الاجتماع الثلاثي وعنق الزجاجة
محمد رمضان
خرجت الأزمة السورية من المشهد المألوف –قتل – تشرد – حصار – تدمير وغيرها من أساليب التعذيب الأخرى التي اخترعتها التنظيمات المتطرّفة بحق السوريين كتنظيم الدولة الإسلامية ’’ داعش ’’ وجبهة فتح الشام ,النصرة, سابقاً كذلك النظام السوري الذي لا يقلّ وحشيةً عن الجماعات الإسلامية الراديكالية التي دخلت الأراضي السورية من كلّ حدبٍ وصوبٍ بمباركة من الدول الإقليمية من خلال تقديم التسهيلات للجهاديين عبر مطاراتها وأمّنت لهم حرية الحركة والتنقل دون رقيب ضمن أراضيها والعبور إلى الداخل السوري.
وخلال خمس السنوات الماضية من عمر الثورة السورية وقف المجتمع الدولي مكتوف الأيدي أمام ’’ الفيتو ’’ الروسي لمرات متتالية إلّا أنّ الدبّ الروسي لم يقف عند هذا الحدّ بل شارك النظام السوري في ارتكاب المجازر بحقّ المدن والبلدات السورية ورافق ذلك تهجير السكان الأصلين وكان آخرها في مدنية ’’ حلب ’’ في ظلّ الصمت الأمريكي المؤقت.
وبالتالي رغم المآسي خرج القرار من يد السوريين وحقّهم في تقرير المصير بين أنقاض المدن المدمّرة وكذلك من المحافل الدولية ذات الصفة الأممية إلى أروقة الدول الطامعة والتي لها مآرب خاصة في استمرار حمام الدمّ السوري برفع وتيرة النزيف الاجتماعي بحقّ المكونات السورية.
وما جرى في العاصمة الروسية ’’ موسكو ’’ في الاجتماع الثلاثي ’’ روسيا و إيران وتركيا ’’ دون مشاركة المعارضة السورية سواء العسكرية منها أو السياسية ولكلّ دولة من الدول الثلاث لهم الضلوع المباشر في الأزمة السورية ورغم الاختلاف في وجهات نظر تلك الدول فيما بينهم إلّا أنّ هناك نقاط تلاقي المصالح المشتركة.
فتركيا دخلت إلى المستنقع السوري للوقوف في وجه أيّ مشروعٍ كردي قادم سواءً إن كان من المجلس الوطني الكردي أو من الحركة المجتمع الديمقراطي ’’ تف دم ’’ المتمثّل بحزب الاتحاد الديمقراطي الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا وليس كما تدّعي أنّها دخلت لوقوفها إلى جانب المعارضة ضد النظام السوري فسقوط مدينة حلب بيد المليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني كشف كثير من الأوراق بعدما خرجت فصائل من مقاتلي الجيش الحرّ من داخل المدينة للمشاركة مع فصائل الجيش السوري الحرّ المدعومة من قبل تركيا في عملية درع الفرات لتحرير مدينة الباب في ريف حلب الشرقي من يد مقاتلي تنظيم الدولة ممّا مهّدت لدخول النظام السوري إلى أحياء حلب الشرقية وما خلفها من تبعيات تضع إشارات استفهام حول ذلك.
أمّا إيران أيضاً لها قراءة خاصة في المشهد السوري فسقوط النظام في دمشق يعني لها الكثير من الدلالات بما يخصّ مشروعها الطائفي فسقوط النظام السوري يعني بذلك الفشل لمشروع الهلال الشيعي في المنطقة العربية لذلك ستبذل ما في وسعها بجلب المزيد من الميليشيات لمنع السقوط وهناك نقطة تتقاطع فيها المصالح مع تركيا من بوابة القضية الكردية وهنا تكمن التنازلات بين الطرفين.
فروسيا لها أطماع أخرى يطمح إليها من خلال المشهد السوري ربما سقوط النظام السوري لا يعني لها الكثير فهي مرهونة بمجئ الإدارة الأمريكية الجديدة ’’ ترامب ’’ للتفاوض والحصول على امتيازات ما يخصّ موضوع العقوبات المفروضة عليه وفرض شروطه على الدول الأوربية وحلّ القضايا العالقة مع أوكرانيا أمّا مع إيران تكمن بعقد صفقات تجارية في مجال الطاقة.
خلاصة القول إنّ الكرة في ملعب السوريين و بوقفة مع الذات وعقد المصالحات فيما بين المكوّنات السورية بكافة أطيافها بعيداً عن الأجندات السياسية والإقليمية لوضع حدٍ للمأساة اليومية وبالتالي ليس هناك أيّة دولةٍ على وجه الأرض تعمل لصالح السوريين دون مصالحها الخاصة ليكون الاجتماع الثلاثي عبرة للسوريين للخروج من عنق الزجاجة.