آراء

الحركة الكُردية ودور المرأة

عمر إسماعيل

منذ بداية الحراك السياسي الكُردي وتأسيس أول تنظيمٍ كُردي عام ١٩٥٧ ، والتي تعتبر بداية بلورة الفكر القومي وتنظيمها وطرح الخيارات والبدائل أمام صانعي القرار، والمطالبة بالحقوق القومية لشعب الكُردي كشعبٍ أصيل يعيش على أرضه التاريخية، ولتفعيل المشاركة السياسية الجماهيرية مع تفعيل دور المرأة الكُردية على أساس عدم التمييز بين النساء والرجال.

يعد العمل السياسي للمرأة من ركائز الديمقراطية، وتثبيت حقوقها في النظام الداخلي تتويجاً لما تتبوأه المرأة من أدوار في الحياة العامة، إذ ترتبط المشاركة السياسية للمرأة بمؤشرات الديمقراطية ونمو المجتمعات ومدى قدرتها على دمج النساء في القضايا السياسية وتعزيز مساهمتها في العملية التنموية.

ولكن كان انتساب العنصر النسائي في الأحزاب الكُردية ودورها في التنظيم قليل جدا ومرتبط باعتبارات عائلية وعشائرية والعادات والتقاليد والحرص على عدم تعرض المرأة الكُردية للاعتقالات؛ كونها تعبّر عن شرف وكرامة المجتمع الكُردستاني ، ولا يجوز أن تدخل السجون ومعتقلات النظام الأمني الاستبدادي، واقتصر دورها في حراسة الاجتماعات الحزبية السرية، وتوزيع المنشورات؛ كونها لم تكن تتعرّض إلى التفتيش المباشر من قبل الأجهزة الأمنية آنذاك، وأيضاً تربية أولادهن بحب الوطن والقضية القومية ، ولكن تطور وضع المرأة مع حالات التشرزم والانشقاق في الحركة الكُردية وتقسيمها إلى أحزاب وتيارات وظهور نساء كُرد تحملن شهادات علمية في المدن الكُردية جعلها تملك خيار الانتساب إلى الأحزاب السياسية الكُردية وتتبوّأ مراكز مهمة في الهيئات الحزبية حتى وصلت إلى مركز القرار والقيادة.

ورغم ذلك فإنّ مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية ما زالت تسجّل ضعفاً، مردّه معوقات اجتماعية، ثقافية، اقتصادية وسياسية وحتى الأحزاب السياسية في حد ذاتها أحياناً تحدّ من فاعلية المرأة وعدم تمكينها سياسياً في الإطار الحزبي نتيجة الفوارق والتمييز بين الجنسين, رغم محاولات نشر الوعي والثقافة في المجتمع وفي أوساط الأحزاب السياسية؛ لتكوين قناعات شخصية حول دور المرأة في الأحزاب السياسية وتفعيل مشاركتها السياسية (داخل الحزب، قبل الانتخابات، وأثناء الانتخابات وبعدها) وذلك لتمكينها من الوصول لمراكز صنع القرار عن طريق الانتخابات وليست كوته وترضية او استغلالهن في سباق اللعبة السياسية والتنظيم.

وفي هذا المضمار أحبّ أن أذكر بأنّ المرأة في الحياة الحزبية تستغلّ في كثير من الأحيان كأنها لعبة بيد بعض القيادات لكسر القوائم والفوز في الانتخابات، دون الاكتراث إلى قدسيتها كونها الأم والأخت ورفيقة درب النضال ومن الواجب القومي احترام خصوصيتها، المرأة الكُردية حرة بطبيعتها، ولكن تغيّر وضعها كثيرا في إطار التنظيمات والأحزاب حيث تبقى أسيرة الرجل الذي يعمل معه في نفس الهيئة كأنها تابعة لهم ليس من حقها المشاركة الفعلية في التنمية السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية واتخاذ القرارات المصيرية، لذا من الضروري أن تدافع المرأة عن حقها في اتخاذ القرارات وممارسة صلاحياتها وقناعاتها.

فمشاركة المرأة السياسية ضرورية أيضاً لتحقيق التنمية والتطور دون التمييز؛ لذا يفترض أن تكون الأحزاب السياسية هي من أهم المؤسسات لتعزيز مثل هذه المشاركة ورعايتها؛ لكي تتمكّن الأحزاب من خلق صورة جديدة تتسم بالحيوية والنشاط فيما إذا أنتجت وجوهاً جديدة وأفكاراً جديدة وتتسم بالديمقراطية. وتكون بعض النتائج التي تتحقّق واضحة للعيان، أما الجهود الشكلية لزيادة عدد النساء التي لا ينجم عنها تأثيراً حقيقياً أولاً توفّر للنساء سلطات اتخاذ القرارات، فمن غير المرجح أن ينتج عنها أية مكتسبات جديدة أو مباشرة لعدم تمتع النساء بسلطات قانونية.

لقد ظلّت ولا تزال مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية أقل بكثير من مشاركة الرجل حتى تراها في بعض الأحيان كأنها تابعة او استكمال لحالة تنظيمه وسياسية.

إنّ تفعيل دور المرأة في الأحزاب الكُردية بحاجة الى انسجام النساء نع بعضهن في ذلك التنظيم ودعمهن لبعضهن والتحرر من الشعور بالنقص والتسلح بالعلم والمعرفة لطرح أفكار ومشاريع للعمل النضالي، والوقوف بحزم أمام كل ما يسيء إلى دورها وجودها بمواقف مبدئية وثابتة لخدمة المجتمع الكُردي والقضية القومية، وذلك يتطلّب جهوداً مضاعفة واستمراراً في النضال بأعداد كبيرة ومنسجمة.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “311”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى