إيران بين الدولة والعصابة
محمد رمضان
كل الحروب التي جرت وتجري في المنطقة العربية أشعل شرارتها الأولى نظام الملالي في إيران، بهدف تمرير مشاريعه الطائفية الشيعية عبر تمويل ودعم وكلاءه – إن صح التعبير- كل من حزب الله اللبناني والنظام السوري وجماعة عبد الملك الحوثي في اليمن، نتيجة انهيار البوابة الشرقية للمنطقة المتمثلة في نظام العراقي السابق بداية الألفية الثانية، مما أتاح الفرصة للنظام الإيراني بتمادي أكثر وتوغلها بالمنطقة، و أدى إلى فتح الباب على مصراعيه أمام عناصر الحرس الثوري الإيراني وبالتالي أصبح طريق الحرير ممهداً لهم بين سوريا والعراق ولبنان بالعمل على تدريب وتأهيل جماعات شيعية في سبيل الهيمنة على المنطقة والتحكم بمفاصلها.
نجد هنا بأن الكثيرين أخطأوا في توصيف طبيعة الدولة الإيرانية الحالية والتعامل معها على أساس أنها دولة (بالمفهوم العصري)، وبناء على هذا الفهم الخاطئ وقع الكثيرون في تقدير الدور الإيراني في العراق وسوريا. فإيران (الدولة) عبر تاريخها الطويل تبنت مرتان فقط النظام الطائفي الشيعي مرة في عهد الدولة الساسانية في القرن الثالث الميلادي واستمرت حتى القرن السابع، ومرة أخرى إيران ثورة الخميني (الإسلامية) التي أطاحت بالشاه في بدايات ثمانينات من القرن الماضي، لذا فهي الآن تمثل مشروعاً طائفيا شيعياً عقائديا يستند في جذوره إلى تاريخ الخلاف المذهبي البعيد لبدايات الصراع على السلطة في الإسلام، وإلى مفاهيم أو فلسفة الانتصار للمهدي المنتظر بهدف السيطرة والسيادة على العالم الإسلامي أولاً ومن ثم تبدأ بالتوسع …
عليه نرى سلوكية هذه (الدولة) دائماً تكون خارج الأعراف والتقاليد الدبلوماسية والشرعية الدولية، فهي لا تلتزم بأية خطوط حمراء في التعامل مع الخصوم والأعداء إذ يغلب على أسلوبها المافيوية والعصاباتية (الاعتداء على السفارات والدبلوماسيين، الاغتيالات، أعمال الخطف، التفجيرات، شراء الذمم، ..) كذلك قتل الخصم أثناء المفاوضات المباشرة مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني – إيران، عبد الرحمن قاسملو حول الحكم الذاتي للكرد في إيران بالعاصمة نمساوية فينا في تسعينات القرن الماضي.
سجل الاغتيالات طويل في أرشيف نظام الملالي بدأً من قاضي محمد وصادق شرف الكندي وغيرهم الكثيرين ممن رفضوا أراءهم المزعومة تحت راية الإسلام – التي هي حقيقة بعيدة كل البعد عن مبادئ الإسلام- كما تمارس الإعدامات شبه اليومية بحق النشطاء في الحراك السياسي وفي هذا الإطار كشفت مصادر كردية معارضة في إيران عن أن نسبة الإعدامات التي ينفذها نظام إيران ضد الكرد وعرب الأحواز والبلوش وغيرهم من المكونات الأخرى ترتفع سنويا، مبينة أن الأشهر التسعة الماضية حسب السنة الإيرانية شهدت إعدام أكثر من 750 مواطناً إيرانياً غالبيتهم من القومية الكردية، فيما نددت هذه الأحزاب بالحملة الإيرانية ضد السعودية، وطالبت المجتمع الدولي بإنهاء صمته أمام الجرائم التي يقترفها نظام طهران ضد الإنسانية وفي مقدمتها جريمة الهجوم على السفارة السعودية في طهران وإحراقها عقب إعدام الداعية السعودي نمر باقر النمر مع عدد من المتهمين بأعمال ارهابية في السعودية.
توجه كل أدوات مشروعها بذلك المنهج الإرهابي الخارج عن الشرعيات القانونية وحتى الأخلاقية كأحد أركان عقيدتها في الصراع. لذا على الجميع أن يعيد حساباته في التعامل مع هذا المشروع أو مع أدواته لأن الأمور معه تكون خارج كل السياقات القانونية والأخلاقية.
*كاتب وحقوقي كردي سوري