ابراهيم برو يرد على رئيس النظام السوري بشار الأسد
أمام حشد من كوادر حزب البعث في مدينة طرطوس بتاريخ 20/11/2014، تناول رئيس النظام السوري بشار الأسد في أحد جوانب كلمته قضايا شعبنا الكردي في سوريا، حسب ما ورد في جريدة الأخبار اللبنانية في عددها/2484/ بتاريخ 3/1/2015 (نحن قمنا، في بداية الأزمة، بمنح مئة ألف كردي الجنسية، وسمحنا بتدريس اللغة الكردية. وهذا منطقي. لكنهم يريدون النص الدستوري على القومية الكردية؛ قلنا لهم هذا يلزمنا بذكر كل الأعراق والطوائف الموجودة في سوريا، وهذا يسهم في تفتيت البلد). وقد تطرق بشكل خاص إلى وجود مخطط أمريكي يهدف إلى انشاء كيان فدرالي للكرد في سوريا، وقد أوضح عدم واقعية هذا الطرح كون غالبية الكثافة السكانية للكرد في سوريا يتركز في الحسكة وهم حسب الأسد يشكلون %36 فقط من سكانها متجاهلاً بذلك حقائق التاريخ والجغرافيا، وحقائق الواقع الفعلي للوجود القومي الكردي في سوريا، ولأهمية الموضوع وحساسيته لا بد من ذكر بعض النقاط :
أولاً- سوريا كبلد تكوّن وفق مصالح الحقبة الاستعمارية للدولتين البريطانية والفرنسية، ولم يكن لأي مكون من مكوناته الخيار في الوجود ضمن حدود هذا البلد , كما أن شكل ونموذج الدولة موروث ومستنسخ عن النظام الجمهوري المركزي للدولة الفرنسية، وهذا ينطبق على معظم الدساتير التي مرت على سوريا وقوانينها، وقد فشل النظام الجمهوري المركزي في خلق انسجام بين مكونات المجتمع السوري، لا بل نتج عنه نظام شمولي شوفيني و أزمة بنيوية خانقة أدت إلى احتجاجات عديدة من أبرزها الانتفاضة الكردية عام 2004 التي هزت أركان الدولة الأمنية وكسرت حاجز الخوف والإرهاب ، وثورة مستمرة قاربت على انهاء عامها الرابع، أخذ طابع الصراع بين مكونات المجتمع السوري فيها مكانة الصدارة، وما نتج عن ذلك من تضحيات كبيرة بلغ فيها عدد الشهداء مئات الالاف وموجات من الهجرة والنزوح بالملايين و ودمار هائل فاق حجمه كل تصور، و ما زالت سياسات حزب البعث و رئيسه قائمة على مبدأ عدم ذكر كل الأعراق والطوائف الموجودة في سوريا التي ستلّزمه الاعتراف الدستوري بوجود وحقوق الشعب الكردي لأن ذلك- حسب منطقه- سيساهم في تفتيت البلد، ومن الواضح تماما أن عملية الربط بهذا الشكل بين الاعتراف الدستوري بوجود شعبنا الكردي وحقوقه القومية وبين ذكر المكونات الأخرى بدون وجود مبرر عملي لعدم ذكرهم أصلاً قد أوصلت سوريا إلى مرحلة الدولة الفاشلة ومن أبرز عناوينها التفتيت.
ثانياً- النظام الفدرالي هو حاجة المجتمع السوري أولاً وأخيراً وقد تبناه حزبنا في مؤتمره السابع في إطار مشروع وطني كحل أمثل لسوريا المستقبل، وكذلك تبناه المجلس الوطني الكردي في مؤتمره التأسيسي 26/10/2011 وأصبح خيار الشعب الكردي بصورة عامة من خلال اتفاقيتي هولير 1-2 الموقعة بين المجلسين الكرديين، وأن ما يبرر هذا الخيار هو تفكك الدولة السورية من حيث وجود عدة جيوش تتصارع على الأرض السورية (النظامي – الحر – داعش ………..) وكذلك ظهور عدة حكومات، بالإضافة إلى تفاعل التناقضات والصراعات الإقليمية والدولية وما نتج عنها من تدخلات في الحدث السوري بات من المستحيل العودة إلى ما قبل 15/3/2011، وهنا تبرز الحاجة إلى إعادة تركيب الدولة السورية وفق طبيعة مكوناته الأساسية لإعادة الثقة بإمكانية العيش المشترك بين هذه المكونات في أقاليم ضمن دولة اتحادية تضمن توزيعاً عادلاً للثروة ومشاركة فعالة في السلطة، لذلك فإن وجود سوريا كدولة موحدة على خارطة العالم والمنطقة مرتبطة بالانتقال إلى النظام الجمهوري اللامركزي (الفدرالي) .
ثالثاً- الوجود القومي الكردي قد تعرض لتشويه ممنهج عبر سياسات شوفينية اتّبعتها الأنظمة المتعاقبة على الحكم في سوريا خلال العقود المنصرمة والمتمثلة في الحرمان من الحقوق واضطهاد قومي مبرمج من أجل تغيير التركيبة الديمغرافية لكردستان سوريا، فالتقسيمات الإدارية المشوهة التي وزعت المناطق الكردية في ثلاثة محافظات (الحسكة – الرقة – حلب ) , كما تم زرع أكثر من أربعين مستوطنة نموذجية في كردستان سوريا ، هذا بالإضافة إلى المرسوم 49 الذي أصدره بشار الأسد بنفسه بتاريخ 9/10/2008 ، وبالرغم من تغليف المرسوم المذكور بطابع عمومي وضرورات الأمن القومي، إلا أن تطبيقه في إطار مساحة جغرافية تضم غالبية كردية فقط قد أظهر حقيقية المرسوم الرامي إلى إنهاء الوجود القومي الكردي في سوريا، حيث مُنع الكرد بموجبه في مناطقهم من البناء أو بيع أو شراء أو إرث أي عقار، وقد ذهب الكثير من المحللين إلى أن هذه المساحة الجغرافية المحددة بالمرسوم 49 هي المساحة التقريبية للجزء الكردستاني الملحق بالدولة السورية باعتباره معد بدقة فائقة من قبل أعلى المستويات الأمنية والاستخباراتية المشهودة لهم بالعداء المطلق للقومية الكردية. كما أن تنفيذ توصيات ضابط المخابرات محمد طلب هلال في الستينات من القرن الماضي من خلال الحرمان من الحقوق القومية، وسد منافذ العمل، والتعليم وفصل الموظفين الكرد، واعتقال النشطاء، وخلق الفتن فيما بين الكرد أنفسهم، وبينهم وبين المكونات الأخرى، وتسهيل انتقال الكرد من مناطقهم إلى المحفظات السورية الأخرى ومنع عودتهم بعكس المكون العربي الذي يشجع على التوطين في المناطق الكردية ويمنع من مغادرتها…….إلخ، وبعد كل هذه الممارسات و اعتمادا على التقارير الأمنية و بعد هجرة عشرات الالاف من العائلات العربية من محافظات اخرى الى محافظة الحسكة و هجرة اعداد كبيرة من الكرد خلال سنوات الثورة سواء بحثا عن لقمة العيش أو هربا من النظام أو من ممارسات سلطة امر الواقع التابعة للـ pyd في الفترة الأخيرة يدعي بشار الأسد بأن كثافة الأكراد تتمركز في الحسكة ونسبتهم هي %36 فليعلم النظام السوري بأن هذه كذبة كبيرة و في اي وقت تتوقف فيه هذه الحرب و يعود الناس الى مناطقهم سيتبين له أن الكرد يشكلون الغالبية المطلقة في مناطقهم .
رابعاً- بدلاً من تعويض أبناء شعبنا الكردي الذين سحبت منهم الجنسية السورية ظلماً، عبر إحصاء جائر لمدة يوم واحد خصصت به محافظة الحسكة كانت نتائجه كارثية على شعبنا الكردي، وبعد خمسة عقود من عمر هذا الاحصاء، وفي ظل ثورة عامة وشاملة عنوانها الوحيد الحرية والكرمة، ما زال الرئيس يتحدث وفق مبدأ (المنح) للتغطية على الممارسة الشوفينية وتهرباً من استحقاقات إعادة الجنسية لمن سُلبت منهم دون وجه حق، وتأتي مسألة(السماح) بتدريس اللغة الكردية في إطار ذات المنهج كونه لم يطرح من خلال مشروع من حيث تخصيص ميزانية وكوادر ومناهج ومستلزمات (سماحه) لنا بتدريس لغتنا التي لم نتوقف يوماً واحداً عن تدريسها لأبنائنا سراً بسبب ممارساتهم القمعية .
أن هذا المنطق الذي يتحدث به رئيس النظام السوري يؤكد انه ما زال يتمسك بالخيار الأمني و العسكري , ولا يملك أي رؤية سياسية عملية للتعامل مع قضايا مجتمعنا السوري، ومنها قضية شبعنا الكردي.
سكرتير حزب يكيتي الكردي في سوريا
ابراهيم برو
10/1/2015