العراقيون بين مقاومة المحتل والرضوخ له على مر التأريخ
عبدالغني علي يحيى
لم يواجه الامريكان مقاومة للعراقيين لما احتلوا العراق عام 2003 والشيء نفسه حصل لداعش من بعدهم وللانكليز والعثمانيين من قبلهم، يذكر ان النخب الموصلية استقبلت الانكليز في الحرب العالمية الاولى مرددين: انتم فاتحون ولستم محتلين ، فيما كان قسم أخر منهم تخفق قلوبهم بالحنين للعثمانيين، واليوم ترى فئات واسعة من الشيعة ترفض مشاركة الامريكان في تحرير المدن من داعش مدعين ان ابناء العراق قادرون بسواعدهم على تحريرها. ومن يسمع هكذا وطنية زائفة يخيل اليه، ان لم يكن ملماً بتأريخ العراق، ان الاخير لم يحتل قط وكان مقبرة للغزاة أبدأ، في حين أنه لولا الانكليز لما كان العراق يصبح دولة ولا كان بمقدور السنة ان يكونوا حكامه ولولا الامريكان الذين انتزعوا السلطة من السنة وسلموا على طبق من ذهب الى الشيعة لما كان الاخيرون اليوم سادة له، للعراق. عليه يجب على السنة ان لاينسوا فضل الانكليز عليهم وعلى الشيعة فضل الامريكان.
لم يذق العراقيون طعم الوطنية والمقاومة طوال التأريخين القديم والحديث بل طعم الاحتلال والتكيف مع المحتل. فمنذ الفتح الاسلامي للعراق والى احتلال داعش لاكثر من 40% من اراضيه يكون العراق قد احتل ما يقارب ال 12 مرة. ويشبه د. رشيد الخيون الانقلابات الخمسة في العراق، انقلابات: بكر صدقي 1939 وعبدالكريم قاسم 1958 و البعث 1963 وعارف 1963 ايضاً والبعث كرة ثانية 1968 بالغزوات الداخلية، ويعود الفضل للخيون لوقوفي على تلك الاحتلالات. واذا قسمنا السنوات بين الفتح الاسلامي واحتلال داعش للعراق نرى العراقيين قد ينتقلوا ما يقارب كل 56 سنة مرة من محتل الى اخر ، ومن غير أن يقاوموا أي محتل، بل أن الذي كان يقاوم المحتل الجديد هو المحتل القديم ، فالعثمانوين قاوموا الانكليز، وترى الامريكان اليوم يقاومون داعش ولولاهم لما كانت الرمادي وتكريت وو.. الخ تتحرر. ما قلته ليس إستهانة بالعراقيين أو التقليل من شأنهم، كلا إنما توالي الاحتلالات عليهم وتعرضهم لغزوات الانقلابيين ومساومة نخبهم لكل محتل هب ودب فضلاً عن أن التركيبة السكانية غير المتجانسة للعراقيين وفرض الوحدة القسرية العراقية البغيضة عليهم، ترفض الوطنية الجامعة ، فللكرد وطيتهم الكردستانية وينفي الشيعة السنة والعكس صحيح. على إمتداد القرون لم يظهر بين العراقيين قادة مثل: عمر المختار وعبدالقادر الجزائري وغادندي وديغول ومصطفى البارزاني وما نديلا، ولم تشتهر اية مدينة لهم بمقاومة المحتل مثلما اشتهرت: ستالينغراد وسواستبول ومقاومة عمال باريس للنازي.. الخ لقد أماتت الاحتلالات والانقلابات والوحدة العراقية القسرية الروح الوطنية لدى العراقيين، أنظر كيف دخلت مجاميع داعشية يوم 10-6-2014 العراق لتقهر 6 فرق عسكرية وتستولي على اسلختها من غير ان تلقى مقاومة تذكر. لقد فشلت النخبة الحاكمة في العراق في حماية البلاد والعباد من الارهاب في نهاية عام 2011 عندما الحت على الامريكان الانسحاب من العراق مدعية ان الجيش العراقي على أتم الجهوزية لحماية الامن والاستقرار واستقلال العراق. وحين تم لها ما اردات، ساءت الاوضاع اكثر واجتاح داعش البلد.
Al_botani2008@yahoo.com