اشكالية التماهي وذهنية الانا الضرورة !!!!!
زارا صالح
يخطئ كثيرا من يظن بانه يمكن الرهان في مجتمعاتنا المثقلة بتراكمات عقود من الاستبداد على وصفة سحرية لمفاهيم نحن بصدد المطالبة بها قيم ومثل عليا مثل الديمقراطية، الحرية، التغيير وغيرها تلك التي تتم حتى عبر الثورات وهي في المجمل ليست سوى استبدال نظام استبدادي بآخر تحت مسميات ثورية لان مفهوم التغيير لايقتصر على عملية الاستبدال خاصة وأننا امام مجتمعات لم ترى النور فيما يتعلق بتلك المصطلحات الحضارية ومفاهيم الحرية وتداول السلطة ولم تعرف سوى النظم الشمولية والسلطة القمعية ولها اثارها النخرية في نقي عظم ثقافة تلك المجتمعات ونخبها السياسية .
هذا ينطبق أيضاً على الحركات التحررية والأحزاب القومية ومنها الكوردية التي هي جزء من هذه المنظومة السادو- مازوخية وكل في موقعه وحسب الإمكانات المتوفرة لديه ولعل ( السيف اصدق أنباء من الكتب ) والحقائق تؤكد صحة ذلك وعلى مرأ الجميع.
ولعل المشكلة تكمن في ذهنية التماهي بالمستبد ثقافة وممارسة رغم الادعاء بالقطيعة مع كل ما يمت بصلة لتلك النظم الا ان الواقع يخبرنا العكس بل وأكثر فحتى التعامل مع الأحداث لايتم في سياقها التاريخية بل هناك انغماس العيش في الماضي رغم ادعاء الحداثة زورا وبهتانا وحتى النخب الثقافية والحزبية الكوردية ( طبعا ليس بالمطلق) التي تعيش في أوروبا وتغذت من مفاهيم الديمقراطية الغربية وحقوق الانسان والرأي الاخر لم تستوعب سوى القشور بل حاولت التمسك بالأفكار المتخلفة والفردية في تعاملها وفشلت في بناء لوبي كوردي طيلة تلك الفترة من أقامتها في أوروبا ولم تبني الشخصية الكوردية ذات الملامح الثقافية التي تمهد للتغيير فحافظت على إرثها القديم وبقيت رهينة أطلال سابقة لم تعد حاضرة ومناسبة لعصر التقدم التكنولوجي وثورات الربيع في أصقاع العالم.
حتى التنظيمات الحزبية في أوروبا سخرت من قبل البعض لإشباع نزواتها المكبوتة لتكون الأنانية هي السمة الطاغية اما اذا تعارضت تلك الانا مع الحزبية فعندها يكون الحزب غير مناسب والسبب في التغيير والبحث عن موقع اخر وسنكون امام هجوم عنيف على( حزبه ) بين ليلة وضحاها وانه يقف عثرة امام تقدمه وطموحه في بناء استراتيجية سحرية لإنقاذ شعبه واحقاق مطالب الشارع الكوردي الذي ينتظره علما انه غير مستعد حتى القيام بزيارته ومشاركته ميدانيا والخروج من نفق التنظير والوعظ المجاني.
عبر نظرة سريعة لمجمل الخط البياني وسير الأحداث لعقود من التنظيم في أوروبا لم نشهد سوى التراجع وعمليات التشطير والانشقاقات او الاعتكاف وطبعا الحجج والتهم جاهزة لتبرير ذلك وبان الداخل لايستوعب ما يفكر به هؤلاء وما يمكن ان يقدموه من خلطات سحرية!!!!!
حالة العقم ظلت هي السائدة سياسيا وثقافيا بل لم تكتفي بذلك لتبقى عثرة في وجه أية تغيرات قد تساعد الخروج من هذا النفق الشمولي بكل معناه وبقيت ظاهرة ( الرجل الضرورة ) متفشية في هذا الوسط والابتعاد عن العمل الجماعي والمشترك وبناء كوادر شابة لتكون رافدا ومشاركا في تفعيل وضع الجاليات الكوردية ودور المنظمات الحزبية والجمعيات المستقلة لتكون وجها كورديا حضاريا ودبلوماسيا لتدويل القضية الكوردية لكوردستان سوريا، مع كل أسف لم نشهد أية بوادر لهكذا نضال وأعمال مشتركة ، فكانت الفردية والصراعات الجانبية الشخصية وحتى أولئك الذين ادعوا الانقلاب على أحزابهم تحت تسميات الاختلاف السياسي والفكري لم تكن سوى بالونات مليئة بنزعة الأنانية المفرطة وتضخمها وأمراض مجتمعات وبيئة شرقية كانت مخبئة ضمن العباءة الحزبية، وحتى الطرح البديل كان غائبا بل وغير موجود في الخطاب الشخصي- السياسي للاولئك .
لايمكن القفز فوق الطبيعة ومعطيات الواقع الموجود لان التغيير الحقيقي يتم وفق سلسلة وعملية تحول اجتماعي- اقتصادي لنظم المجتمع بكل جوانبها وهذا ينطبق على احزابنا السياسية . لكن الظاهرة التي بدأت تحز النفس هي ان يعيش الفرد الحاضر بعقلية الماضي وثم عمليات التحول والتنقلات المكوكية في ظل نتائج سنوات الثورة السورية وبعض المغريات المرحلية المؤقتة التي ترافقها لتكون مرتعا خصيبا لذوي النفوس الضعيفة والانتهازية وهذا ما يجب الوقوف عنده والبحث عن وسائل ناجعة للخروج من ذلك وإيجاد وبناء احزاب حضارية مواكبة للحدث والتغيرات الحالية وإلا فان الاحزاب بشاكلتها الكلاسيكية السابقة في طريقها نحو الزوال او ستكون مجرد رقم في عالم الاتكالية وحالة اللانضال اما عندما يتم التعامل معها وفق الشروط الحزبية الحقة فإنها سوف تتلاشى فهل نتدارك الوضع وخطورة المرحلة والتفكير في البناء الصحيح والعمل السياسي العلني وليس السري؟؟؟؟