الكورد و الزوبعة التي تعصف بقضيتهم …
عماد يوسف
تشير الوقائع التي تأتينا من جبهات المفاوضات و المعارك أن الكورد يخسرون الأرواح في جبهة و القضية الكردية في جبهة أخرى , دون أن يكون لتقدّم أحدهم في الميدان و طيران الآخر بين العواصم الغربية أي تأثير في تحقيق مكسب للقضية الكردية في سوريا , سواء بحفظ حقوقهم القومية و الدستورية أو تأمين و تثبيت وجودهم في مناطق تواجدهم و منح الاستقرار السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي في ظل الفوضى العارمة التي تشهدها سوريا , و الحرب المستعرة أوارها منذ خمس سنوات , و عمليات التهجير الممنهج التي طالت الكورد أكثر من غيرهم في ظل مرحلة سيطر فيها فصيل كردي على المناطق الكردية ..
و قد جاء في الأثر ” فإنّ المنبتّ لا أرضاً قطع و لا ظهراً أبقى ” . والمنبتّ هو الذي يواصل السير مواصلة مستمرة، ثم يكون من آثار مواصلته أنه يقطع مسيرة خمسة عشر يومًا في خمسة أيام دون أن يريح نفسه و لا راحلته ، ثم يبرك به جمله ويهزل وينقطع به الطريق ، فلا هو الذي رفق ببعيره حتى يوصله ولو بعد عشرين يومًا، ولا هو الذي قطع الأرض كلها، بل برك به بعيره في برية؛ وذلك لأنه كلف نفسه، وكلف بعيره فسار عليه حتى أهزله.
ويبدو أن المنبت هنا هم الكورد بطرفيهم سواء المتحالف مع النظام و الذي دفع بالآلاف من الشباب الكورد في معاركه ضد تنظيم داعش المتطرف دون أي ثمن لدمائهم في كسب أي اعتراف رسمي من قبل نظام الأسد بالكورد و حقوقهم , بل حتى مع تسلم حزب الاتحاد الديمقراطي لزمام الأمور الأمنية و الخدمية في المنطقة الكردية يعيش الكرد في أدنى درجات الفقر و أسوأ ظروف العيش , بسبب قيام الحزب بعمليات التطهير السياسي و الممارسات التعسفية بحق كل المخالفين له مع فقدان أبسط متطلبات الحياة من ماء وخبز و كهرباء و محروقات و غلاء فاحش للأسعار .
بينما انضم المجلس الوطني الكردي للائتلاف المعارض إيماناً منه بقيم الثورة و الانتقال إلى نظام و دولة ينتقل فيها الكورد من حالة الشعور بالغبن إلى حالة الشعور بالانتماء , لكن المسيرة التي خاضها الكورد مع المعارضة و التي هزلت وضعفت حيناً بسبب الحالة التي يعيشها أنصار القضية القومية للكرد و التي يمثلها المجلس في سوريا جراء قوانين و ممارسات حزب الاتحاد الديمقراطي عليهم كانت لها تأثيرها على قوة موقف المجلس في الائتلاف و الهيئة العليا للمفاوضات , و انقطعت بهم السبل حيناً آخر بسبب تجاهل هيئة المفاوضات و معارضة هيئة التنسيق المنضوية فيها للمطالب الكردية بإدراج القضية الكردية في مباحثات جنيف .
و بلا شك فإن الخطوة التي قام بها المجلس الوطني الكردي في تعليق مشاركته في مفاوضات جنيف قد أثارت زوبعة إعلامية كبيرة , و جاءت خطوة في الاتجاه الصحيح لتثبيت حضور الكورد و قضيتهم و الضغط على الأطراف المفاوضة السورية منها و الدولية لعدم تجاهل الملف الكردي , كما جاء بمثابة ردّ قوي على بعض الدول التي كانت تتبجح بعدم وجود الكورد في المفاوضات , و مما لا شك فيه فإن حالة التشتت و الفرقة السائدة لدى الكورد و العداء المستشري بينهم هو بمثابة استنزاف لمسيرتهم في الحرب و المفاوضات و من شأنها أن تقربهم من شأن المنبتّ المغلوب على أمره .
عماد يوسف
المنسق العام لحركة الشباب الكورد
الخميس 30 / 3 / 2017
جميع المقالات المنشورة تعبر عـــن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عــن رأي يكيتي ميديا