المرأة والتنظيم
ليلى قمر
بدايةً – أقرّ – بأنّ التصدي لموضوعة المرأة والعمل السياسي ومن ثم الانخراط المنظم في هيكلياتها التنظيمية منذ بداية تشكل الأطر – الإطار الحزبي سيبقى ذلك بالفعل أمرٌ شائك ، وذلك لعوامل عديدة تمّ التطرق لها ، وأيضاً في مناسبات عديدة ، وإن لم يخلُ الأمر مطلقاً وحتى قبل انطلاقة العمل التنظيمي، منذ تأسيس خويبون ، وبالتدرج معها ، حيث ظهر في المشهد الثقافي وبالترادف مع التشكلات السياسية مايمكن تسميته بأدب الصالونات من جهة وأيضاً مرادف لما مارسته البعض من سيدات المجتمع، خاصةً منه الدمشقي ، من خلال عدة نساء تبوأ أزواجهنّ مهام كبيرة في نظم الحكم ، وهنا واستطراداً ومن دون الدخول في تفاصيل وسرديات كثيرة ، إلا أنّ نسوة كثر تصدّرن المشهد ، وكمثالٍ يمكن ذكر الأميرة روشن بدرخان وغيرها ، وهنا دعونا تختزل الواقع وصولاً إلى مرحلة تأسيس أول حزب سياسي كُردي ، هذا الحزب الذي وإن ساهمت في أنشطته الأكثر خطورةً بعض النساء إلا أنها لم ترتقِ إلى الإنخراط التنظيمي ، سوى بعضهنّ، اللاتي وبحكم الأسرة انضمّوا إلى صفوف الحزب الشيوعي السوري ، وفي الواقع فقد كان للمد اليساري الذي أخذ يتبلور وينمو في بنى هيكلة الحركة الكردية في سوريا ، وكذلك وبالتاثر مع تجربة انخراط النساء في الكفاح المسلح في ثورة القائد الخالد مصطفى البرازاني ، إضافةً إلى انفتاح الأسر نسبياً على تعلم الفتاة ، كلها فتحت نسبياً مجالاً أمام ظاهرة تخطي المرأة خطوة إلى الإمام نحو الأطر التنظيمية والمشاركة في الحياة السياسية وإن ظلّت ولفترةٍ طويلة في نطاق الدائرة اللوجستية والخدمية ، والأهم أنها بقيت في ولائها وبغالبيةٍ كبيرة تسير فلك ولاء الأسر والعائلات وتوجهاتها ، ولكن مع طفرة التعليم خاصةً ما تلى مرحلة السبعينات ، ظهرت بوادر تنظيمية خجولة لم ترتقِ مطلقاً إلى سوية الانخراط الواسع في بنى الحركة الكُردية، وإن تفاعلت أحزابها وخطت وإن ببطءٍ في ذات المجال ، وهنا ودرءا للتكرار من جهة وكغاية رئيسة في إضفاء بعضٍ من المصداقية في هذا المجال ، ومن خلال تجارب التنظيمات الكُردية ، وكتوكيد عملي من النسوة في إثبات الحضور السياسي الراقي والمشاركة العملية في كافة أشكال النضال من أجل القضية القومية ، ورغم تخطي غالبية الأحزاب نظرياً الفارق، وإن بقيت الهيمنة الذكورية هي السائدة ، وبالرغم من التحفظ الأنثوي الشديد على ظاهرة الكوتا والنسبة والتي يتوجب على الجميع تخطيها، واعتبارها كجزءٍ من ميراث ذات الوعي الذي لازال يهيمن على العقلية الذكورية ، ورغم إقراري بازدياد عدد القيادات النسائية ، لا بل وصول بعضهنّ إلى رأس الهرم التنظيمي في بعض الأحزاب ، إلا أننا جميعاً لازلنا في ذات التصور وذلك في خاصية عدم عدم التناسب الفعلي بين تلك الإجراءات والوعي لابل الإيمان الحقيقي بمفهوم المساواة العملية من جهة ، والسعي التطبيقي أيضاً لجدلية تلك المساواة التي نادى بها غالبية المشرعين للمساواة الحقيقية بين البشر ، وهنا لابدّ لي من الإشارة الى دور المرأة الكُردية داخل التنظيمات السياسية الكُردية ، وأن كنت سأركّز على ما أخذ يتمنهج داخل حزب يكيتي الكُردستاني في سوريا ، والسعي بخطىً حثيثة لتخطي ظاهرة الكوتا ، وللحق – بتصوري – إنّ وصول أربعة وجوه نسائية إلى عضوية المكتب السياسي من جهة وكذلك كما أشرنا سابقاً وجودهن في هرم أحزاب أخرى ، هي كلها مؤشرات وإن كانت توحي وببطءٍ شديد إلى أنّ مسار المساواة بين الجنسين في الأفق التنظيمية تتخذ وتسير في منحىً صحيح ، ويتوقّع أن تزداد اطراداً في السنين القادمة التي قد تشهد فعلاً بروزاً نسائياً أكثر وضوحاً في هرم التنظيمات ، هذا الأمر الذي يدفعني ، في نهاية كلماتي ، أن أركّز على أخواتي ،وانا منهنّ ، العمل الدؤوب والانخراط التام مساهمةً وتشاركاً في تحمل كافة المسؤوليات وتبعاتها.