إقليم كوردستان العراق من تابعٍ الى صانعٍ
عبدالله جعفر كوفلي
باحث أكاديمي
كل إنسان يعيش أيام حياته على شاكلةٍ خاصة، ويرضى به وينعم بما هو فيه أينما كان موقعه، ولكن القلة من هؤلاء لا يرضون بأن يقف في مكانه ويقعد عن العمل والمسير وهم عقدوا على أنفسهم أن لا يكونوا تابعين ومتطفلين ولكنهم قرروا العمل بجد وإخلاص وإرادة وبرنامج ليكونوا في المقعد الأمامي ويقودون الآخرين إلى ما يريدونه ويصنعون منهم وبهم المعجزات.
ما يقال عن الأنسان ينطبق على الدول والمؤسسات وجميع الكيانات بالتمام، فمنهم من يكون تابعاً وترضى بذلك وتنفذ ما توجه إليها من توجيهات وأوامر حرفيًا دون زيادة او نقصان ، ومنها من لا ترضى الا بالوقوف في المقدمة وتقود وتأمر وتوجه ضمن نطاق عملها.
إقليم كوردستان العراق أراد لها الأعداء ومن يجر وراءهم ان يكون تابعًا ومنفذاً لما توجه إليها أو كيفما يراد لهم وان تبقى ذيلاً واسيراً لأجنداتهم دون ان يكون لها صوتًا يسمع أو تأثيرًا في الأحداث أو موقفًا تجاه أية قضية أو موضوع ويقف عند أبوابهم كالمتسولين يطلب منهم المساعدات والمؤن ويرجو منهم الدعم لحماية امنه واستقراره من تهديدات ومصادرها ويبقى في المؤخرة ويكون مكانها عند الأبواب في جلساتهم واجتماعاتهم ان رضوا بالحضور ..
على العكس من ذلك فإن رفض التبعية والرضا بما يقسمه الآخرين للشعب الكوردستاني كان السبب الأهم من وراء قيام الحركة التحرر الكوردستانية بالثورة ومطالبة الحقوق المشروعة في القرن المنصرم، كانت هذه الفكرة وهذا النهج أساسًا لانطلاق القيادة السياسية في إقليم كوردستان للمطالبة بحقوق الشعب والخروج من تحت رحمة الاخرين ،كان هذا سياسة حكومة الإقليم منذ تأسيسها الى يومنا هذا وسيبقى .
حمل السيد مسرور بارزاني لواء هذه الفكرة وعمِلَ بجد وإخلاص من اجل إنقاذ الإقليم من تابعٍ لينطلق بقوة وبإستراتيجية دقيقة و واضحة نحو تحقيق دور أكبر للإقليم من ان يكون صانعاً ومساهمًا ومشتركًا في رسم السياسة الاقتصادية والمالية والأمنية والعسكرية والثقافية بالاشتراك مع الدول والجهات الاخرى بما يخدم الإنسانية والحضارة والتعايش السلمي بين بنى البشر.
خطوات السيد مسرور بارزاني في مكافحة الفساد والارهاب وتمتين العلاقات الخارجية والزيارات المتبادلة بينه وبين المسؤولين في الدول والمشاركة في المؤتمرات الدولية والإقليمية عن الامن والطاقة والاهتمام بتقديم أفضل الخدمات لمواطني الإقليم والبدء ببناء مشاريع تمثل بنية تحتية متكاملة ومتطورة مستقبلية، كلها إشارات ودلائل على ما يفكر به رئيس الحكومة في تحويل الإقليم من تابع إلى صانع للقرارات وراسم للسياسات على المستوى الوطني والدولي ولم يعد الإقليم لقمةٌ سائغة وسهلة لمن أراد .
إن محاولات الدول الإقليمية للوقوف بوجه خطوات الاقليم بهذا الاتجاه واضحة جدا منها القصف المستمر والتدخل بشتى السبل لإيقاف الحكومة عن مسيرتها وزعزعة الامن والاستقرار ، ولكنها محاولات يائسة ودليل على مكانة الإقليم على الساحة الدولية والدور الذي يلعبه.
بتكاتف الجهود ومسك الأيادي والنوايا الصادقة ودعم ومساندة الشعب الكوردستاني للبرنامج الحكومي سيحقق المستحيل ونقترب يومًا بعد يوم من الطموح الذي في داخل كل فرد كوردستاني ببناء كيان مستقل آمن وقوي ومزدهر.