التسريبات الإعلامية حول آفاق الحل في سوريا
فؤاد عليكو
رغم الظروف القاسية عالميا بسبب اجتياح فيروس الكورونا معظم دول العالم والمعركة القاسية التي يخوضها المجتمع الدولي لوقف هذه الجائحة العالمية.
وسط هذه المعمعة، تتم تسريبات إعلامية من قبل شخصيات محسوبة على المعارضة السورية ومقربة علنا من الدوائر الإسرائيلية، و منها تسجيل صوتي بأن جهات معينة طلبت تسريب مثل هذا الخبر، الذي يؤكد فيه بأن هناك صفقة دولية أو تفاهم دولي بإزاحة الأسد، وإبعاد ايران من سوريا كليا وتشكيل قيادة مشتركة مرحلية من المعارضة والنظام لإدارة الدولة ريثما يتم إعداد دستور جديد للبلاد متفق عليه دوليا، وهناك آخرون قاموا بتلاوة بيانات ذكرتنا ببيانات الانقلابات العسكرية في الخمسينات والستينات عارضة برامج سياسية، محددة الخطوط العريضة لشكل الدولة السورية القادمة، مبشرة الشعب السوري بقرب ساعة الخلاص من النظام الديكتاتوري، كما كانت هناك تسريبات إعلامية في الصحافة أيضا حول تشكيل مجلس الحكماء في سوريا مستعرضة بعض الأسماء من شخصيات المعارضة. واذا ما استبعدنا كل هذه التسريبات عن المشهد السياسي السوري اليوم، واعتبرناها مجرد تكهنات وافتراضات لا أصول واقعية لها، لعدم وجود قرائن تؤكد ما يذهبون إليه.
فإن من الشأن التمعن في الجانب الآخر من المشهد ملاحظة وجود مؤشرات حقيقية دولية تعزز مثل هذه التسريبات لا استبعادها منها :
– تثبيت وقف إطلاق النار الأخير في إدلب وديمومته بشكل عملي، وتعزيز تركيا لمواقعها العسكرية في ريف حلب وإدلب وبرضاء روسي وتذمر للنظام.
– العودة الأمريكية القوية لشرق الفرات وتعزيز قواتها وزيادتها، وإعادة المسرحين من قوات بعض انصارهم المحليين، الذين تخلوا عن خدماتهم بعد انسحاب جزء كبير من قواتهم في 2018، إضافة إلى محاولتهم الجادة في تقريب وجهات النظر بين المجلس الوطني الكردي وقسد وذراعها السياسي ب ي د، ومن ثم توحيد كافة القوى المحلية في شرق الفرات تحت إدارة مشتركة متفق عليه ،إضافة إلى تصريحات بعض المسؤولين الامريكيين بأن الحل السياسي في سوريا سيكون خلال عام 2021.
– كان من المفترض، وحسب ما سرب في الإعلام قبل ازمة (الكورونا )بأن لقاءا بين أمريكا وروسيا وتركيا سيعقد في استنبول في أواسط نيسان، لبحث الأزمة السورية من جميع جوانبها واستبعاد إيران عن المشهد كليا ولايعرف بعد، هل تأجل الاجتماع أم لازال الموعد قائما (حيث تشير التسريبات بأن اللقاء قد حصل في 17 نيسان بعيدا عن الاعلام كليا).
– شهد عام 2019 عدة ورشات عمل أوربية مكثفة (work shop ) يحضرها سوريون من مختلف شرائح المجتمع بما فيهم بعض الشخصيات المحسوبة على النظام، وتحت عناوين براقة (حوار سوري/سوري).
ومن المعروف أن طبيعة هذه الورشات غير علنية، والجهة التي تقوم بها تحتفظ بحقها في عدم نشر أي شيء، والاستفادة منها في مراحل لاحقة اذا اقتضت الضرورة ذلك.
– العمل على تجميد كافة جبهات المواجهة بين أطراف الصراع في سوريا باستثناء الضربات الجوية لقوى التحالف الدولي واسرائيل على مواقع النظام الإيراني والمليشيات الموالية لها. إضافة إلى التصعيد العسكري الأمريكي ضد اتباع إيران في سوريا والعراق منذ تصفية قاسم سليماني من قبل القوات الأمريكية قبل شهرين.
– هجوم لاذع وغير مسبوق ولأول مرة منذ عشر سنوات من وكالة الاتحاد الفيدرالي الروسي المقرب من الكرملين في 17 نيسان ؛ على بشار الأسد تحديدا متهما اياه بالضعيف وفساد نظامه وضعف شعبيته في الشارع السوري.
– قانون قيصر الأمريكي ضد النظام السوري والقاضي بفرض عقوبات قاسية على النظام وكل من يتعامل معه من الدول وهذه إشارة قوية إلى روسيا من أن تطالها العقوبات اذا ما استمرت في دعمها للنظام، إضافة إلى جميع المؤسسات الدولية الأخرى التي تتعامل مع النظام السوري وسوف يدخل القانون حيز التنفيذ في نهاية الشهر القادم.
– صدور التقرير الدولي مؤخرا بتجريم النظام السوري باستخدام السلاح الكيمائي ضد شعبه من المدنيين العزل عدة مرات في الأعوام الأخيرة وهذا يعني التمهيد لعقوبات قاسية ايضا، وبغطاء دولي وليس أمريكي فقط .
ومن الجدير بالملاحظة أن كل هذه المؤشرات الدولية تصب في خانة قبول فرضية وجود بوادر في البحث الجدي عن مخرج للأزمة السورية،ويصب في اتجاه صدقية هذه التسريبات إلى حد ما، خاصة وأن كل هذه التسريبات والمعطيات التي ذكرناه تنصب تماما في خدمة الاستراتيجية الأمريكية المرسومة في سوريا منذ نيسان 2018 والقاضي بمحاربة الإرهاب وتحجيم دور إيران في سوريا وايجاد حل سياسي وفق القرارات الدولية ذات الصلة وخاصة القرار 2254 لعام 2015م.
وعليه فمن المرجح أن نشهد في الشهور القادمة تحركا دوليا مكثفا حول ملف الأزمة السورية والبحث عن حلول تحقق التوازن السياسي الاقليمي والدولي وخاصة بين الدول المؤثرة على القرار السياسي والعسكري حول سوريا، امريكا وروسيا وتركيا.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “٢٧٣”