ارتفاع معدّلات الابتزاز الإلكتروني في كُردستان سوريا
ارتفع عدد ضحايا الابتزاز الإلكتروني في الآونة الأخيرة، حيث أنّ الابتزاز الإلكتروني يكون عن طريق شخص ما يقوم بتهديد وتخويف الضحية بالمعلومات التي لديه، سواءً كانت صور الضحية أو معلومات خاصة به أو حتى يقوم الشخص المبتز بسحب فيديو بوضعيّة غير ملائمة للضحية؛ بهدف الحصول على المقابل سواءً كان مالاً أو المطالبة بالخدمات الجنسيّة بالمقابل، أو حتى يشوّه سمعة الضحيّة بين عائلته ومحيطه.
(ي.ع) تقول ليكيتي ميديا: “أنا أضعت هاتفي في السوق ولم أجده، وفي اليوم التالي اتصلت صديقتي المقرّبة بهاتف أختي، وقالت بأنّ هناك شخص ما يراسلها من رقم الواتس الخاص بي، ويرسل لها صوري، ويقول: أخبري صديقتك إذا لم تدفع لي مبلغ 500$ سوف أنشر صورها وأعمل صفحات عديدة بصورها واسمها”.
كما أضافت “عندما سمعت هذا من صديقتي خفت كثيراً وأصبحت منهارة، وأنا قمت ببيع سلسال الذهب الذي أهداني إياه والدي قبل وفاته، وأعطيت ثمنه للشخص الذي قام بابتزازي لأستردّ منه هاتفي، ولم أستطع إخبار أي أحد بالموضوع بسبب خوفي من أهلي وأخوتي”.
أما (س.ع) من سكان مدينة قامشلو أشار إلى أنّه أيضاً تعرّض للاستغلال والابتزاز الإلكتروني، وقال: “كنت بالمنزل في تمام الساعة الثامنة مساءً رنّ هاتفي على الواتس آب، مكالمة فيديو من رقم غريب، توقّعت أنّه أحد معارفي، وحين فتحت الكاميرا انصدمت بأنّها فتاة وبوضعيّة غير ملائمة حينها أنهيت المكالمة ولم تتجاوز الخمس ثواني، وبعدها جاءتني رسائل على الواتس آب تقول (أكمل معي الفيديو لماذا أغلقت) وبعد عدة محاولات وأنا أرفض حيث جاءني بعد نصف ساعة فيديو مركب عليها صورتي في بداية الفيديو صورتي عندما فتحت الفيديو وبعدها فيديو مركب لشخص آخر ويهدّدني بأنّه سوف ينشرها تفاجأت وسألته: ماذا تريد؟ أجاب أريد 5000 دولار مقابل عدم نشر هذا الفيديو”.
وتابع “ذلك اليوم لم أنم وصرت أفكّر كثيراً إذا قام بنشر هكذا شيء وأنا ليس لي أي ذنب حينها قلت له أفعل ما تريد ولن أدفع لك أي شيء، أرسل لي صور صفحات أصدقائي على الفيس بوك ويقول سوف أرسل لهم المقطع، ولكني كرّرت قولي أفعل ما تريد. لكنني كنت خائفاً من المجتمع الذي لا يرحم وأهلي وأصدقائي، خفت أن يصدّقوا هكذا شيء، لكنني تماسكت ولم أتفاعل مع الشخص المبتز بأي شيء، لكنني سألته فقط لماذا تفعل هكذا؟ ما السبب؟ قال: طلبت النقود من جميع الناس ولم يعطيني أحد”.
وقالت المحاميّة (ل.ع) ليكيتي ميديا: “الابتزاز الإلكتروني جريمة يحاسب عليها القانون بكلّ تأكيد، وتوجد قوانين بهذا الخصوص في القانون السوري”.
كما أوضحت أنّ “القضاء يستطيع أن يعتمد على التسجيلات الصوتيّة والرسائل كدليل على الابتزاز”، مؤكّدة أنّه يجب “على الشخص الذي يتعرّض للابتزاز أن يتقدّم بمعروض للنيابة العامة في القصر العدلي، والنيابة ستحوّل هذا المعروض للجهات المختصة التي ستتابع تحقيقاتها وإجراءاتها”.
وبيّنت المحاميّة التي فضّلت عدم ذكر اسمها، أنّه “إذا ثبت الابتزاز ستتمّ ملاحقة الشخص الذي يقوم بهذا الفعل، ومن ثم اعتقاله وتقديمه للعدالة”.
وأشارت إلى أنّ “الدعوى لدى أجهزة الدولة السوريّة تؤدّي إلى إصدار مذكرة بحث وجلب للمتهم، وستتمّ ملاحقة المتهم عن طريق رقم هاتفه أو حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وباستطاعتهم اعتقاله بالمطارات والمعابر، وإذا كان قد فرّ لخارج القطر ستتمّ ملاحقته عن طريق الشرطة الدوليّة (الإنتربول)”.
قانون الجريمة المعلوماتيّة
أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد القانون رقم / 20 / للعام 2022، القاضي بإعادة تنظيم القواعد القانونيّة الجزائيّة للجريمة المعلوماتيّة التي تضمّنها المرسوم التشريعي رقم 17 للعام 2012.
ويهدف القانون إلى مكافحة الجريمة المعلوماتيّة بما يتوافق مع التطور التقني الحاصل وارتفاع نسبة انتشارها في المجتمع، وحمايً للمصالح القانونيّة وتنظيم الحريات في العالم الافتراضي والحدّ من إساءة استعمال الوسائل التقنيّة.
ويعيد القانون التأطير القانوني لمفهوم الجريمة المعلوماتيّة ليشمل العديد من صور وأشكال السلوك الإجرامي المرتبط بالمعلومات ونظم المعلومات والتي بدأت تشهد تزايداً كبيراً في المجتمع السوري بما فيها الاحتيال المعلوماتي وانتهاك الخصوصيّة والذم والقدح والتحقير الإلكتروني، وجرائم المساس بالحشمة أو الحياء، والجرائم الواقعة على الدستور والنيل من هيبة الدولة أو مكانتها الماليّة، إضافة إلى نشر تسجيلات صوتيّة أو مرئيّة غير مشروعة من دون رضا صاحبها، والجرائم المتعلقة بالبطاقة الإلكترونيّة وسرقة المعلومات.
من جانبه قال المعالج النفسي دل جان حسين لموقعنا “تظهر بعض الأعراض على الشخص الذي يتعرّض للابتزاز، كالاضطراب في النوم، ورؤية أحلام مزعجة وكوابيس في المنام، ويكونون في حالة من الخوف والحرص الدائم حيث يستنفرون لأي صوت سواءً من الهاتف أو الباب، ويفقدون التركيز ويتعرّضون للتشويش”.
كما أضاف “اجتماعياً يفقد الشخص الثقة بنفسه وبمن حوله، ويبدأ بالحد من علاقاته، ويتعرّض لحالات نفسيّة كالأرق والآلام الجسديّة كالصداع من التفكير الزائد وقد يتحوّل لدرجة الاضطراب النفسي والاكتئاب ومن الممكن أن تصل لحدّ التفكير في الانتحار”.
وأشار المعالج النفسي إلى بعض الأساليب للوقاية حيث قال: “من أهم الأشياء للوقاية هي توعية الأهالي لأبنائهم الذين يمتلكون أجهزة ذكيّة وحسابات على مواقع التواصل، وتوجيههم باطلاع الأهالي في حال حدوث أي شيء غير طبيعي، وذلك عن طريق منحهم الأمان”.
وتابع بالقول “أحياناً قد يتعرّض الشخص للابتزاز عن طريق أخذ صورة أو تسجيل صوتي من هاتفه، وهنا لا بدّ من الانتباه للأمان الرقمي وتجنب وضع كلمات سر متوقعة وسهلة كتاريخ الميلاد أو أرقام الهواتف الأرضيّة”.
وأكّد المعالج دل جان على أنّ “الابتزاز دائماً يبدأ بشيء صغير، وبالتالي يتمّ الضغط على الشخص المستهدف ويجبرونه على أن يخطئ ويرسل المزيد من الصور والأصوات، لذلك إذا كان الأهالي متواصلين ومتابعين للأبناء وخلق الأمان لإخبارهم بأي حالة ابتزاز من أي شخص”.
ولفت إلى أنّه “يجب ملاحظة سلوك الشخص بشكل مستمر من قبل الأهالي، وملاحظة التغييرات التي تطرأ عليه وعلى تصرفاته، والتحدث إليه ومحاولة معرفة المشكلة بمنحه الأمان وعرض المساعدة عليه”.
وفي نهاية حديثه لموقعنا أوضح المعالج النفسي دل جان أنّ “شراء أجهزة ذكيّة وتفعيل وسائل التواصل لأشخاص دون سن البلوغ (الذين يعتبرون أطفال) ولا يوجد حرج على أي خطأ، ولذلك لا بدّ من الانتباه، وتحديد ساعات محددة لحملهم لهذه الأجهزة، ومراقبة سلوكهم ومعرفة الجهات التي يتواصلون معها”.
وهناك الكثير من الحالات الأخرى المشابهة لهاتين الحالتين ونتيجة هذا الابتزاز الإلكتروني وبعض الضحايا، خاصةً الإناث، يقومون بالانتحار بسبب الخوف من أهاليهم وفضيحتهم أمام المجتمع وبعض الحالات الأخرى يهربون من منطقتهم خجلاً من المجتمع والتفكك الأسري.
وكانت المفوضيّة العليا لحقوق الإنسان، قد أكّدت في وقت سابق، أنّ العديد من الفتيات والنساء والأحداث كانوا ضحية الابتزاز الإلكتروني في عام ٢٠٢٣ بزيادة ملحوظة عن الأرقام المسجلة في عام ٢٠٢٢.