائط من المدرسة الإعدادية والثانوية بالحسكة ويبدو أنها كانت هوايتي منذ الصغر ومن ثم نشرت مقالاتٍ اقتصادية بكلّ الصحف السورية و أدّت واحدة منها عام 1997 لإصدار قرارٍ عرفي بسجني بسبب انتقادي الشديد للواقع الاقتصادي والإداري والفساد في مؤسسات الدولة ومن يومها أدركتُ أهمية الإعلام وتأثيره سواءً على الراي العام وصياغة فكرٍ جديد للمجتمع المحجوب عنه كلّ الحريات ومنها حرية التعبير عن الرأي وحقّ الحصول على المعلومات لذلك تابعت بكتابة المقالات بوسائل الإعلام المتاحة والظهور في الإعلام التلفزيوني السوري والعربية والجزيرة وام بي سي وغيرها حتى يوم سقوط بغداد عام 2003 والتي أدّت لإحساسٍ كبيرٍ لديّ أنّ موجة الديمقراطية لا بدّ أن تصل لسوريا ولا بدّ من حاملٍ إعلامي لها فأطلقتُ موقع (كلنا شركاء) بعد سقوط بغداد بعشرة أيامٍ ومازال مستمرّاً ليومنا هذا .
يكيتي ميديا : يُسجّل لشخصكم وفي كلّ محطاتكم الإعلامية تركيزاً مبكراً ومباشراً على ما نراه نحن – ملفّ القضية الكُردية في سوريا – كواحدةٍ من الملفات الرئيسة والتي تثيرونها باستمرارٍ ، فهل لها علاقة – مثلاً – لتعرّفكم عليها عن قرب كونكم عشتم في المنطقة الكُردية ؟
مازلت مستمراً بالتواصل مع معظم القيادات الكُردية
أيمن عبدالنور: هذه ملاحظة صحيحة فكوني عشت في الحسكة ودرست للصف العاشر وأصدقائي كثر منهم أكراد فأنا اعرف عن قرب حقيقتهم وطباعهم وأخلاقهم وأدرك تماماً الفارق بين مطالبهم المشروعة ومطالب مجموعات صغيرة متشدّدة وهي بالتالي تشابه حتى مطالبات مجموعات سريانية بالحسكة والقامشلي/(قامشلو) لذلك اتفهّمها ولا أخشى منها ولا أتوجّس منها شراً , فمنذ أول أسبوعٍ بعد إطلاق الموقع 2003 نظّمت ندوة بالقامشلي بمشاركة الأحزاب الكُردية والناشطين عن حقوق الأكراد ومطالبهم وكيفية تحقيقها ومازلت مستمراً بالتواصل مع معظم القيادات الكُردية سواءً بالقامشلي أو بأمريكا .
يكيتي ميديا :أستاذ أيمن… تعرفون أنّ الشعب السوري حُرِمت عليه ممارسة السياسة منذ الانقلاب البعثي في 1963 فإذا كان الإعلام سبيلاً أساسياً في تنمية السياسة.. أيُّ مشروعٍ إعلامي تقترحونه للثوار و المعارضين السوريين في المرحلة الراهنة؟.
لا بدّ من وجود مؤسسة إعلامية تمثّل السوريين وتخاطبهم كسوريين
أيمن عبدالنور: للأسف الشديد مازال الإعلام سواءً الموالي للنظام أو المعارض له يقع في خانة البروباغندا الحزبية أو العشائرية أو المناطقية أو الدينية الضيقة ولا يمثّل بالتالي سوريا بغناها وتنوّعها الذي جعل منها لعقودٍ طويلة منارة في التسامح والعيش المشترك والرقي الاجتماعي والثقافي ومضرب مثل لكثيرٍ من الدول .
عددٌ قليل جداً من وسائل الإعلام التي استطاعت الخروج من هذه الدائرة الضيقة طبعاً ذلك لا يعود لقلة الصحفيين السوريين المهنيين بل لمشكلة التمويل واختيار الدول أو المنظمات لتمويل أجنداتها بوسائل إعلام سورية بدلاً من ترويج الفكر السوري الجامع لأبنائه والذي هو ضمانة بقاء سوريا واحدة موحّدة …أوافقك أنه يجب وجود مؤسسة إعلامية تمثّل السوريين وتخاطبهم كسوريين من حملة شعلة حضارية بعيداً عن التخوين والفتاوى السياسية و توزيع شهادات الوطنية وحجبها عن المخالفين واحتكار الحقيقة ….كان مؤمّلاً أن تلعب الأجسام السياسية المعارضة دوراً في هذا لكن يبدو أنّ الدول الداعمة لم تؤيّد هذا الأمر السؤال الرابع :النظام لعب على ورقة الأقليات ، و خاصةً خلال الثورة السورية..
يكيتي ميديا: ما السبل الناجعة لنزع هذه الورقة من يد النظام… انطلاقاً من خبرتكم ؟.
النظام استخدم الأقليات كورقةٍ لصالحه بدون أي مقابل
أيمن عبدالنور: هذا بيت القصيد والنظام لديه خبرة كبيرة جداً بهذا الأمر ويمارسه منذ وصل للحكم وبالتالي هو أقدم كثيراً من المعارضة بهذا القطاع وعلاقاته أكبر بكثير واستطاع إيصال عديد من صبيانه لمناصب مهمة بتلك الأقليات وتجد هذه القيادات اليوم هي أكبر مَنْ يدافع عنه بالمحافل الدولية وتطلب رفع العقوبات كاملة عنه وتتحدّث عنه وكأنه منقذ وحامي الأقليات الذي لولاه لذُبِحت الأقليات من قبل السنة وهذا خاطئ تماماً ….
لحسن الحظ أنّ فكرة لولا النظام لذُبِحت الأقليات التي نشرها النظام بأول الثورة و أدّت لرعبٍ و تخوّفٍ كبير لديها دفعها ليصبّ حوالي 90 % منها مع النظام بدأت تتكشف هذه الأكاذيب تباعاً ليدرك كثر أنّ النظام يستخدمهم كورقةٍ ليبيعها ويستخدمها لصالحه بدون أي مقابلٍ للأقليات سوى حقوق سخيفة بأن يسمح لهم بالصلاة بحرية وتعيين عدد منهم بمناصب خلبية بدون صلاحيات وتبيّن لهم أنه كان يبيعهم الوهم والأمل لذلك بدأنا نرى تباعاً تحوّل ما لا يقلّ عن 40 % إلى الرماديين و10 % جديدة إلى المعارضة وأتوقّع بعد اتّضاح كلّ المعلومات أمامهم في مرحلة ما بعد النظام سيتغيّرون مباشرةً لكن يجب أن نعترف أنّ المعارضة بأجسامها المختلفة والشعارات التي رفعتها بعض الفصائل والتعابير التي تستخدمها تيارات متطرّفة كانت عاملاً كبيراً بإخافة الأقليات وأيضاً المجتمع الدولي وساهمت بتأخير حسم القضية السورية .
يكيتي ميديا: تعرّضتم لمضايقات وتهديدات عديدة من النظام بسبب مواقفكم وانحيازكم المبكر للشعب وكنتم ولازلتم من أكثر الوسائل الإعلامية التي تواكب الحدث وتتابع الرأي العام العالمي والمواقف الدولية .. برأيكم : المآلات إلى أين ؟ .. هل من أثرٍ لضوءٍ في نهاية النفق ، لاسيما والعالم كله منخرط في الحرب ضدّ كورونا ؟ .
نعم هناك ضوء في نهاية النفق
أيمن عبدالنور: البعض كتب أنني أكثر شخصٍ تعرّض لفيديوهات كاذبة ومقالات مفبركة أعدّها النظام و تهاجمني شخصياً بقوة وكلّ ما ورد فيها غير صحيح كلياً وهذا مؤشّر مهمٌ إنّ النظام يتأثّر ويتضرّر كثيراً من الشخصيات المعارضة من الأقليات وخصوصاً إذا كان لديها احترام وتواجد في المنصات الدولية .
ولكن مع ذلك مازلت مستمراً لإظهار الحقّ وإظهار الوجه الحقيقي للأقليات رغم أنّ بعضهم يأخذ على هذا ولكني اجده ضرورياً جداً وكذلك الوجه الحقيقي للأخوة الكُرد والإسلام السني البعيد عن استغلال الدين لمصالح شخصية ,الاسلام كما خبرته بدمشق المنفتح على الجميع بعيداً عن التطرّف و المتصالح مع ذاته الغير مضطر ليضع نفسه في موضع دفاع فهو رغم كلّ ما جرى سيبقى “أم الصبي “.
نعم هناك ضوء في نهاية النفق فلقد استنفذت الغايات لكلّ الدول فيما يبدو وجاء وقت الحلّ النهائي الذي للأسف لا يشارك به سوريون لكن التباشير تبيّن أنه ليس كما نهوى بالأحلام ولكن ليس بسوء الوضع الحالي .
يكيتي ميديا: ما يطفو على السطح من خلافٍ بين النظام وروسيا وتحديداً بشخص طباخ بوتين والذي استحوذ على عقود ضخمة ( الفوسفات ومشتقات نفطية وكيميائية ) هل من الممكن أن تصل عملياً الى ما يُثار إعلاميا ؟
التحذيرات الروسية ستستمر طالما لم يتّعظ الأسد
أيمن عبدالنور: لا يقبل الرئيس بوتين أن يسمّي ما يجري خلافاً , فالخلاف يتمّ بين دولتين أو شخصين متساويين وهذه ليست حالتنا هنا ,,بوتين يعتبر أنّ هذه تنبيهات من عاملين في إدارته او قريبين منها وهذا حقهم أن يدفعوا باتجاه مصالح روسيا في سوريا والتي يبدو أنّ النظام السوري يظنّ أنه يستطيع الكذب أو التلاعب بها , لذلك هذه التحذيرات ستستمرّ طالما لم يتّعظ الأسد ولم يفهم من تلقاء نفسه تنفيذ ما يجب عليه أن يعمله .
يكيتي ميديا: أستاذ أيمن : سوريا بعد كلّ هذا المخاض إلى أين ؟ وماهو تصوّركم لنموذج الدولة الأفضل في سوريا المستقبل ؟ واسمحوا لنا أن نضيف ايضاً : رؤيتكم لحلّ القضية الكُردية فيها ؟
القضية الكُردية هي قضية كرامة وحرية لكلّ السوريين
أيمن عبدالنور: سوريا المستقبل كما يتمنّاها الأغلبية هي سوريا التي يتساوى بها جميع المواطنين بالحقوق والواجبات تحت سقف القانون , سوريا التي تجري فيها انتخابات حرة تؤدّي لتمثيل جميع مكوناتها بسبب خبرة ونضج الشعب السوري , البلد الذي لا يتدخّل فيه الجيش والأمن بالسياسة ودستوره يتّفق عليه أبناؤها بالتوافق ويحفظ لجميع القطاعات الاقتصادية العمل والنمو ولجميع الأديان بممارسة شعائرها والذي يضمّ ثلاثة سلطات مستقلّة يكتب عنها وينشر للناس ماذا يخطّطون وماذا يعملون سلطة إعلامية قوية .
الواقع الحالي الذي يأتي بعد عشر سنواتٍ من الجرائم والقصف والتعذيب والفقر والحرمان والتشريد لا يمكّننا من أن نطلب من المجتمع السوري أن يتصرّف بالعقل المتّزن البارد البعيد عن الاستقطابات الدينية والعرقية والمناطقية في أيّ عمليةٍ انتخابية لذلك يُفترض وجود مرحلة أو مرحلتين انتقاليتين يتمّ التحكّم بهما من قبل إدارات مختارة مشهود لها بالنزاهة والخبرة ولم تتلوّث أياديها بالدماء ومن مختلف المكونات يلازمها إعلام مهني محترف يعمل على إيصال المجتمع إلى النقطة التي يتمّ فيها إطلاق الانتخاب الحرّ .
بالنسبة للقضية الكُردية هي قضية كرامة وحرية ككلّ سوري وعندما تُحلّ القضية السورية ويصبح المواطنون أحرار هذا سيشمل التنظيمات الكُردية والأفراد ولكن هذا سيحتاج وقتاً طويلاً لزرع الثقة بين المنطقة في شمال شرق سوريا وبين العاصمة والغير موجودة حالياً ولكن عند توفر النيات وتواجد عقل وطني مرن منفتح بعيداً عن العقلية الشوفينية المتعصّبة فإنّ الحلّ سيكون أقرب بكثيرٍ من الواقع حالياً .