استفتاء إقليم كوردستان خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط
عبدالباقي اليوسف
أثار قرار رئيس إقليم كردستان العراق وبعد إجتماعه مع قيادات الأحزاب الكردستانية من مختلف انتماءاتهم القومية والدينية والأثنية والثقافية، بتحديد يوم 25 سبتمبر من هذا الشهر يوماً لإجراء الاستفتاء على تقرير مصير شعب كردستان، ردود أفعال متباينة إن كان على مستوى دول الإقليم أو القوى الدولية ذات المصالح في المنطقة، وكذلك منظمة الأمم المتحدة، على الرغم من أن شعب كردستان ألحق قسراً بالدولة العراقبة الناشئة، بموجب اتفاقية سايكس – بيكو، وعلى طيلة تلك الفترة لم تنعم العراق بالاستقرار، وتعرضت كردستان على الدوام إلى التهميش، خاصة بعد أن حُكم العراق من قبل حكومات أنظمة الأحزاب القوموية العربية، من سياسات التغيير الديمغرافي لمناطق كردستانية واسعة كما حصل في محافظة كركوك، وكذلك الأنفال، ولم يتورع النظام البعثي في العراق من استخدام حتى السلاح الكيميائي ضدَّ شعب كردستان في العديد من المدن والبلدات والقرى، كالتي جرت لمدينة حلبجة في آذار عام 1988.
مواقف القوى الدولية بما فية موقف الأمين العام للأمم المتحدة تحمل وجهين فهي لم تؤيد بشكل واضح طموحات شعب كردستان، ولم ترفض حق شعب كردستان بالاستفتاء بل جاءت مواقفهم متحفظة على موعد إجراء الاستفتاء بحجة الحفاظ على وحدة الجبهة ضدَّ “داعش” وطالبوا بحل المشاكل من خلال الحوار ، لأن قيم ومبادئ تلك القوى تقر بمبدأ “حق الشعوب في تقرير مصيرها”.
الدول التي تتقاسم كردستان بدأت تثير زوابع من المخاوف بحجة الحفاظ على وحدة وسلامة العراق، والحفاظ على استقرار دول المنطقة، هذه الدول والأنظمة التي لم تعرف الاستقرار يوماً طيلة عقود منذ تشكيلها وإلى اليوم بسبب النزعات القومية والطائفية للنخب السياسية والثقافية والعسكرية التي حكمت هذه البلدان، والتي لاترقى إلى مستوى الدولة الوطنية والمواطنة المتساوية لكافة المكونات، بدأت تدق طبول الحرب ضدَّ إقليم كردستان إن كان بشكل مباشر، أو التهديد من خلال تشكيلات ومنظمات عسكرية، وطائفية ترقى في تصرفاتها لمواقف المنظمات الإرهابية، بحجة أن قرار إجراء الاستفتاء سيؤدي إلى تقسيم العراق، وستكون لها تبعات سلبية مستقبلية على تلك البلدان، متجاهلين أن هذه البلدان لم تعرف الاستقرار يوماً (وتعيش في صراع داخلي على مستوى بلدانها وصراع مع بعضها لا يجمعها شيء سوى وحدة الموقف من القضية الكردستانية)، بسبب التشكيلة البنوية لهذه البلدان، والأهداف الحقيقية لمؤسسات تلك الدول، وإن وحدتها السياسية هشة، فهي لم تتمدد بالشكل الأفقي المطلوب لتشمل وحدة الأهداف، والمصالح والتساوي في الحقوق بين مختلف مكونات هذه البلدان من قومية ودينية وطائفية، وتحقيق الشعور والرغبة المشتركة على مستوى البلد، وخير مثال هو ماجرى ويجري في العراق وسوريا. النخب التي حكمت هذين البلدين لم يتورعوا من الدمار الذي أحدثوه لبلدانهم، وحتى من استخدام السلاح الكيمائي ضدَّ مكوناتٍ من شعوبهم، كما أن إيران وتركيا ليستا باقل قسوة من العراق وسوريا تجاه المكونات الأخرى، ولا تتوانيان عن استخدام كل صنوف السلاح ضدَّ إرادة تلك المكونات، كالذي يمارسه نظام إيران ضدَّ الشعب الكردي والبلوجي والعربي هناك، أو في ممارسة التزوير لإرادة الشعب الإيراني إثناء إعادة إنتخاب أحمدي نجاة، والقسوة التي مورست ضدَّ المعارضين له، كما وأن الأنظمة التي حكمت تركيا قامت بممارسات إبادة جماعية ضدَّ الشعب الكردي هناك، وفي التسعينيات من القرن الماضي استخدم السلاح الكيميائي ضدَّ المقاتلين الكرد الذين يطالبون بحل القضية الكردية هناك.
تجربة إقليم كردستان خلال عقدين ونيف جاءت عكس ادعاءات تلك البلدان في حينها، خاصة بعد إعلان الفدرالية أصبح اقليم كردستان عنصراً لاستقرار الأمن في المنطقة، وبنت علاقات طيبة مع دول الجوار للعراق، ووقعت معها العديد من الاتفاقيات الإقتصادية والثقافية، والتجارية، وقدمت تسهيلات كبيرة للشركات الإيرانية والتركية وغيرها من دول المنطقة، كما كانت حكومة الإقليم شريكاً قوياً لتلك القوى السياسية والثقافية التي جاءت لتحكم العراق بعد صدام حسين لإعادة وحدة العراق وبناء العراق الجديد الفدرالي، وكذلك كان شريكاً قوياً في الحرب ضدَّ “داعش”، وبالتالي فإن كردستان المستقلة مرشحة لأن تكون عامل إستقرار مهم في المنطقة، وهذا لايعفي بأن حكومة إقليم كردستان لم ترتكب أخطاء في مسيرتها، إلا أن النخب التي حكمت العراق بعد صدام حسين انزلقت نحو الطائفية البغيضة ووقعت في شباك بعض الدول الإقليمية، والتي تتخوف من عراق فدرالي ونظام حكم ديمقراطي يضمن حقوق جميع مكوناته.
تجربة إقليم كردستان خلال عقدين ونيف جاءت عكس ادعاءات تلك البلدان في حينها، خاصة بعد إعلان الفدرالية أصبح اقليم كردستان عنصراً لاستقرار الأمن في المنطقة، وبنت علاقات طيبة مع دول الجوار للعراق، ووقعت معها العديد من الاتفاقيات الإقتصادية والثقافية، والتجارية، وقدمت تسهيلات كبيرة للشركات الإيرانية والتركية وغيرها من دول المنطقة، كما كانت حكومة الإقليم شريكاً قوياً لتلك القوى السياسية والثقافية التي جاءت لتحكم العراق بعد صدام حسين لإعادة وحدة العراق وبناء العراق الجديد الفدرالي، وكذلك كان شريكاً قوياً في الحرب ضدَّ “داعش”، وبالتالي فإن كردستان المستقلة مرشحة لأن تكون عامل إستقرار مهم في المنطقة، وهذا لايعفي بأن حكومة إقليم كردستان لم ترتكب أخطاء في مسيرتها، إلا أن النخب التي حكمت العراق بعد صدام حسين انزلقت نحو الطائفية البغيضة ووقعت في شباك بعض الدول الإقليمية، والتي تتخوف من عراق فدرالي ونظام حكم ديمقراطي يضمن حقوق جميع مكوناته.
ليس بسر على المكون الشيعي والسني في العراق أن إقليم كردستان متجه نحو تقرير المصير وتشكيل دولة كردستان عاجلاً أم آجلاً. أليس من الأفضل للنخب السياسية والثقافية لهذين المكونين أن يراجعوا الأسباب التي أدت بشعب كردستان بالتوجه نحو الانفصال، أليس من الأفضل البحث عن احسن السبل من اجل ممارسة حق تقرير المصير، وحل المشاكل المشتركة للانتقال إلى جارين متحابيبن كالذي جرى في تشيكوسلوفاكيا السابق، وتجنب ما جرى في يوغوسلافيا.
إذا ما ارادت النخب الحاكمة في هذه البلدان تحقيق الاستقرار لبلدانهم وشعوبهم، وبين دول المنطقة، يتطلب قبل كل شيء الانفتاح على مكوناتها، والابتعاد عن النزعات القومية والدينية والطائفية، وأن تعبر مؤسسات الدولة عن مصالح جميع تلك المكونات، وتحافظ عليها وتحميها. من الخطأ وفي هذا العصروما عليه من سرعة نقل الخبر والفضائيات التي اصبحت في كل بيت أن يفكر النخب العربية والفارسية والتركية الحاكمة بتشكيل أمم وشعوب من خلال الصهر القسري لبقية المكونات في إطارمكونها القومي أو الطائفي الحاكم، كما ويتطلب من تلك النخب السياسية والثقافية الوقوف إلى جانب حق تقرير المصير للشعب الكردي احتراما لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي وقعت عليها حكومات بلدانهم طواعية، وكذلك مبدأ المعاملة بالمثل خاصة وأن الكرد يشكلون رابع أكبر شعوب المنطقة، كما ويتطلب من النخب السياسية والثقافية التي ستحكم كردستان المستقبلية من الوقوع في تلك الأخطاء لذا يتطلب ان يكونوا منفتحين على مكونات كردستان المختلفة.