ملفات و دراسات

الكُرد في الشتات.. أسباب ونتائج

تورجين رشواني

من خلال دراستنا للكتب الثقافية، منها التاريخية والجغرافية ، و من خلال وسائل الإعلام((تلفزيون. راديو. صحف)) ووسائل التواصل الاجتماعي ((فيسبوك .يوتيوب … )) أدركنا أنّ الكثير من الكُرد الآن هم في الشتات ولم تربطهم رابطة بوطنهم الأم سوى أصولهم الكُردية، أما هجرتهم فسواءً كانت بأسباب مباشرة أو غير مباشرة أو إن كانت بسبب انضمامهم إلى جيش صلاح الدين الأيوبي ضد الحملات الصليبية، أو حدثت في العصر المملوكي أو نتيجة نفيهم من قبل سلاطين الباب العالي في الدولة العثمانية، والتي كانت تنفيهم بموجب قراراتهم وفرماناتهم التعسفية والظالمة أو نتيجة هجراتهم للبحث عن الرزق أو لأسباب سياسية .فقد لاذ الكثير من الكُرد الى دول أخرى . لكن السببين الكبيرين هما انضمامهم إلى جيش صلاح الدين الأيوبي والسياسات التعسفية التي اتبعتها الدول الحاكمة .

وبناءً عليه فلقد سمعنا و شاهدنا الكثير من ذوي الأصول الكُردية في الشتات وقد استوطنوا في تلك الدول، وأصبحوا مواطنين لتلك الدول ، ففي مصر وحدها الآن يبلغ تعداد الذين هم من أصول كُردية بين مليونين الى خمسة ملايين نسمة ، حسب بعض المصادر ونذكر منهم المشاهير والمثقفين الذين رفدوا إلى الحضارة المصرية من ينابيع أفكارهم وهم على سبيل المثال لا الحصر ((1- مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا .2- عائلة الخديوي بالكامل . 3-المصلح و الشيخ محمد عبدو. .4-القاضي قاسم امين .5- الخطاط محمد حسني البابا . 6-أمير شعراء العرب احمد شوقي .7-قارئ القرآن الشيخ عبد الباسط عبدالصمد . 8-علي بدرخان ومحمد بدرخان .9-نجيب الريحاني. 10- الممثلة سعاد حسني. 11- نجاة الصغيرة شقيقة سعاد حسني 12-الكاتب عباس محمود العقاد .13-ابو الحاجب .14-احمد تيمور باشا .15-ادهم وانلي .16-واول امرأة تحصل على شهادة الدكتوراة في مصر في الأدب من أصول كُردية تدعى سهير القلماوي. .17-الممثلة شيريهان18- شقيقها عازف الكيتار الأول عمر خورشيد .19- الممثل القدير محمود المليجي .20- الكاتبة والصحفية درية عوني .وغيرهم…

أما في السودان :

فكان مجيئ الكُرد الى السودان ابان الحملة الصليبية أي قبل 800 عام تقريباً وحصراً في عام 1772 ميلادية ، والذين أرسلهم صلاح الدين الأيوبي بقيادة شقيقه توران شاه بحملة على النوبيين وبعد تأديبهم رجع إلى مكانه لكنه خلّف وراءه الكثير من أتباعه، ويبلغ تعداد الكُرد في السودان الآن ما يقارب 80 ألف نسمة حسب بعض المصادر ، وهم يسكنون في غرب السوداني في ولاية كورد فان وحصراً في مدينة قضاريف وفي أم درمان وكسلا ومناطق أخرى متفرقة ولقد سميت كوردفان باسم المدينة التي أتوا منها وتعني أكراد مدينة وان التي ترجع أصولهم اليها و تتميز بلدة بارا بأنّ جميع سكانها من الكُرد
أما قصة المناضل الكُردي عثمان دقنة في السودان أنه قاد مجموعة من المناضلين والمجاهدين وقد حارب الاستعمار الانكليزي فقد كان بحق من دهاة المخططين للحروب ، لكن في الأخير الانكليز ألقوا القبض عليه ومات في السجن، ويقال أنّ الإنكليز نهجوا خطط عثمان دقنة في المعارك ، ويوجد كتاب في الصف الثالث الابتدائي يسرد بطولاته و من الشخصيات الكُردية المشهورة في السودان
هم :
1- علي محمد الكُردي الذي وصل إلى رتبة فريق في الجيش السوداني
2- الصحفي وجدي الكُردي

أكراد اردن .

استوطن الكُرد في الاردن لعدة أسباب ففي عام 1773 مع صلاح الدين الأيوبي ومع القوات المسلحة العثمانية وأيضاً فرّ البعض من فلسطين ايام النكبة وأيضاً فرّ البعض الآخر منهم من المذابح التركية في العشرينيات وقسم آخر عندما اندلعت حرب الخليج وقد استوطن أغلبهم في العاصمة عمان واربد والسلط والزرقاء وتتراوح أعدادهم ما بين 50الى 100الف نسمة ومن الشخصيات الكُردية البارزة والتي تبوأت وظائف لامعة في المملكة الأردنية
منهم من تقلد رئاسة الوزراء كسعد جمعة وصلاح جمعة وزيرا للزراعة والتموين والدكتور يوسف ذهني وزير الشؤون الاجتماعية ورشيد المدفعي وزير الداخلية والدفاع وسعد الدين جمعة أمين عام رئاسة الوزراء والدكتور اشرف الكردي وزير الصحة وعلي سيدو كوران مدير منطقة وصاحب القاموس الكُردي العربي وغيرهم وللاكراد في الاردن جمعية خاصة بهم ويحتفلون سنوياً بعيد نوروز ولهم جرائد ومجلات ولقد لعبوا دورا بارزا في تكوين حضارة الاردن .

