الاتحاد الإجباري في مسيرة الأمة الديمقراطية
يكيتي ميديا_Yekiti Media
بدران مستو
منذ أن بدأت معركة تحرير الرقة , كثرت التصريحات والآراء بشأن مصيرها , إذ أعلن السيد غريب حسو ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي في كردستان العراق , في تصريح نقلته وكالة “نوفوستي” بتاريخ 26/5/ 2016 أن مدينة الرقة بعد تحريرها من “داعش” , ستنضم للنظام الفيدرالي في شمال سوريا. وفي السياق ذاته كان قد أطلق السيد آلدار خليل تصريحات مماثلة , في لقاء له مع جريدة bûyer العدد 36 تاريخ 1/2/20016 إذ ذكر فيها المناطق العربية التي ستشملها هذه الفيدرالية : ( منطقة الشدادي وجبل عبدالعزيز والرقة ومنطقة شمال شرق حلب “شهباء” عفرين ) .
وآخر هذه التصريحات جاءت على لسان طلال سلو الناطق الرسمي باسم ( قوات سوريا الديمقراطية ) , والتي نشرت على صفحة التواصل الاجتماعي فيسبوك لإذاعةُ “شام إف إم” الناطقة باسم النظام , رفض فيه سلو ضم الرقة للاتحاد الفيدرالي .
وقال إن : ( التركيز الآن على تحرير الرقة , وبعد تحريرها ستتفاوض مع النظام فيما يخص الرقة ..) فاصحاً فيها عن نواياه الحقيقية , بتودده للنظام المجرم على حساب المعارضة الوطنية , إنها تصريحات متضاربة , لكنها لا تنفي الطموح الجامح لقادة الـ (ب ي د) لضم الرقة . يعتبر هذا الطموح غير واقعي و يضر بالقضية الكردية لاعتبارات عديدة منها أنها تستغل حالياً من بعض الزمر والشخصيات العنصرية المحسوبة على المعارضة والنظام على السواء والمعادية اصلاً لأي تطلع كردي نحو حقوقه القومية المشروعة فكيف بها وهي ترى بأم عينها ( تمدداً كردياً لتضم الرقة ) فتجن جنونها وتستنفر كل طاقاتها لتأجيج الرأي العام العربي ضد الشعب الكردي وهذا ما يتمناه النظام السوري الدموي ويعمل على تصعيده باتجاه صدام كردي عربي .
يمكن التوقف في هذه العملية العسكرية , على جواز مشاركة قوات الحماية الشعبية التابعة لـ (ب ي د) , ضمن مبررات جمة منها ابعاد الخطر الداعشي عن المناطق الكردية , ورد الجميل والوفاء للشهداء من المكون العربي , الذين استشهدوا في معارك تحرير كوباني وكري سبي وغيرها من المدن , ولكنه في الوقت نفسه , لا يجوز لتلك القوات ضم الرقة بعد تحريرها من داعش إلى المنطقة الفيدرالية قسرياً , لأنها تخالف القواعد الديمقراطية الناظمة لتشكيل الأقاليم الاتحادية لأن الاتحاد هو اتحاد بين أنداد تستوجب موافقة الاطراف المعنية بالاتحاد . ولا أعتقد أن الغالبية الساحقة من المكون العربي في هذه المدينة , ستوافق على الاتحاد مع المناطق ذات الغالبية الكردية , فيما إذا توفرت لهم ظروف من الاستقرار السياسي والاجتماعي , تسمح لهم من ابداء آراءهم بكل حرية وشفافية , وستتخلى بسهولة عن نسيجها الاجتماعي , وعمقها القومي الاستراتيجي في المحافظات السورية الأخرى , فمن الأفضل ترك هذه المدينة بعد تحريرها لمكوناتها المتعددة , لإدارتها بشكل توافقي وديمقراطي , بعيداً عن سلطة النظام الدكتاتوري , بما يخدم تعزيز قدرات المعارضة . إن التوسع في المناطق العربية , وضمها إلى الفيدرالية شمال سوريا , يبقي القضية الكردية كما هي , وينقل بها من سوريا كبيرة إلى سوريا صغيرة , لتحدث بها خللاً كبيراً في النسب السكانية لصالح القومية العربية السائدة على حساب القومية الكردية , وهذا ما يعاكس من حيث القائم بالفعل على ما فعلته ايطاليا , عندما أقدمت حكومتها , على منح الحكم الذاتي للتيرول الجنوبي الناطقة بالألمانية , بعد أن أضافت إلى منطقتهم مناطق أخرى , لإغراق القومية الصغيرة , ضمن عدد أكبر من القومية الكبيرة الناطقة بالإيطالية . فالقائم بالفعل هنا هي (القومية الصغيرة) , التي تسعى لإغراق نفسها ضمن عدد أكبر من القومية العربية , لتتماشى مع فلسفة الأمة الديمقراطية العابرة للحدود القومية والوطنية .