آراء

البيشمركة مارجريت جورج

ليلى قمر

تعدّ المقاتلة البيشمركة مارجريت شيلو جورج من طلائع النسوة اللاتي انخرطن وكمقاتلة في صفوف البيشمركة ، وذلك منذ عام ١٩٦٠ ، هذه المرأة التي أثبتت هيبتها كمقاتلة كما حضورها وجسارتها ساحات القتال وميادينها، ونالت بكلّ اقتدار ثقة القائد الخالد مصطفى البارزاني ، وهنا وتكريماً لسجلها النضالي وتضحياتها التي ارتقت بها إلى الشهادة ، ارتأيت أن أستعرض وبعجالة حياتها وسجل نضالها ، حيث تقول سيرة هذه الفتاة المقدامة ، بأنها انضمّت إلى قوات البيشمركة، وهي في العشرين من عمرها ، وانخرطت فعلياً في أعمال ميدانية / حربية وخاضت عمليات حربية برفقة أسماء لامعة كانت في الساحات الحربية ( أمثال حسو ميرخان وعلي خوشوي والشهيد ملا شين ) واشتركت في معركة زاويتة المشهورة ولعبت دوراً كبيراً في مجرياتها ، وفي العودة إلى بداية انضمامها لصفوف البيشمركة، وبالتالي انعكاس ذلك في الوضع العام، ووسط مجتمع ذكوري كان لابل وظلّ طويلاً حتى بعد ذلك لا يحبّذ بل يرفض بالمطلق مشاركة المرأة في الكفاح المسلح ، ولكن ! وبما جسّدته هذه المرأة من روح الإقدام والتضحية مالبثت أن خلقت انطباعاً جيداً وأثراً هاماً في تفعيل وتنشيط النضال النسوي ، وفتح أبواب الإنخراط أمامهن في هذا المجال ، وباختزال هنا وفي استعراض تعريفي بهذه المقاتلة البيشمركة وكإمرأة تعدّ من رائدات النساء اللاتي انخرطن في العمل الميداني وكبيشمركة حقيقية وفي مرحلة تاريخية عسيرة وصعبة ، وفي بيئة اجتماعية لم يكن للمرأة أية حضور سياسي يذكر سوى في نطاق الأسرة والبيت ، فكانت ولادة الشهيدة مارغريت جورج في عام ١٩٤٢ بقرية دوور بمنطقة برواري بالا شمال دهوك في أسرة تنتمي للمكون الآشوري ، لأب كان يعمل في سلك الشرطة ، وكان لحضورها المميز في العمليات الحربية من العوامل التي جلبت لها ألقاباً ومسميات نضالية عديدة ، وتعدّ معركة زاويتي نقطة علامة في مشوارها العملي في الميدان وعلى إثرها نالت لقب أم البيشمركة وأيضاً أم كُردستان ، وغيرها

وتتالت قصص بطولاتها التي رفعتها إلى مقام عال في الوجدان الشعبي الكُردستاني ، نعم : لقد كانت في التاسعة عشرة من عمرهاعندما التحقت وكأول فتاة بثورة أيلول وانخرطت في الأعمال العسكرية ضمن صفوف البيشمركة لمدة ثمانية أعوام ،

وقد ساندها والدها (جورج) الذي كان يعمل شرطياً برتبة رئيس عرفاء, وآمر لمخفر شرطة ( كاني ماسي ) , والذي بدوره التحق مع أفراد شرطة المخفر بأسلحتهم بالثورة بعد وصول القائد الروحي مصطفى البارزاني في أواسط تشرين الثاني 1961، واستطاع أن يحفز أعداداً كبيرة من شباب منطقته للإلتحاق بالثورة ، وبالفعل فقد التحق المئات منهم ، وقد ساعد القاىد مصطفى البرزاني ونفّذ مهام معقدة ولعب دوراً كبيراً بعد استشهاد خليل خوشفي، وتمكّن من استعادة جثته من بين براثن العدو ، ونال شكراً كبيراً من القائد البارزاني .

ولكن وللأسف فقد كان نظير كلّ هذه البطولات والإنجازات التي قدّمتها مارغريت ووالدها ، فقد بدا من الطبيعي أن تحوّط بدائرة من الحسّاد وأيضاً حلقات أخرى وتحت حجج ومبررات وبتسميات عدة ، ولعلّ الأبرز منها كانت من أولئك البعض الذين برّروا رفضهم ذلك بحجة أنه لا يجوز للعنصر النسوي أن تنضمّ إلى البيشمركة وتخالط الرجال الغرباء وتحت أية يافطة ، وهذه الحجة لاتزال هي الأقوى في تخمين وتحديد الجهة التي – لربما – تكون هي مَن نفّذت عملية اغتيالها والتي تمّت في قرية (قموري) بمنطقة برواري بالا يوم في 26-12-1969 حيث جرح والدها جورج أيضاً في تلك العملية ، وذلك اليوم كان هو اليوم الثاني لاحتفالية عيد ميلاد السيد المسيح ( ع ) وتمّ تنفيذ عملية الاغتيال أثناء احتفالهم بشعائر العيد ، ورغم الجهود الكبيرة ولحد اللحظة ، لم يتمّ الكشف عن الجناة .

ويذكر واحد ممن عاصرها وشاركها في واحدة من معاركها الملحمية، وهو صباح لاسو، فيقول : لقد قاتلت هذه البطلة في ( كلي ناسي ) وفي مانكيش مع ابو ليلى وبقية الرفاق حيث كانت المدفعية الثقيلة النمساوية تقصفهم فتقدّم واحد من العسكريين إلى ضابط المدفعية وطلب منه الإذن ليرمي على أهداف أشار له عليها وسمح له ، وبالفعل نفّذ ذلك الرصد المدفعي وشتتت فاعلية الضربات المدفعية لجيش العدو ، أما فيكتوريا كوركيس فقد وصفتها كأيقونة وبكلمات راقية وإن ظلّت هي كقيمة جداً عالبة وقالت : فعلاً كانت مناضلة في جبال كُردستان أتذكّرها في سنة 1964 في منطقة برواري وهي تقود عدد كبير من المقاتلين ذاهبين للحرب وهي على ظهر حصان وطائرات العدو تقصف ، ووالدتي تقودنا إلى الكهف وهي خائفة صاحت باسم والدتي شيرين ( أكو واحد يخاف من الطيور في السماء ) وكانت تقصد بذلك طائرات العدو .

هذه الفترة الطويلة وبعيداً عن ثقل العمليات الحربية وهي كإمرأة لم تنجُ من حملات شنّها ضيّقو الأفق وممن كانت رؤيتهم للمراة بأنها ضلع ناقص ومكانها هو فقط بيتها ، وعليه فإنّ هذا العامل لايزال مطروحاً كواحدة من المسببات التي دفعت القتلة إلى اغتيالها في قرية ( قموري ) بمنطقة برواري يوم ٢٦ / ١٢ / ١٩٦٩ اي في اليوم التالي لعيد ميلاد السيد المسيح ، وبكلّ أسف لم يكشف الجناة إلى تاريخه ، وقد جرح والدها أيضاً . وهنا تتذكّر السيدة فيكتوريا كوركيس المناضلة الشهيدة ماتم بسنة ١٩٦٤ في منطقة برواري حيث كانت عيون العدو قد ترصّدت قافلة المناضلة فارسلت الطائرات التي أخذت تقصف بعنف ، وساد الرعب والهلع الجميع وخاصة النساء ، فنهرتهم البطلة مارغريت – في تأكيد على ما كتب أعلاه – وقالت ( أكو واحد يخاف من الطيور في السماء ) وهي بالطبع عنت بذلك طائرات العدو التي كانت تقصف ..

…..

* مارغريت جورج شيلو Margaret George Shello مقاتلة أشورية في صفوف البيشمركة ولدت في العام 1942 بمنطقة برواري Barwari شمال دهوك و انخرطت في صفوف قوات البيشمركة في الحرب العراقية الكُردية الأولى عام 1960, مارغريت أثبتت شجاعتها في العديد من المعارك واكتسبت ثقة القيادات الكُردية، فوكلها ملا مصطفى البارزاني كقائدة ميدانية في الكثير من المعارك مثل معركة وادي زواتي Zawita Valley, توفيت مارغريت في العام 1969 في ظروف غامضة, ويزعم بعضهم كذباً بأنّ القيادات الكُردية قامت باغتيالها بسبب زيادة شعبيتها بين الكُرد والآشوريين ووجود شكوك بأنّ لديها خطط يخصّ المكون الآشوري بمعزل عن الكُرد ، وأيضاً هناك ادعاءات أخرى تفيد بقيام أحد محبيها باغتيالها بعد رفضها لطلب الزواج منه, مارغرت كانت تلقّب بالكثير من الألقاب أشهرها Dayika Kurdistan/Peshmerga اي اُم كُردستان/البيشمركة, مارغريت تعتبر اليوم واحدة من رموز المقاومة الكُردية وقصصها البطولية منتشرة في ربوع كُردستان قاطبة .

** ملاحظة هامة : تمّ الاعتماد على مقالات ومواضيع عدة نشرت في صحف ومقالات عديدة منشورة في غوغل ويكيبيديا وعليه تمّ التنويه .

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “316”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى