الإرهاب المزدوج للنظام , بالأصالة وبالوكالة
قهرمان مرعان آغا
( مارس النظام منذ نشوءه بالإنقلاب العسكري الإرهاب المزدوج و بأشكاله المتعددة , إرهاب الثورة ( إنقلاب 8 آذار) , إرهاب الدولة أصالة عن نفسه وبالوكالة والنيابة من قبل حلفائه و بالمساندة الدولية من خلال سكوت المجتمع الدولي عن جرائمه بحق شعبه ) .
لم يكن يخفي الدكتاتور حافظ أسد يوماً وهو يخاطب جماهيره من حزب البعث و جبهتة التقدمية , بالبحث عن تعريف للإرهاب , فكان يبدأ خطاباته المكتوبة من خلال التلفزيون الرسمي بمناداة العمال والفلاحين وصغار الكسبة و الحرفيين …الذين باتوا مجرد أجرَّاء لديه , بسبب تنامي الإقطاعات المتعددة للمتنفذين واستشراء الفساد والتضييق على لقمة عيش الأغلبية الساحقة من أبناء سورية , حتى أصبح البلد باكمله يعيش إرهاب الأجهزة الأمنية و تدخلاتها في الحياة اليومية للناس في ظل تنامي معدلات الفقر والحرمان وإنقسام المجتمع شاقولياً وأفقياً , ضمن هرم الدكتاتورية (خوفو ) على قاعدة بيانات تشير إلى إنحراف سوريا بإتجاه الهاوية , بل كان خطابه يتعدى الداخل إلى الإقليم المجاور , حيث جيشه ومخابراته , يعيثون إجراماً وإرهاباً في لبنان , فتمكن من دفع بعض المنظمات الفلسطينية واللبنانية إلى التعرض لمصالح الدول الغربية و إستثمارها بالمقايضة في تبييض علاقاته مع العالم , فأصبحت بيروت ( التفاحة ) حديقة نظامه الخلفية لممارسة أبشع الجرائم بحق القادة والمناضلين اللبنانيين والفلسطينيين على محور الصراع والإحتراب الأهلي من منتصف السبعينات إلى نهاية الثمانينات من القرن الماضي من مختلف التوجهات و الإنتماءات , بالتوافق والموائمة مع إسرائيل بدءاً من مجزرة مخيم تل الزعتر ( آب/1976) كسابقة إجرامية في محو بنيانه السكاني والعمراني من الوجود .؟! .
الحقيقة إن تكرار خطابات الرئيس المؤسس للإجرام في سورية ببحثه الدؤوب عن تعريف الإرهاب , كان للتغطية والتعمية عن إرهاب نظامه في إستهداف مصالح المعسكر الغربي في الشكل لضمان حماية نظامه الموسوم على شاكلة المعسكر الآخر الحليف الشرقي , فيما كان الهدف هو ترتيب أفضل العلاقة مع الولايات المتحدة والغرب عموماً وبخاصة فرنسا بسبب مصالحها التاريخية في لبنان وسوريا . بهذا كان يضمن ايرادات المساعدات والتعاون من السوفييت ومهادنة من الأمريكان بإطلاق يديه في لبنان والعبث بالعمل النضالي الفلسطيني . في الوقت الذي كان يمارس على الدوام أبشع السياسات بحق شعب كوردستان سواء في الجزء الملحق بسوريا أو من خلال علاقاته الأمنية مع بعض الأطراف الكوردستانية العراقية وإستثمار صراعه الحزبي والطائفي مع مثيله وتوأمه في الإجرام صدام حسين ونظامه , وأخيراً وليس آخراً إستخدامه لحزب العمال الكورستاني(ب.ك.ك) في صراعه المذهبي مع تركيا , وجعل أبناء وبنات كوردستان سوريا قرابين على مذبح المؤامرة بين غاصبي كوردستان للنَّيل من وجوده وتطَّلعه نحو الحرية وتدوير تلك العلاقة مع فرعه السوري (ب.ي.د)بالوكالة في ظل الثورة السورية حتى يُبقي على عنصر المساومة في القضية الكوردية فعالاً على إعتبار أن هؤلاء بالنسبة له ولباقي الأطراف المعادية لقضيتنا القومية الكوردستانية , دخلاء من خارج الحدود ..؟ وبدأ بالتلويح لهذه الفكرة عندما تحدث الأعلام بالتقارب بين تركيا ونظام الأسد بالتزامن مع أحداث مدينة الحسكة الأخيرة ,و العمل على إبقاء القضية الكوردية المشروعة دون إعتراف أو حل سياسي بعد كل هذه الويلات و ربط حقوق الشعب الكوردي القومية في إطار المواطنة الصالحة , كما هو حال بعض إطراف المعارضة الخارجة من خيمته العنصرية المشبوهة .
عندما أستلم الوريث بشار حكم أبيه وجماهيره , في عامه الأول , قرأت لافتة طويلة في دمشق أمام رابطة الحقوقيين بالقرب من مبنى عائد للخارجية خلف مشفى الشامي (طلعة قاسيون ) , بحروف كبيرة بهذه المعنى , من أقواله 🙁 … سنعمل على إستكمال ما تم بناءه سابقاً وإنَّ من يحاول هدم ماتم إنجازه سنسحقه….. ) فتعجبت من هذه الصياغة وعندها قطعت الأمل , في حين كان الكثيريين من المغفلين على أمل الإصلاح والتطوير والتحديث , لأننا نحن أهل الشرق عادة ننخدع بالمظهر دون الجوهر .
حيث جاءت أحداث 11/أيلول/2001 بمثابة نقطة تحول في علاقاته الأمنية مع الغرب بتقديم ملفات لأشخاص ومجموعات ساهم النظام في توريطهم , للإدارة الأمريكية , وأصبح شريكاً في محاربة الإرهاب من خلال ( ديماغوجيا ) الأعلام , لحين سقوط قرينه في بغداد وخروحه من لبنان , وتمكن بالتعاون مع حليفته الجمهورية الشيعية في ايران ومحوره الممانع للسلم والديمقراطية من الإلتفاف على الأمريكيين ومساندة البعث الصدامي في تحوله الإيدولوجي (الأسود) وبالتالي جر المعارضين المسلحين لحلفائه الطائفيين في العراق إلى خندق ( القاعدة ) وبالتالي تنظيم (داعش) الإرهابي وحصر وصمة الإرهاب بجماعات أهل السنة دون الشيعة . كما نجح النظام أن يصبح شريكاً حيوياً لمحاربة الإرهاب الذي أوجده ومكَّنه , ( داعش) وغيره ,من خلال تنسيق حليفه الروسي مع الحلف الدولي بقيادة أمريكا .
النظام ومن خلفه ايران وروسيا , يمارسون إرهاب الدولة والمذهب والطائفة في مواجهة السوريين وتمكنوا من مهادنة المجتمع الدولي لهم بإرتكاب أبشع الجرائم بحق الآمنين وتدمير الحياة في سوريا , وهي من جملة الإرتدادات التي هزت العالم بعد غزو أمريكا لإفغانستان , مروراً بالعراق وإنتهاءاً باليمن , وتعطيل الحياة السياسية في لبنان , بينما بقي المحور ( السني ) المناهض , السعودية والخليج , يتخبط في إجتياز تضاريس اليمن حاملاً سيفه في مواجهة الخنجر المعقوف , فيما تركيا تتنصل من حل إستحقاقاتها الداخلية إسوة بعلاقاتها الخارجية وبخاصة قضية شعب كوردستان في الحرية و تستعيد إرث أتاتورك الشوفيني في الغزو و الإحتلال بمواجهة الشعب الكوردي خارج حدودها السياسية في الأجزاء الأخرى , ونحن على موعد ليس ببعيد بعدم رؤية ( أوباما )الرئيس الأمريكي المأفول نجمه , في آخر مشهد له وهو يطمئن النظام المجرم وحلفاءه بأنه لا حل عسكري في سوريا , ليعطيه فرصة دموية أخرى , ليمارس مزيداً من البطش والإرهاب بحق معارضيه , فهل سيستمر النظام وأعوانه بممارسة الإرهاب بأشكال أخرى تختلف عن صوره التقليدية , عندما يختبر ردات الفعل للإدارة الأمريكية القادمة على إرهابه سابقاً ولاحقاً .
دويتش لاند _ في 2016/9/21