آراء

المثلث الحدودي العراقي / السوري/الأردني تحت الضوء

فؤاد عليكو

منذ شهورٍ عدة والحديث يدور حول الاستعدادات العسكرية الأمريكية في ربط منطقة شرق الفرات بقاعدة التنف الأمريكية الواقعة على مثلث الحدود العراقية /السورية /الأردنية، بغية سدّ الطريق أمام التواصل الإيراني الجغرافي مع سوريا ولبنان عبر العراق، إضافة الى مراقبة المنافذ البحرية للسواحل السورية اللبنانية أمام السفن الإيرانية بالتزامن مع المراقبة الجوية للمطارات السورية وقصفها إسرائلياً، كلما اقتضى ذلك، وهذا ما يحصل باستمرار منذ سنوات، واذا ما حصل ذلك فإنه سؤدّي تلقائياً الى محاصرة إيران في سوريا ولبنان، وتحجيم دورها كثيراً فيهما، وهذا العمل – إذا ماتحقّق- يتقاطع مع رغبة الدول العربية في تقليم أظافر إيران في هاتين الدولتين، والذي يعتبر أحد الأسباب الرئيسية في الانفتاح العربي على النظام السوري مؤخراً. وهذا ما لاتقبل به إيران في مطلق الأحوال ومن خلفه روسيا في خلق واقعٍ جديد على الجغرافيا السورية، يفضي بالنتيجة الى إضعاف دور روسيا أيضاً في سوريا، لأنّ الدولتين تشكّلان ثنائياً متكاملاً ،عسكرياً ولوجستياً، على الأراضي السورية بغية الحفاظ على منع سقوط النظام السوري الحليف لهما، واللذّان قدّما تضحيات كبيرة بشرياً واقتصادياً، ومنذ اثني عشر عاماً في سبيل بقائه، وهذا يعني حتمية التصادم العسكري بين قوى التحالف الدولي بقيادة أمريكا وحلفائها وإيران وحلفائها في المنطقة، وعلى الرغم من ورود عشرات التقارير الإعلامية في تناول المشهد إلا أنه لايوجد أي تأكيد رسمي من جانب أمريكا لتأكيد هذه المعلومات أو نفيها، وكل مايتمّ الإشارة إليه من مصادر غير مؤكدة ومجرد تحاليل انعكاسية لهذه الأخبار، لكن ماهو مؤكد هو حصول حشود عسكرية ضخمة في البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي والخليج العربي ( غواصات، حاملة الطائرات، سفن حربية) وهذا ماحصل في حرب الخليج الأولى ١٩٩٠ أثناء تحرير الكويت وحرب الخليج الثانية بإسقاط الطاغية صدام حسين ٢٠٠٣ وكذلك أثناء احتلال أفغانستان ٢٠٠١، كما أن زيارة وفد عراقي عسكري وامني لواشنطن برئاسة وزير الدفاع منذ أيام وتسريب معلومات عن زيارة الوفد عبّر عنها النائب العراقي الدكتور وعد قدو عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي على فضائية عراقية بأنه تمّ نقل ٣٠٠٠جندي أمريكي إلى قاعدة عين الأسد في الأنبار، وأنّ الأمريكيين طلبوا من الوفد مساعدتهم في حماية الحدود العراقية/ السورية وهذا يفسّر بأنّ عليهم وقف تحرك المليشيات العراقية العاملة في سوريا تحت الإشراف الإيراني، وهي مهمة شبه مستحيلة لقيام الجيش العراقي بها لأنها ستفضي الى التصادم بين الجيش العراقي وتلك الفصائل المدعومة من إيران، خاصةً في ظلّ حكومة عراقية داعمة لهذه الفصائل وحامية لها، وفي حال صدقت هذه التسريبات بأنّ أمريكا تحشد قواتها وتبحث عن قوى محلية لمؤازرتها على الأرض ، وجدير بالذكر أنّ قيادة قسد أعلنت رفضها المشاركة في مواجهة إيران نظراً للعلاقة القوية بين pkk المسيطر على قرار قسد عملياً وإيران، وإذا ما حصل مثل التصادم فإنّ المنطقة ستتحوّل الى كتلةٍ من النار من إيران حتى لبنان وتخرج عن السيطرة، ولا أحد يستطيع التكهن بمدتها ومداها وتباعتها على المنطقة، وهذا ما تتحاشاه أمريكا وايران معاً.

من جانبٍ آخر وعلى العكس من هذا السيناريو تماماً، هو حصول تفاهم أمريكي /إيراني في عُمان بالأفراح عن خمسة سجناء أمريكيين في إيران مقابل إفراج أمريكا عن عشرة مليار دولار إيراني، تزامن ذلك مع تصريحات أمريكية بأنّ الأجواء كانت ايجابية تناولت قضايا أخرى مثل الاتفاق النووي وأمن المنطقة، وهذا ما ازعج إسرائيل كثيراً وتخشى من وجود صفقة تحت الطاولة قد حصلت بين أمريكا وإيران، وحذّرت أمريكا إسرائيل من القيام بأي عملٍ عسكري ضد إيران، في هذه المرحلة، دون موافقتها، ومن جانب آخر فقد صرّح وزير الخارجية الايراني قبل توجهه الى السعودية بالقول: بأننا أمام مراجعة لاستراتيجتنا في المنطقة وعلاقاتنا مع دول الجوار، دون الإفصاح عن ماهية هذه المراجعة، وهل يقصد بها التراجع عن تدخلها الإقليمي مقابل عودتها الى المجتمع بالتفاهم مع أمريكا مؤخراً.

الخلاصة نحن أمام سيناريوهين متناقضين ويتفاعلان إعلامياً بالتحليل والدراسة يومياً والسؤال : أيهما سيتحقّق؟. هذا ما ستكتشفه الشهور القادمة.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “311”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى