الفساد والمحسوبيات في حكومة النظام … مؤسسة “السورية للحبوب” نموذجاً
يكيتي ميديا
ينخر الفساد مؤسسات حكومة نظام الأسد بأضعاف ما كان عليه مع استمرار الحرب، والحصار، وانتشار أمراء الحرب في أغلب المناطق، حتى بات المتنفّذون متحكّمين بقرارات الحكومة ويفرضون شروطهم على المدراء والوزراء الذين يجنون أيضاً حصتهم إثر عمليات الفساد.
كذلك باتت عمليات الفساد تلقي بظلالها على كاهل المواطن من جميع فئات المجتمع، كما هــو الحال في المؤسسة العامة للمطاحن، وفرعها في محافظة الحسكة، ما انعكس سلباً على نوعية إنتاج رغيف الخبز في جميع الأفران التي تزودها بالطحين.
-شكاوي
فبحسب شكاوى المواطنين، ومع متابعة نوعية رغيف الخبز المنتج في جميع الأفران على امتداد محافظة الحسكة، فإنّ الرغيف المنتج بات لا يصلح للاستهلاك البشري، ليتجه المواطن مضطراً إلى الأفران الخاصة أو ما يعرف بالمخابز السياحية ليشتري ربطة الخبز بملبغ 200 ل.س.
يوزّع فرع المؤسسة العامة للمطاحن في الحسكة الطحين إلى جميع الأفران الحكومية والخاصة (الغير سياحية) بشكلٍ يوميٍ بكمية تصل إلى 450 طن يومياً، بحسب مدير فرع الشركة في قامشلو المهندس جرجس قومي، الذي أضاف في تصريحات لصحيفة تشرين الرسمية بأنّ المطاحن العامة الثلاثة في محافظة الحسكة تقدّم نحو 45% منها والبقية يتمّ تأمينه عن طريق التعاقد مع المطاحن الخاصة.
-مطاحن النظام تحت سيطرة الاتحاد الديمقراطي
يمتلك النظام السوري ثلاث مطاحن، اثنتان في قامشلو، (مطحنة القامشلي+ مانوك) ومطحنة الحسكة وتقع جميعها تحت المناطق الخاضعة لسيطرة الجهات الأمنية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، والتي قامت بالسيطرة عليها بشكل فعلي بداية شهر تموز/ يوليو الجاري، وطرد موظفي الحكومة منها مما دفع بالنظام السوري لتوريد القمح بنظام الدوكما إلى المطاحن حاجة اليوم الواحد فقط، وتهديده لإدارة الاتحاد الديمقراطي بعدم إرسال القمح إلى المطاحن في حال عدم انسحابها من المطاحن مما سيشكل عبئاً إضافيا على المواطنين كون النظام يقوم بدعم مادة الخبر الشكل التالي: الكغ الواحد من القمح الجيد بسعر 185 ل.س + اجور الطحن 8 ل.س + أجور النقل والعتالة، و بالإجمال سيكون سعر كغ القمح المطحون يتجاوز 200ل.س ويقوم النظام ببيع مادة الطحين للأفران الخاصة وتوردها للعامة بسعر الكيس الواحد وزن 50 كغ بسعر 850 ل.س وبالنتيجة يشتري النظام 100 كغ من القمح بـ 18000 ل.س ويبيعها للعامة بسعر 1500 وزن 80 كغ طحين المنتج من 100 كغ من القمح، وعليه فإنّ النظام يدعم مادة الخبز بمقدار 16500 ل.س للكيس الواحد، وفي حين رفع الدعم بسبب سيطرة الاتحاد الديمقراطي على المطاحن سيرتفع سعر الخبز بشكلٍ كبير جداً لا سيما إن إدارة الاتحاد الديمقراطي لن تستطيع تقديم الدعم للخبز على الشكل المقدّم من قبل النظام.
عملية حسابية في حال تقديم إدارة الاتحاد الديمقراطي الدعم مادة الخبز…
تحتاج محافظة الحسكة يومياً 450 طن من الطحين المنتج من 540 طن من القمح، وفي حال تقديم الاتحاد الديمقراطي دعم مادة الخبز سيقوم بشراء 540 طن قمح بسعر 90 مليون ل.س بشكل يومي أي خسارة بسبب سيطرتها على المطاحن وطرد عناصر النظام، وهــذا ما لن تستيطع القيام به بحسب مراقبين.
الفساد في المطاحن ..
وتنتشر في مدينتي الحسكة، وقامشلو مطاحن خاصة عديدة واعتمدت في السنوات السابقة على عمليات التعاقد مع مؤسسة المطاحن، إلا أنّ “عمليات الفساد الممنهجة” بحسب صاحب مطحنة في ريف قامشلو طلب عدم ذكر اسمه، أجبرته على إيقاف العمل، مضيفاً إنّ المؤسسة قامت خلال العام الماضي بفض العروض في دمشق وتحجّجت بعدم إدراج المطاحن الخاصة الواقعة في المناطق خارج سيطرة النظام بالعروض، كونها تقع تحت سيطرة إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي، منوهاً أنّ العملية كلها لإفساح المجال أمام المتنفذ في عمليات تسويق الطحين بدران السالم وهو من أهالي حيّ طي ويملك مطحنتين ذات خمسة رؤوس وتقعان على الطريق الدولي بالقرب مـن الفوج العسكري الخاضع لسيطرة النظام السوري، مشيراً أنه من المقرّبين من محافظ الحسكة الحالي جايز الحمود الموسى، ومدير فرع مؤسسة السورية للحبوب في قامشلو عبيدة علي.
كيف تتمّ العملية..
يقول صاحب المطحنة إنّ “المؤسسة العامة للمطاحن تورد للمتعهّد نوعية جيدة من القمح من الدرجات (الأولى- الثانية- الثالثة) إلا أنّ المتعهّد يبيع كميات كبيرة بحدود 20 إلى 30 طن يوميا من هذا القمح إلى التجار في عمليات لا تتمّ دون تواطئٍ مع الجهات المتنفذة في حكومة النظام في الحسكة، ودمشق، ليقوم بشراء قمح رديء النوع من الدرجتين (الرابعة والخامسة) المخصص للإعلاف، و خلطه مع النوع الجيد وتحويله للطحين وتوريده للأفران”، لافتاً أنّ ذلك كله “ينعكس سلباً على نوعية الطحين المنتج وبالتالي على جودة الرغيف”.
ويؤكّد صاحب المطحنة أنّ حصر توريد الطحين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام “ما هـي إلا عملية فساد للمتنفذين لإفساح المجال أمام بدران السالم لاحتكار جميع العقود”، واصفاً أياه بالـ “حوت”، لافتا إلى أن المتعهد
الأفـران…
تنتشر الأفران الحكومية في المدن الرئيسية والبلدات وتقع بمجملها تحت سيطرة إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي والذي لا يحرّك ساكناً تجاه نوعية الطحين، ولا على عمليات الإنتاج وغير ذلك، بل يهتمّ فقط بعمليات البيع والتوزيع .
وينتج فرن قامشلو الكائن في الحي السياحي نوج جيد من الخبز وهو مخصص لمؤسسات النظام وعناصره في قامشلو، ما ويقوم بعمليات البيع للمواطن.
يُشار إلى أنّ سعر ربطة الخبز من الأفران الحكومية بوزن 2 كغ أي 14 رغيفاً بــ 100 ل.س بينما يُباع الخبز السياحي بـ 200ل.س وبوزن 750 غرام فقط.
المواطن حكمت علي وهو من أهالي مدينة قامشلو أكّــد لـ <يكيتي ميديا> بأنه مضطر لشراء الخبز السياحي في أغلب الأحيان إلا أنه وبسبب الغلاء الفاحش لكافة المواد الاستهلاكية والانخفاض الكبير في سعر الليرة مقابل الدولار، وبقاء الرواتب كما هــي يتّجه إلى شراء الخبز الجكومي مناصفةً مع السياحي خلال الشهر الواحد تماشياً مع الدخل الشهري الضعيف.
و استحدث النظام السوري مؤسسةً جديدةً باسم (السورية للحبوب)، بعد دمج ثلاث مؤسسات، هي المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب، والشركة العامة للمطاحن، والشركة العامة لصوامع الحبوب، على أن يكون المقر الرئيسي للمؤسسة الجديدة في مدينة الحسكة، وسيكون لها فروع أخرى في باقي المحافظات، ويتضمن القرار الجديد إلغاء الفرع الرئيسي السابق لهذه المؤسسات في العاصمة دمشق..
تنتشر الأفران السياحية وبشكلٍ كبيرٍ في الحسكة وقامشلو وباقي المناطق وتنتج كميات جيدة من الخبز بشكلٍ يوميٍ وتعتمد أغلب المطاعم عليها.
الحسكة تنتج أفضل أنواع القمح…
يُذكر أنّ محافظة الحسكة تنتج (65 %) من إجمالي محاصيل الحبوب في سوريا، بحسب المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب، وهـي من أجود أنواع القمح السوري، في المقابل يتمّ تقديم خبزٍ رديءٍ للمواطنين..
الصومال الأكثر فساداً حيث احتلت المرتبة الأخيرة (180)، وسبقتها سوريا واليمن حيث تشاركت الدولتان في المركز (178) بحسب مؤشر مدركات الفساد لعام 2018 والذي تصدره منظمة الشفافية، وقالت المنظمة في تقريرها إنّ العديد من الحكومات العربية تتأثّر سياساتها وتتحدّد ميزانياتها ومصارف أموالها بنفوذ شخصيات تعمل على مصالحها الشخصية على حساب المواطنين.