أكراد لبنان

لقد استقرّ الكُرد في لبنان منذ زمن طويل وخصوصاً إبان الحملة العثمانية لكن يجب أن لا ننسى أن والد صلاح الدين الأيوبي نجم الدين كان والياً على بعلبك اذاً يتبين أنّ حضور الكُرد يمتد الى عشرات السنين ومن العوائل الكُردية المشهورة في لبنان المعنيين والجانبلاطيين والمرعبي وعبود و سيفا وغيرهم ويبلغ عددهم في لبنان 100 ألف نسمة لكن الدستور اللبناني لا يعترف بهم ويعتبرون مواطنون من الدرجة الثانية …

أكراد أوروبا
**

في الستينيات فتحت بعض الدول الأوروبية أبوابها وقد استقبلت بعض العائلات الكُردية من تركيا وتمّ تسميتهم ضيوف أوروبا لكن بعد أن قرر الملا مصطفى البارزاني ترك الصراع المسلح فقد لاذ الكثير من أكراد العراق سياسيين وبيشمركة ومدنيين لكن في الثمانينيات بعد أن قام كنعان افرين بانقلاب في تركيا ووضع الكثير منهم في السجون التركية من أكراد تركيا لذلك كانت الهجرات المتوجهةالى اروباو .

عندما اندلعت الحرب في سوريا خرجت الكثير من العائلات الكُردية السورية إلى اوروبا خوفاً من المنظمات الإرهابية
أكراد باكستان، في مقابلة تلفزيونية مع قناة روداو الكُردية صرّحت وزيرة الإنتاج الحربي الباكستاني زبيدة جلال بأنها هي وزوجها ينحدران من أصول كُردية وقالت في منطقة بلوجستان الباكستانية يوجد ما يقارب أكثر من 100 ألف ينحدرون من أصول كُردية ومازالوا يحتفلون بعيد نوروز ويحيون ذكرى مجزرة حلبجة ويسرد الكُردي الأردني علي سيدو كوران فيقول
كنت أتجول في أماكن تواجد الاكراد لأحصل على كم من الكلمات الكُردية الأصيلة لكي أخرج فيه قاموسا كُردياً عربياً ويقول بينما كنت في القطار في باكستان فشاهدت طفلاً يبيع بعض البسكويت على طبلة خشبية فقلت في نفسي هذا الطفل يشبه الاكراد ، طبعاً كنت أتكلم باللغة الكُردية وبسرعة البرق ردّ علي الطفل وقال عمو أنا ووالدي أكراد ونعيش في قرية قريبة من هنا .

الاكراد في الاتحاد السوفياتي سابقاً.

تواجد الكُرد في القوقاز منذ أمد بعيد بحثاً عن الرعي والكلأ لكن بعد المجازر التي تمّت بحق الكُرد من قبل الصفويين والترك التجأ الكثير من الكُرد الى منطقة القوقاز والاتحاد السوفياتي سابقاً في طاجكستان وقرقزستان وداغستان وتركمانستان و كازغستان وقد أقرّ بحقهم لينين بالحكم الذاتي في كُردستان الحمراء عام 1923 إلا أنها لم تدم طويلاً وقد قام ستالين بحملة على الاكراد هناك إرضاء لاهواء الأتراك مقابل بعض النفط وهناك رائع آخر يقول إنّ عشيق والدة ستالين كان كُرديأً يدعى شيركو وهناك راى ثالث يقول كان ستالين يريد أن يطهر البلاد من الأقليات لذلك نفى الكثير من الاكراد إلى صحاري سيبيريا ورماهم من القطارات وحتى منعهم من التنقل حيث يقول أحمد سلو باباييف كنت مديراً لأحدى المراكز الزراعية وكوني كنت أجيد عدة لغات ترشيحي الى مركز رفيع وقال المسؤول أنت جدير باستلام هذا المنصب لكن لست ازربيجانياً ولا أرمينياً ولا كاغزتانيا لأنك كَردي فأنت غير مقبول وهنا يقول أحمد سلو صرخت بأعلى صوتي يا الله ما هذا الظلم ويقول كادميك نادير ناديروف

لقد وضعونا بعربات القطار كما يضعون الدواب ورمونا في صحاري كازخستان و وزعوا علينا الخيم وكان البرد قارساً وفي اليوم التالي أقبل جهاز المخابرات وتداول بأسماء الشباب وكنا نعلم أنهم لن يعودوا .
ويتواجد الكُرد في كازاخستان قرابة 250 ألف نسمة

وأخيراً نستنتج أنّ سبب تشتت الاكراد هو1_ انضمامهم إلى جيش صلاح الدين الأيوبي ,وكان سببه صراع ديني
2- السياسات الظالمة من قبل الحكومات الحاكمة على أراضي كَردستان وسببه صراع سياسي . وكانت النتيجة انسلاخ وابتعاد هؤلاء الكُرد عن وطنهم الأصلي وموطن ولادتهم، والابتعاد عن أهاليهم ، وغرس جروح عميقة في قلوبهم لا تنتسى والتاريخ لا ينسى.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “320

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى