الأكراد لصوص الجغرافيا
آزاد عنز
تصدق الله على الطبيعة من وافر نعمته و أهداها جبالاً فاقترن كل جبل أحمق مع هضبة حمقاء تكبره سناً و يائسة عن الولادة فكان حاصل الاقتران بين الأحمق و الحمقاء أنْ حَبَل الجبل الذكر بدلاً من الهضبة الأنثى اليائسة عن الحَبَل في معادلة لا يفهمها إلّا الله.
ترعرع الجنين في الكهف المتواري في رحم الجبل فتمخض الجبل، وكان ناتج المخاض العسير أن قام الكهف بقذف الجنين بعيداً فوُلد كردياً أحمقاً، كل جبل ولد كردياً خالصاً، كل جبل هو أب وأم للكرديّ بالفطرة، كل كرديّ له أبوَين أبٌ عاقل وأبٌ غير عاقل هو الجبل فأخذ الكرديّ من صفات أبيه الغير عاقل البأس، والشِدة، لم يبخل الله على الكرديّ فتكرم عليه بالوجع و العذاب أيضاً.
كل آدميّ يكتسب صفات جغرافيته فيأخذ منها عطفها وشدّتها ومفرداتها، وهو أيضاً لا يبخل عليها بتسميتها استناداً إلى أمر ما، ففي أقصى شمال شرق سوريا في الجغرافيا الكردية سمى الكرديّ مدينته ( ديريك ) أي ذو الطريقان استناداً إلى الطريق التجاري المنشق على نفسه إلى الطريقين المارّين بها فأخذت المدينة نصيبها من طرقها فسميت بالطريقين، حتى طرق الأكراد لم تسلم من الانشقاق فاكتسب الطريق صفات الكرديّ المنشق على نفسه فتبعه الطريق في السلوك فانشق هو أيضاً وقد تكون عائدة إلى ذاك الدير المركون في حضن المدينة، و لكن الشريك العربي طعن الأبجدية الكردية فلم يُسعفه نطقه إلى ديريك فنطقها ( مالكية ) إرضاءً للغته العربية وإرضاءً للضابط السوري عدنان المالكي.
أما بلدة ( كركي لكي ) فأخذت نصيبها من التلّ الذي كان يحمل على عاتقه أعشاش طيور اللقالق المشرفة على أحوال الحمقى ولكن الناطق بالعربية لم يسعفه نظره إلى التلّ فما شاهد التلّ أبداً وإنما شاهد الطريق المُعبد الذي بُني بسواعد الفرنسيين الواصل بين ثكناتهم العسكرية آنذاك فلفظها لسانه ( معبدة ) ومن ذاك الوقت بقيت طيور اللقلق كالأكراد دون وطنٍ يحمل أعباءهم.
وهناك أيضاً بلدة ( جل آغا ) جارة كركي لكي في التعريب المتمّم التي تزاحم في حكمها أربعين آغاً فسمى رعاة الكرد البلدة نسبة لهؤلاء الآغوات الأربعين إرضاءً لهم جميعاً خشية أن يغضب أحدهم إن سماها الكرديّ تسعة و ثلاثين أو أقل فبقيت ( جل آغا ) أي أربعون آغا و لكن لسان العربيّ أجاز لنفسه أن ينطقها ب ( الجوادية ).
أما نزولاً فتسمع صراخ الموتى أضلّوا قبورهم في بلدة ( تربه سبي ) إذ كانت لهذه البلدة حصة من القبور التي تسكنها مدهونة بالبياض فسميت (القبور البيض ) وما أن اجتاحتها ريح التعريب و تغيرت إلى ( القحطانية ) نسبة إلى قبيلة قحطان أجداد العرب ليبقى الموتى دون قبور تحتضن رفاتهم.
وفي الضفة الغربية من مدينة قامشلوكي ( القامشلي ) زاحمت البلدات و المدن أخواتها بلدات و مدن الضفة الشرقية في التعريب كبلدة ( سري كانيه ) الجغرافيا المليئة بالينابيع فكل نبعٍ يزاحم شقيقه النبع في تسميتها ليقول أنا جد البلدة ولي نصيب في تسميتها فسميت البلدة ب ( سري كانيه ) نسبة إلى أجدادها الينابيع أما الشريك العربيّ فلم يجد مفرادات عربية تسعفه إلى تعريبها فترجم الكلمة لفظاً و نطقها ( رأس العين ).
وعلى بعد أميال كثر تشرف هضبة مشتى نور على أكراد يتبضعون التبغ في ( كوباني ) المدينة التي اتكأ اسمها على الشركة الألمانية التي أنشأت سكة القطار في تلك الرقعة و لكنها كشقيقاتها المدن احتلها التعريب فعُربت إلى ( عين العرب ) إرضاءً لقوافل العرب البدو القادمة من ريف الرقة لتروي ظمأ قطعانها من نبعٍ أسماه الأكراد ( كانيه عَربا ) ، فكيف لنبعٍ أن ينطق العربية وقد تتلمذ نطقاً كردياً في المدارس الكردية ؟.
جميع المقالات المنشورة تُعبر عن رأي كتابها ولاتعبر بالضرورة عن رأي Yekiti Media