آراء

المجلس الوطني الكردي ممثلاً عن الكرد ’’ سوريا ’’

محمد رمضان
نجحت الدبلوماسية الكردية من خلال ’’ المجلس الوطني الكردي ’’ بوضع موطئ قدم لها على عتبة المحافل الدولية نتيجة الجهود الرامية التي قامت بها لجنة العلاقات الخارجية للمجلس في محطات أوربية عدة بدءاً من ’’ باريس وفينا وبرلين ومروراً ببروكسل ولندن وغيرها من العواصم الأوربية الأخرى المهتمة بملف الأزمة السورية وبعد أن تم فتح مكتب خاص بالمجلس المذكور في العاصمة السويسرية ’’ جنيف ’’ برعاية خارجية ’’ ألمانيا الاتحادية ’’ فكان بمثابة دفعة معنوية نحو فتح قنوات وآفاق جديدة أمام المجلس لإيصال الصوت الكردي في كردستان سوريا إلى أروقة مركز الثقل الدولي بصفته ممثلا عن الكرد وبالتالي وجّهت الدول الراعية للمفاوضات ’’ أستانا ’’ الذي انعقد في الثالث والعشرين من شهر ’’ يناير ’’ كانون الثاني الجاري في العاصمة الكازاخية بدعوة رسمية للمجلس الكردي كجسم سياسي ممثلاً باسم رئيس المجلس ’’ إبراهيم برو ’’ ,
وينضوي تحت راية المجلس الوطني كبرى الأحزاب الكردية وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني –سوريا الذي تشكل مؤخراً من أربعة أحزاب تقليدية وحزب يكيتي الكردي وتيار المستقبل وحزب يكيتي الذي تبنّى القضية الكردية بمعالم واضحة من خلال برنامجه السياسي ونظامه الداخلي الذي غيّر ملامح الحركة الكردية في سوريا في بداية الألفية الثانية ، حيث قام الحزب المذكور بمظاهرات و اعتصامات في العاصمة السورية ’’ دمشق’’ تعرّض على إثرها العديد من قيادييه للاعتقال والتعذيب وحتى الموت في الفروع الأمنية السورية.
وكلّ ما سبق ذكره أعلاه يضع المجلس الوطني أمام تحديات كبيرة خاصةً أنّ البيت الكردي يعاني من انقسامات داخلية حادة بسبب تعنت حركة المجتمع الديمقراطي ’’ تف دم ’’ الذي يتشكل من عدة أحزاب اسمية بإشراف حزب الاتحاد الديمقراطي ’’ ب ي د ’’ الذي يقال عنه الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا والذي يسيطر بدوره على المناطق الكردية ’’ كوباني ’’ عفرين ’’ الجزيرة ’’ بقوة السلاح لهذا يرفض أية شراكة مع المجلس الوطني وهناك أطر كردية أخرى خارج الصراع مثل التحالف الديمقراطي الكردي والحزب الديمقراطي التقدمي الكردي اللذان لا حول ولا قوة لهما في ترتيب البيت الكردي.
وإن انقسام البيت الكردي لم يأتِ من فراغ إنما جاء على خلفية ما قام به النظام السوري حين تسليم المدن والبلدات الكردية إلى حزب الاتحاد الديمقراطي وشدت من قبضته على المدن الكردية وتضييق الخناق على مناصري المجلس وسوقهم إلى السجون وانضمامهم عنوة إلى القوة العسكرية التابعة لها وهذا ما زاد من الشرخ داخل البيت الكردي بين من وقف مع الثورة السورية ومن وقف ضد الثورة وهنا وجد المجلس الكردي نفسه أمام خيار الانضمام إلى الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة رغم أن موقف الائتلاف ضبابي من القضية الكردية في الوقت الراهن ورغم أن الوثيقة الموقعة بين المجلس الكردي و الائتلاف السوري لم ترَ أي نور في هذه المرحلة مع تحفظ المجلس على البند الثالث من الوثيقة” يتحفظ المجلس الوطني الكردي على ما جاء في المادة الثالثة” ويرى أن النظام اﻻتحادي هو اﻷكثر تلبية لحاجات المجتمع السوري دون أن يعيق ذلك انضمامه للائتلاف والعمل من داخله على تحقيق ذلك حيث يؤكد الائتلاف أن سورية الجديدة دولة ديمقراطية مدنية تعددية، نظامها جمهوري برلماني يقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات وتداول السلطة وسيادة القانون، واعتماد نظام اللامركزية الإدارية بما يعزز صلاحيات السلطات المحلية.
وهذا الانقسام يضعف موقف المجلس الوطني أمام الدول الإقليمية خاصة تركيا وإيران اللذان تحتلان أجزاء من كردستان وهما بدورهما يحاولان بشتى الوسائل وأد القضية الكردية وربما الخلافات التركية الإيرانية في هذه المرحلة تأتي لصالح القضية الكردية.
وأضعف الإيمان إننا أمام الإقليم الكردي الجديد في كردستان ’’ سوريا ’’ على غرار إقليم كردستان العراق ليشبه إلى حد ما بحزام احترازي في وجه أطماع إيرانية ذات صبغة طائفية بعدما احتلت عدة عواصم عربية ’’ دمشق , بيروت ,صنعاء ,بغداد ’’ هذا مما يزيد من المخاوف التركية حيال ذلك خاصة بعد رحيل ’’علي أكبر هاشمي رفسنجاني ’’ الذي كان له تأثير كبير في السياسة الإيرانية وغيابه سيضع إيران على المحك وخاصة مع قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة ’’ ترامب ’’.
خلاصة القول أن مشاركة المجلس الوطني الكردي في الاجتماع الأخير ’’ أستانة ’’ لم يكن في مستوى طموح الشارع الكردي تعود إلى عدة عوامل تتعلق بسير العملية التفاوضية أولاً إن الاجتماع لم يكن سوى تثبيت لوقف إطلاق النار في عموم الأراضي السورية وكذلك قضية المعتقلين لهذا لم يطرح المجلس رؤيته السياسية لحل القضية الكردية على الطاولة.
وهذا يدل أن الطريق أصبح سالكاً أمام الوفد الكردي إلى ’’ جنيف3’’ الذي سنيعقد في 8 من شهر شباط القادم و بعدما طرحت روسيا مشروع مسودة الدستور لسوريا و يخصّ الكرد في عدة بنود أهمها ’’ اللغة الكردية ’’ الحكم الذاتي ’’ للمناطق الكردية هذا ما يجعل مهمة المجلس الوطني الكردي سهلة أمام الاستحقاقات القادمة للقضية الكردية في أيّ حلّ ينهي الحرب الدائرة في سوريا التي تقارب عامها السادس ونترك جلاء الصورة للأيام القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى