اغلبهم من سوريا…مهاجرون عالقون في الصحراء بين الجزائر والمغرب
Yekiti Media
قبل أشهر أعربت مفوضية اللاجئين عن قلقها على مصير أكثر من مئة مهاجر رحلتهم الجزائر إلى النيجر، فإلى أين وصل هؤلاء المهاجرون وكيف هي أوضاعهم؟ مهاجر نيوز وصل إلى بعضهم ليتحدثوا عن معاناتهم خلال رحلة عبروا فيها عدة دول.
“وصلنا لمرحلة اليأس بعد أن تدمرت حياتنا”، هكذا يقول أبو علي، وهو مهاجر سوري، كان مع حوالي 120 مهاجراً آخر رحّلتهم الجزائر في نهاية العام الماضي إلى النيجر، بعد أن جاؤوا إليها من بلدان مختلفة. ورغم أن بعضهم استطاع الوصول إلى مليلية الإسبانية، بقي معظمهم “عالقين” بمدينة الناظور في المغرب، بانتظار العبور إلى إسبانيا، كما يشير المهاجر الثلاثيني.
يقول أبو علي الذي لايزال طفلاه في سوريا وزوجته في تركيا، لمهاجر نيوز: “كنا 117 مهاجراً من سوريا وفلسطين واليمن في الجزائر، ورغم أنهم أرادوا ترحيلنا إلى سوريا في البداية، إلا أنهم وبعد ضغط من المنظمات الإنسانية والوسائل الإعلامية، رمونا في صحراء النيجر”.
وكانت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عبّرت في بداية العام عن “قلقها” على مصير “حوالي 120 سورياً وفلسطينياً ويمنياً” كانوا “محتجزين في مركز تمنراست في جنوب الجزائر، قبل أن يتمّ اقتيادهم إلى مكان قريب من معبر عين قزام الحدودي (مع النيجر) في 26 كانون الأول/ ديسمبر” عام 2018.
ترحيل من قبل السلطات الجزائرية
وأشارت المفوضية إلى أنّ مئة شخص من بين هؤلاء كانوا قد نُقلوا باتّجاه الحدود “فُقد أثرهم”، في حين أنّ العشرين الباقين “عالقون حالياً في الصحراء”، قرب معبر عين قزام.
وكان مسؤول في وزارة الداخلية الجزائرية قد أكد لوكالة فرانس برس أن “حوالي مئة شخص معظمهم سوريون” تم ترحيلهم للاشتباه بصلاتهم بجماعات “جهادية”. إلا أن مفوضية اللاجئين أكدت أنّ بعضاً من هؤلاء المهاجرين هم “لاجئون مسجّلون لديها” فرّوا من الحرب والاضطهاد “أو قالوا إنّهم حاولوا الحصول على حماية دولية في الجزائر”.
يقول أبو علي: “كنا نتوقع أن يمنحونا الحماية لأننا هربنا من الاضطهاد، وكان بيننا أطفال ونساء حوامل، ولذلك قمنا بتسليم أنفسنا، لكن وبعد ثلاثة أشهر من الاعتقال رمونا في الصحراء”، ويتابع: “بعد أن تهنا في الصحراء استطعنا الوصول إلى مدينة الناظور عبر مهربين”.
والناظور مدينة مغربية تطل على البحر المتوسط وتشكل نقطة عبور لمئات المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى مليلية الإسبانية، والتي تقع داخل التراب المغربي.
ومنذ ذلك الحين لم ينجح أبو علي في الوصول إلى مليلية، حاله في ذلك حال كثير من المهاجرين الآخرين الذين وصلوا إلى الناظور، ومنهم السورية أم محمد.
تقول المهاجرة الأربعينية لمهاجر نيوز: “استطاع زوجي الوصول إلى مليلية، إلا أنني مازلت أعاني هنا مع طفلتي الصغيرة (8 أعوام) بسبب التشديد عند بوابة الدخول”، وتضيف: “بعنا أراضينا وبيوتنا فقط لنهرب من الاضطهاد ونعيش في أمان”.
“ضرب وشتم وإهانة”
وقد كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور، في تقرير نشره موقع هسبريس مؤخراً، عن تعرض المهاجرين لـ”التعذيب” داخل مخافر الشرطة، بعد توقيفهم وهم يعبرون الحدود عبر شبكات مهربين، وهو ما “خلف ظهور عائلات متفرقة بين الناظور ومليلية، مع أطفال معزولين عن أمهاتهم وآبائهم”.
وحول هذا التقرير ومسألة إساءة معاملة المهاجرين العرب في المغرب قال وزير حقوق الإنسان المغربي المصطفى الرميد لمهاجر نيوز: “ليس لدي معطيات حول هذه المسألة”، مشيراً إلى أنهم سيتحققون من ذلك.
وكانت منظمة العفو الدولية قد ذكرت في تقرير لها نشر في نهاية العام الماضي أن السلطات المغربية “صعّدت من حملتها ضد المهاجرين في عام 2018″، وأضاف التقرير: “منذ يوليو/ تموز، تعرض أكثر من 5000 شخص للمداهمة، وفي غالب الأحيان مداهمات عنيفة، وتم وضعهم في الحافلات ثم تركوا في مناطق قريبة من الحدود الجزائرية، على الرغم من حقيقة أن المغرب أدخل التزامات جديدة بشأن سياسة اللجوء والهجرة في عام 2013، لجعل ممارساته تتماشى مع المعايير الدولية”.
يقول أحمد، وهو مهاجر سوري آخر يحاول منذ أشهر العبور إلى مليلية: “لا نريد سوى أن نعيش بكرامة بعد أن تم تهجيرنا من بلدنا”.
وكان المغرب قد أعلن عن تنفيذ سياسة للهجرة تستهدف تسوية وضعية الآلاف من المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء، وذلك عبر إدماجهم في الحياة العامة وتمكينهم من الاستفادة من الخدمات الأساسية العمومية، وقد أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عام 2018 وجود 3062 طلب لجوء جديد من السوريين، مقابل 3062 طلباً تم قبوله في السنوات الأخيرة.
ويلقي التوتر السياسي بين المغرب والجزائر بظلاله على مرور اللاجئين السوريين بين البلدين، ويتذكر الرأي العام كيف علقت أسر سورية بين الحدود طوال أسابيع عام 2017، وقد أعلنت الجزائر بدايةَ رغبتها بإنقاذهم قبل أن تُعلن فشل العملية، ليستقبلهم المغرب أخيراً بعد ضغط كبير. ويفتقد البلدان إلى قانون لجوء ينظم عملية تسوية أوضاع طالبي اللجوء، وغالباً ما تتم العملية عبر مسطرة الهجرة.
وتشير عدة تقارير أن الرباط تتشدد كثيراً في استقبال اللاجئين السوريين، مستدلين على ذلك بضعف أرقامهم في المغرب مقارنة بدول أخرى. بيدَ أن المغرب، وحسب مسؤوليه، ملتزم مع الدول الأوروبية بحماية حدودها من الهجرة غير النظامية، ويتعرض لضغط كبير من المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا.
“لم نكن نتوقع هذه المعاملة”
ترك أحمد أولاده الأربعة (تتراوح أعمارهم بين 4 سنوات و16 سنة) في سوريا. يقول المهاجر السوري: “حاولت الهجرة عبر طريق اليونان لكن ذلك كان صعباً جداً، ولذلك اضطررت لاختيار هذا الطريق البديل من تركيا إلى السودان ومنها إلى مالي والجزائر وصولاً إلى هنا”.
ورغم أن أبو علي، الذي كان ضمن الذين رحلتهم الجزائر إلى النيجر، يبدي ندمه على اختيار هذا الطريق، لكنه يشدد على أنه لم يكن يتوقع هذه المعاملة ، خاصة من الجزائر التي “رمتهم” في الصحراء.
تقول أم محمد: “أصبحت صفة اللاجئ، وخاصة عندما تضاف إليها صفة السوري، تشكل رعباً للعديد من الدول في جميع أنحاء العالم”، وتضيف بحرقة قلب: “إلى أين نذهب؟”.